شهدت الحياة البرلمانية والديموقراطية المتمثلة في مجلس الأمة طوال أكثر من 60 سنة 9 رؤساء لمجالس الأمة المتعاقبة في دولة الدستور والمؤسسات، ابتداء من نشأة الدستور عام 1962 حتى عام 2024، كما شهدت في الوقت نفسه 3 رؤساء لمجالس أمة مبطلة في عامي 2012 و2022.
ومرت الحياة الديموقراطية في الكويت منذ عهد الإمارة إلى عصر دولة الدستور والسيادة بمحطات مهمة، إذ مورست الديموقراطية والشورى منذ بداياتها في الدواوين حتى وصلت إلى مرحلة تأسيس مجلس الأمة الذي يعد البيت الكبير لممثلي الشعب.
ويختار المجلس في أول جلسة له ولمثل مدته رئيساً ونائب رئيس من بين أعضائه، وإذا خلا مكان أحد منهما يختار المجلس مَن يحلّ محله إلى نهاية مدته، ويكون الانتخاب في جميع الأحوال بالأغلبية المطلقة للحاضرين، ويرأس الجلسة الأولى، إلى حين انتخاب الرئيس، أكبر الأعضاء سناً، ويسمى رئيس السنّ، وهو من يرعى انتخابات رئاسة المجلس ونائب الرئيس ومناصب مكتب المجلس بعد أداء اليمين الدستورية لأعضاء مجلس الأمة.
وإذا كان اختيار أعضاء مجلس الأمة يقع على عاتق الشعب الكويتي، فإن رئيس المجلس يختاره أعضاء المجلس الذي يتألف من 50 عضواً، ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بالمجلس أعضاء فيه بحكم وظائفهم، إذ لا يزيد عدد الوزراء على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة.
ومن المقرر أن ينتخب مجلس أمة 2024 رئيساً له، بعد إعلان ترشح اثنين من النواب خوضهما سباق الرئاسة، هما أحمد السعدون وفهد بن جامع، وسط توقّعات بحدوث مفاجآت خلالها، مثل دخول نائب أو أكثر سباق المنافسة.
الجلسة الافتتاحية
وستشهد الجلسة الافتتاحية الرسمية في 14 مايو المقبل إمّا رئيساً جديداً لمجلس الأمة إذا حالف الحظ بن جامع والصعود لمنصة الرئاسة، أو تكون الفترة الرئاسية الخامسة للسعدون، أو ربما تكون هناك نتيجة أخرى.
وكان نصيب الأسد من رئاسة مجلس الأمة لرئيسه الأسبق الراحل جاسم الخرافي، الذي تولى رئاسة المجلس لخمسة فصول تشريعية امتدت على التوالي من الفصل التشريعي التاسع 1999 وحتى الثالث عشر 2009، تلاه أحمد السعدون الذي ترأس مجلس الأمة لأربعة فصول تشريعية بدأت في «التشريعي» الخامس 1981 - 1985، وكان آخرها السابع عشر 2023 - 2024،
وجاء الغانم ثالثاً، حيث ترأس المجلس 3 دورات امتدت من الفصل التشريعي الرابع عشر 2013 - 2016 حتى السادس عشر 2020 - 2023.
وتناوب على الرئاسة طوال الفترة السابقة من انعقاد مجلس الأمة 9 رؤساء مجالس هم: عبداللطيف ثنيان الغانم، وعبدالعزيز حمد الصقر، وسعود عبدالعزيز العبدالرزاق، وأحمد زيد السرحان، وخالد صالح الغنيم، ومحمد يوسف العدساني، وأحمد عبدالعزيز السعدون، وجاسم محمد الخرافي، ومرزوق علي الغانم.
وكانت الانطلاقة في رئاسة مجلس الأمة من خلال عبداللطيف ثنيان الغانم، الذي ترأس
المجلس التأسيسي 1962 - 1963، ويعتبر الغانم رئيس المجلس التأسيسي الكويتي ورئيس لجنة الدستور في المجلس نفسه.
تلاه عبدالعزيز حمد الصقر رئيساً للمجلس للفصل التشريعي الأول 1963 - 1965، وشغل هذا المنصب عقب تزكيته لأول مجلس نيابي كويتي. ثم سعود العبدالرزاق، الذي خلف الصقر رئيسا للمجلس للفصل التشريعي الأول بعد استقالته، وكان ذلك خلال الفترة من 1965 - 1967.
رؤساء المجالس
وترأس أحمد السرحان المجلس للفصل التشريعي الثاني في الفترة من 1967 - 1970، ثم أتى خالد صالح الغنيم ليكون رئيسا لمجلس الأمة للفصلين التشريعيين الثالث 1971 - 1975، والرابع 1975-1976، أما محمد يوسف العدساني فترأس المجلس للفصل التشريعي الخامس 1981 - 1985، بينما جاء أحمد السعدون ليتبوأ رئاسة المجلس لأربع فصول تشريعية هي السادس 1985 - 1986، والسابع 1992 - 1996، والثامن 1996 - 1999، والسابع عشر 2023 - 2024، أما جاسم الخرافي فترأس مجلس الأمة للفصول التشريعية
التاسع 1999 - 2003، والعاشر 2003 - 2006، والحادي عشر 2006 - 2008، والثاني عشر 2008 - 2009، والثالث عشر 2009- 2011.
بينما ترأس مرزوق الغانم مجلس الأمة للفصول التشريعية الرابع عشر 2013- 2016، والخامس عشر 2016- 2020، والسادس عشر 2020 - 2023.
وشهدت الحياة البرلمانية 3 رؤساء مبطلين لمجلس الأمة، نتيجة لإبطال المحكمة الدستورية 3 مجالس، اثنان منهما في 2012، وواحد في 2022.
وترأس المجلس المبطل الأول في فبراير 2012 علي الراشد، ثم ترأس المجلس المبطل الثاني في ديسمبر 2012 أحمد السعدون، الذي ترأس في الوقت نفسه بعد 10 سنوات مجلس 2022 المبطل الثالث.
تصوير وباركود
وبعد حادثة تصوير أوراق الاقتراع الشهيرة والباركود التي سادت انتخابات الرئاسة في مجلس 2020 عند ترشح كل من مرزوق الغانم وبدر الحميدي لهذا المنصب، والتي أحدثت جدلا سياسيا ودستوريا كبيرا لا تزال تبعاته حتى يومنا هذا، حذّر رئيس السن الذي سيترأس الجلسة الافتتاحية لمجلس 2024، صالح عاشور، من مغبة تصوير النواب أوراق الاقتراع، مشيرا الى أن ذلك ممنوع بتاتا، ولن يُسمح به تطبيقا للقانون واللائحة الداخلية، مؤكدا سرية التصويت في انتخابات الرئاسة ومناصب مكتب المجلس.
الأغلبية المطلقة
نظم الدستور واللائحة الداخلية كل ما يتعلق بانتخابات مناصب مكتب مجلس الأمة ابتداء من رئاسة المجلس ونائب الرئيس، وصولا الى انتخابات أمين السر ومراقب المجلس، ونصت المواد التي جاء بها الدستور واللائحة الداخلية على اختصاصات كل منصب وواجباته وكيفية الانتخابات وعدد الاصوات التي يجب ان يحصل عليها مرشحو مناصب مكتب المجلس للفوز بأحد تلك المناصب.
ونص الدستور في المادة 92 على أن يختار المجلس في أول جلسة له، ولمثل مدته رئيساً ونائب رئيس من بين أعضائه، وإذا خلا مكان أي منهما اختار المجلس من يحل محله إلى نهاية مدته. ويكون الانتخاب في جميع الأحوال بالأغلبية المطلقة للحاضرين، فإن لم تتحقق هذه الأغلبية في المرة الأولى أعيد الانتخاب بين الاثنين الحائزين لأكثر الأصوات، فإن تساوى مع ثانيهما غيره في عدد الأصوات اشترك معهما في انتخاب المرة الثانية، ويكون الانتخاب في هذه الحالة بالأغلبية النسبية، فإن تساوى أكثر من واحد في الحصول على الأغلبية النسبية تم الاختيار بينهم بالقرعة. ويرأس الجلسة الأولى لحين انتخاب الرئيس أكبر الأعضاء سناً.
وبالمثل نصت اللائحة الداخلية في المادة 28 الواردة بفصلها الثاني بشأن رئاسة المجلس على أن يختار مجلس الأمة في أول جلسة لـه، ولمثل مدته، رئيسا ونائب رئيس من بين أعضائه، وإذا خلا مكان أحد منهما، اختار المجلس من يحل محله إلى نهاية مدته ويكون الانتخاب في جميع الأحوال بالأغلبية المطلقة للحاضرين، فإن لم تتحقق هذه الأغلبية في المرة الأولى أعيد الانتخاب بين الاثنين الحائزين لأكثر الأصوات فإن تساوى مع ثانيهما غيره في عدد الأصوات اشترك معهما في انتخاب المرة الثانية، ويكون الانتخاب في هذه الحالة بالأغلبية النسبية فإن تساوى أكثر من واحد في الحصول على الأغلبية النسبية تم الاختيار بينهم بالقرعة، ويرأس الجلسة الأولى لحين انتخاب الرئيس أكبر الأعضاء سناً.
بينما أوردت المادة 29 أنه في حالة خلو مكان رئيس المجلس أو نائب الرئيس لأي سبب من الأسباب يختار المجلس من يحل محله خلال ثلاثة أسابيع من تاريخ الخلو إذا كان المجلس في دور الانعقاد وخلال الأسبوع الأول من اجتماع المجلس إذا حدث الخلو أثناء العطلة.
وذكرت المادة 30 أن الرئيس هو الذي يمثل المجلس في اتصاله بالهيئات الأخرى ويتحدث باسمه ويشرف على جميع أعماله ويراقب مكتبه ولجانه، كما يتولى الإشراف على الأمانة العامة للمجلس، ويرعى في كل ذلك تطبيق أحكام الدستور والقوانين.
وفي المادة 30 مكرر أن المجلس يمثله رئيسه أمام جميع المحاكم بكافة درجاتها وأمام محكمة التمييز في الدعاوى والطلبات التي ترفع منه أو عليه وأمام المحكمة الدستورية وأمام هيئات التحكيم، وله أن ينيب في ذلك أحد أعضاء المجلس أو العاملين فيه أو من المحامين المقيدين للمرافعة أمام المحاكم. ولمن ينيبه توقيع صحف الدعاوى والطعون، وعند حل المجلس ينقل هذا الاختصاص لإدارة الفتوى والتشريع. ويجب على الحاضر عن المجلس أمام المحكمة الدستورية أن يعرض لجميع وجهات النظر المثارة في شأن النزاع المطروح أمامها، وعلى الأخص الرأي الذي يتقدم به عشرة أعضاء على الأقل من المجلس لعرضه على المحكمة.
اما المادة 31 فقالت انه إذا غاب الرئيس ونائب الرئيس كانت رئاسة الجلسات بالتوالي لأمين السر فالمراقب، وإذا غاب هؤلاء جميعا كانت الرئاسة لأكبر الأعضاء الحاضرين سنا. ولرئيس المجلس عند غيابه أن يفوض نائب الرئيس في كل اختصاصاته الأخرى أو بعضها، ويحل نائب الرئيس محل الرئيس في جميع اختصاصاته إذا امتد غيابه لأكثر من ثلاثة أسابيع متصلة.
مكتب المجلس
وفي الفصل الثالث فيما يتعلق بمكتب المجلس نصت المادة 32 على أن يتكون مكتب المجلس من الرئيس ونائب الرئيس وأمين السر والمراقب ورئيس كل من لجنة الشؤون التشريعية والقانونية ولجنة الشؤون المالية والاقتصادية ولجنة الأولويات بمجرد انتخابهم.
ونصت المادة 33 على أنه بعد انتهاء مراسم افتتاح الدور السنوي العادي يشرع المجلس في انتخاب أعضاء مكتبه أو استكمال عددهم وفقا للدستور ولهذه اللائحة، ولا يجوز إجراء أي مناقشة في المجلس قبل انتخاب أمين السر والمراقب، ويتولى سكرتارية المكتب الأمين العام للمجلس بحكم منصبه فإن منعه مانع حل محله من يندبه رئيس المجلس لذلك.
وقالت المادة 35 انه يتم الانتخاب لمناصب مكتب المجلس بالتتابع وبطريق الاقتراع السرى وبالأغلبية المطلقة، فإذا لم تتحقق هذه الأغلبية أعيد الانتخاب للمرة الثانية ويكون الفوز فيها بالأغلبية النسبية فإن تساوى اثنان أو أكثر في هذه الأغلبية تم اختيار أحدهما بالقرعة.
بينما ذكرت المادة 36 أنه لا يجوز أن تدرج في ورقة التصويت أسماء غير المرشحين وإلا اعتبر التصويت لغير المرشح باطلا وصح التصويت لمن عداه، فإن جاوز عدد الأسماء الصحيحة الواردة بورقة الانتخاب من بين المرشحين العدد المطلوب انتخابه بطلت الورقة كلها.
ويعتبر التصويت غير صحيح إذا وقع خطأ في اسم المرشح يثير لبسا في تحديد شخصيته وعند الخلاف يفصل المجلس في الأمر.
وذكرت المادة 40 أن أمين السر يختص بالإشراف على تحرير مضابط جلسات المجلس ويقيد أسماء الأعضاء الذين يطلبون الكلمة على حسب ترتيب طلباتهم وبإثبات التنبيهات بالمحافظة على النظام وتسجيل نتائج الاقتراع وغير ذلك من الأمور التي يطلبها منه الرئيس في شأن إدارة الجلسة.
وقالت المادة 41 إن المراقب يشرف على الشؤون المتعلقة بمهام المجلس واحتفالاته، وينفذ أوامر الرئيس للمحافظة على النظام في الجلسة، ويلاحظ حضور الأعضاء وغيابهم وغير ذلك من الأمور التي يعهد بها إليه الرئيس.