بعد الإعلان عن التحالف الرباعي الذي ضم العراق وتركيا والإمارات وقطر لبناء وتشغيل ميناء الفاو العراقي كثر الكلام عن أسباب تأخير تشغيل ميناء مبارك، وعن إضاعة فرصة السبق على دولة الكويت، وكأن الساسة والاقتصاديين مغيبون كل هذه الفترة عن الأسباب التي دعت حكومة الكويت إلى تأجيل إتمام بناء ميناء مبارك الكبير.

عندما بدأت حكومة دولة الكويت بتنفيذ مشروع ميناء مبارك ظهرت إلى السطح العديد من المشاكل، وكما هو معروف فقد أبدى الجانب الكويتي الكثير من المرونة تجاه جاره العراق مراعاة للأوضاع السياسية التي يمر بها، وعمل على تلافي التحفظات الفنية التي أبداها الطرف العراقي الذي بدوره لم يبد أي مرونة حول حل قضية ترسيم الحدود البحرية، ومن ثم معالجة الجوانب الفنية المرتبطة بميناء مبارك.

Ad

على العموم لا يوجد خلاف حول حق العراق في تنفيذ مشروع ميناء الفاو، فهو حق سيادي لا يزايد عليه أحد، لكن في المقابل يجب احترام حق دولة الكويت في تنفيذ مشروع ميناء مبارك الكبير على مياهها الإقليمية، وبغض النظر عن تبعات ذلك على اقتصادات دول المنطقة.

بالعودة إلى فكرة إنشاء ميناء مبارك التي تلازمت مع رؤية الكويت 2035 بتحويلها إلى مركز مالي وتجاري، وهنا بيت القصيد، وهنا يجب التوقف والتفكير بالجدوى الاقتصادية للمضي قدماً في تنفيذ هذا المشروع، والنظر إلى الاتفاقات التي أبرمت بين جمهورية الصين الشعبية ودولة الكويت، وإلى المستهدفات الاقتصادية التي يحققها، خصوصاً أن مشروع الحزام والطريق قد جعل من الكويت المحطة الأبرز في تفرعاته لاعتبارات اقتصادية وأمنية، قد لا تتوافر في معظم دول المنطقة.

الصين عندما أقدمت على الشراكة مع الكويت في تنفيذ وتشغيل ميناء مبارك كانت تعلم مسبقًا أن إنشاء ميناء الفاو ما هو إلا مسألة وقت ومع هذا لم تبد أي تحفظ أو تردد تجاه المضي في هذه الشراكة.

اليوم إن كان ولا بد من الحديث عن ميناء مبارك وأسباب تأخر تنفيذه فلا بد أن يوجه الحديث عن مدى الجدوى الاقتصادية والمردود المالي له، وهل ميناء الشويخ والشعيبة كافيان لاستيعاب احتياجات دولة الكويت المستقبلية؟ وهل ستتخذ الصين الشعبية من ميناء مبارك النقطة الأخيرة ضمن مشروعها في منطقة الخليج العربي، ومركزًا لتخزين بضاعها بالشرق الأوسط وإعادة تصديرها، ناهيك عن معرفة الفرص الوظيفية المتاحة أمام الشباب الكويتيين؟

هذه الاعتبارات هي التي يجب مناقشتها عند أصحاب القرار بدلًا من الحديث عن سبب تأخر تشغيل ميناء مبارك.

الخلاصة أنه ليس من باب التبرير للحكومات المتعاقبة في تخاذلها عن تنفيذ وتشغيل هذا المشروع، ولا عن فوات الفرصة على الكويت، ولا بتعارض المصالح بين بناء ميناء مبارك وميناء الفاو فكل له أهدافه، وإن كان العملاق الصيني جاداً في شراكته بميناء مبارك فحتمًا سيكون الأبرز والأهم بالمنطقة بأسرها.

ودمتم سالمين.