أكد رئيس إدارة الفتوى والتشريع المستشار صلاح الماجد، أن قرار وزير الدولة لشؤون الشباب المكلف بتصريف العاجل من الأمور بإحالة مدير هيئة الرياضة إلى التحقيق يخرج عن مفهوم العاجل من الأمور التي يختص بتصريفها الوزير، وكان عليه التريث إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.
ورداً على كتاب من نائب رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بطلب الرأي، قال الماجد، إن دستور الكويت ينص في المادة (101) على أن «كل وزير مسؤول لدى مجلس الأمة عن أعمال وزارته، وإذا قرر المجلس عدم الثقة بأحد الوزراء اعتبر معتزلاً للوزارة من تاريخ قرار عدم الثقة ويقدم استقالته فوراً، ولا يجوز طرح موضوع الثقة بالوزير إلا بناءً على رغبته أو طلب موقع من عشرة أعضاء إثر مناقشة استجواب موجه إليه. ولا يجوز للمجلس أن يصدر قراره في الطلب قبل سبعة أيام من تقديمه».
وأضاف: «ويكون سحب الثقة من الوزير بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس فيما عدا الوزراء. ولا يشترك الوزراء في التصويت على الثقة»، لافتا إلى أن المادة (103) تنص على أنه «إذا تخلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزير عن منصبه لأي سبب من الأسباب يستمر في تصريف العاجل من شؤون منصبه إلى حين تعيين خلفه».
وذكر أن البين من النصوص الدستورية سالفة الذكر، أن الدستور الكويتي - كبقية الدساتير الأخرى - قرر مسؤولية كل وزير عن أعمال وزارته أمام مجلس الأمة، ومنح الدستور المجلس إمكانية سحب الثقة من الوزير وفقا للإجراءات المبينة في المادة (101) منه.
الوثيقة الدستورية
ولفت إلى أن الدستور قرر أنه في حالة تخلي رئيس مجلس الوزراء، أو أي وزير عن منصبه فإنه يستمر في أداء الأمور العاجلة من شؤون منصبه لحين تعيين من يحل محله، مضيفا، وإذ خلا الدستور الكويتي، ومذكرته التفسيرية على حد سواء، من تعريف ما يعد عاجلا ومن شؤون المنصب الذي يستمر رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء عند استقالتهم من مناصبهم في مباشرته، وذلك بحسب أنه من الصعب أن يتم وضع معيار محدد لهذه الأعمال بما يسهل معه تعريفها وحصرها على وجه الدقة، إلا أنه لما كان الأصل في النصوص الدستورية أنها متكاملة يكمل بعضها بعضا، وأن المعاني يتعين أن تكون مترابطة في مجموع أحكامها، حتى يعتد بها بوصفها متألفة فيما بينها، لا تتماهل ولا تتآكل، بل تتجانس معانيها لأن نفاذ الوثيقة الدستورية وفرض أحكامها على المخاطبين بها يفترض العمل بها في مجموعها، لأن لكل منها مضمونا ذاتيا لا ينعزل به عن غيره من النصوص ولا ينافيها.
لا رقابة برلمانية
وتابع: «وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الواضح والجلي من تفسير النصوص الدستورية سالفة الذكر أنه لا توجد رقابة برلمانية على الحكومة المستقيلة، لأن عملها في هذه الحالة يقتصر فقط على تصريف العاجل من الأمور وبما ينأى عنها المسؤولية السياسية، وعليه يمكن القول إن تفسير عبارة تصريف العاجل من الأمور ينصرف إلى اتخاذ أحد أمرين:
أولهما: القرارات التي تفرضها حالة الضرورة دون أن يكون بالإمكان معها الانتظار لحين تكوين حكومة جديدة تتمتع بثقة البرلمان فيها وإصدار هذه القرارات.
ثانيهما: القرارات التي ترتبط بسير المرافق العامة بانتظام واطراد، وهي تلك القرارات التي لا يكون لها بعد أو معنى سياسي، والتي لا يمكن بطبيعتها أن تثير المسؤولية السياسية للحكومة تجاه مجلس الأمة، ولا يكون لحالة الضرورة أو الاستعجال علاقة بها».
الصلاحيات اللازمة
وأشار إلى أنه غني عن البيان، أن الوزير في وزارة تصريف العاجل من الأمور حين يتخذ القرارات المشار إليها في هذين البندين تكون له مباشرة جميع الصلاحيات اللازمة فقط لضمان حسين سير المرفق القائم عليه وزارته بانتظام واطراد، ويتوجب عليه مباشرة هذه الصلاحيات في نطاق ضيق ومحدود وفق سلطته التقديرية.
وأوضح أنه ترتيباً على ما تقدم، وإذ تُعد إحالة الموظفين إلى التحقيق من الإجراءات الإدارية الروتينية والتي ترتبط بسير المرفق العام، ومن غير المتصور أن تعطل آلياتها في فترة حكومة تصريف العاجل من الأمور، لما في ذلك من آثار سلبية خطيرة تتعلق بإجراءات حماية المال العام والحفاظ عليه، ولضمان انتظام العمل وفقا للخطط الموضوعة مسبقا، وهي أمور يجب كفالتها بصورة دائمة ومستمرة إعلاء للمصلحة العامة للمرفق العام، لاسيما أن فترة عمل حكومة تصريف العاجل من الأمور غير محددة بمدة معينة، وكان من غير المستساغ القول بتقييد سلطة وزير تصريف العاجل من الأمور في تلك الفترة، ومن ثم فإنه يمكن القول بأن إحالة كل الموظفين للتحقيق تعد ضمن تصريف العاجل من شؤون المنصب.
المصلحة العامة
واستدرك الماجد بالقول، إلا أنه بخصوص الحالة المعروضة، والمتعلقة بصدور قرار من وزير الدولة لشؤون الشباب المكلف بتصريف العاجل من الأمور مستندا إلى المصلحة العامة بإيقاف المدير العام للهيئة العامة للرياضة عن العمل وإحالته إلى التحقيق بدعوى تقاعسه عن أداء مهام عدة، وكان المدير العام للهيئة بعد من القياديين، وما يفترض فيه أن يكون القرار الصادر بإجراء تحقيق معه مستوفيا لكل أركانه ومقوماته الشكلية والموضوعية - وفقا لما تقرره التعاميم الصادرة عن ديوان الخدمة في هذا الشأن، إلا أنه بالنظر لطبيعة المخالفات المنسوبة إلى المدير العام للهيئة، وأبرزها التقصير في اتخاذ الاستعدادات الخاصة باستضافة دولة الكويت لبطولة كأس الخليج بما من شأنه إظهار الدولة بمظهر العاجزة عن هذه الاستضافة، وهي مخالفات فضلاً عن أنها تخرج عن الاختصاص المباشر للمدير العام للهيئة، فإنها ليست من الأمور الملحة أو العاجلة التي تستدعي صدور قرار في هذا التوقيت بإحالته إلى التحقيق بزعم تقصيره فيها، وذلك بالنظر لميعاد إقامة هذه البطولة، لاسيما أن هذه المخالفات - وإن صحت - لا تؤثر على سير عمل الهيئة بانتظام أو اطراد، بالإضافة إلى أن هذه المخالفات تحمل طابعا سياسيا لا يمكن إغفاله، بما قد يؤدي إلى قيام المسؤولية السياسية للوزير المشرف على الهيئة، وهو ما لا يتحقق في حكومة تصريف العاجل من الأمور.