تلتزم الشركات بعقد مؤتمر المحللين والمستثمرين بشكل ربع سنوي بعد إصدار البيانات المرحلية والسنوية لاستمرار تصنيف الشركات المدرجة في السوق الأول في بورصة الكويت وفقاً للمتطلبات الرقابية، ويتم بعدها نشر محضر المؤتمر على موقع البورصة الإلكتروني.
وتشير الدراسات الأكاديمية العالمية التي قامت بتحليل أثر مؤتمرات المحللين والمستثمرين في الأسواق المتقدمة إلى أهمية المعلومات الإضافية في زيادة عدد المحللين الماليين الذين يغطون الشركات بتوصياتهم وبالتالي استقطاب رؤوس الأموال، كما أنها تفيد في تقليل تباين واختلاف المعلومات المتوفرة للمطلعين من داخل الشركة ومجلس إدارتها، مقارنة بالمستثمرين الخارجيين من غير ذات الصلة. كما تشير الى أن تكلفة حصول الشركات على الأموال تقل مستقبلاً عند ممارستها المستمرة للمشاركة الفعالة والرد بشفافية على الأسئلة خلال مؤتمرات المحللين والمستثمرين، والسبب مرتبط بانخفاض المخاطر وعدم اليقين الذي ينشأ بسبب شح المعلومات، والضبابية حول مستقبل الشركة وتبرير ما حصل لها من أداء سابق. وقامت بعض الدراسات في الأسواق المتقدمة بدراسة نبرة الردود والعبارات خلال هذه المؤتمرات من ناحية التفاؤل والتشاؤم وربطها بقدرة أكبر على التنبؤ بأي تعثرات مستقبلية للشركة.
وكلما ازدادت كفاءة أسواق المال من ناحية المعلومات كانت أسعار الأسهم تتداول بما هو قريب جداً من قيمتها الحقيقية العادلة. وما زال هناك العديد من الأمور من ناحية الإفصاح والشفافية التي تحتاج لتطوير، تماشياً مع الممارسات العالمية في الأسواق المتقدمة لتحقيق الأهداف المرجوة من رفع كفاءة السوق من ناحية المعلومات. ليس الغرض من مؤتمر المحللين والمستثمرين مجرد إعادة نشر النتائج على صيغة جداول ورسومات بيانية تبين ارتفاع وانخفاض النسب والبيانات، إن أردنا أن تكون لها قيمة مضافة حقيقية للمستثمرين فيجب أن تحتوي على معلومات جديدة قد تتبادر لذهن أي مستثمر أو محلل من «مبررات» النتائج ومدى احتمالية استمرارها من عدمه بالمستقبل. فعلى سبيل المثال، تفتقر مؤتمرات المحللين والمستثمرين في الكويت حالياً إلى فقرة مهمة لجميع المهتمين، وهي ما يتعلق بمستقبل الشركة، ومن المفترض أن يحذوا حذو الدول المتقدمة في مشاركة الإدارة التنفيذية لتوقعاتهم بخصوص مستقبل الشركة، وهو معروف بالـ Guidance. وتقوم الإدارة التنفيذية بمشاركة الحضور لتوقعاتهم من ناحية المبيعات والأرباح المتوقع تحقيقها في نهاية الفترة القادمة بشكل ربع سنوي وسنوي، كما يفصح عن جميع المعلومات التي تعين الحاضرين على معرفة مستقبل الشركة وما قد تواجهه من مصاعب وتحديات وكيفية الخطط الاستراتيجية للتغلب عليها، مما يسهل عملية تقدير واحتساب القيمة العادلة للسهم، مع التأكيد أن توقعات الشركة ليست مضمونة فقد تحقق نتائج مستقبلية أفضل من أو أقل من التوقعات بسبب المتغيرات العديدة.
ومن المفترض أن تزداد تغطيات وتوصيات البيوت الاستشارية المحلية والدولية للشركات المدرجة بالبورصة الكويتية بالتفاعل مع هذه المؤتمرات لو كانت ذات جودة عالية من ناحية المعلومات والقيمة المضافة. يتابع بورصة الكويت عدد قليل نسبياً مقارنة بالأسواق المتقدمة أو الناشئة الأخرى من المحللين في الشركات الذين ينشرون تقييمات وتوصيات وتقارير والتحليلات عن شركات معينة أو قطاعات، وهذا يزيد من أهمية أن تقوم الشركات المدرجة بنشر حقائق ومعلومات أكثر عن خططها وتوقعاتها وتقديراتها حيث إنهم هم أهل الخبرة والاختصاص ولديهم المعلومات المتوفرة.
نشاهد تقارير جيدة في نشرات الإصدار (IPO) تحتوي على أجزاء فيها شرح تفصيلي عن القطاع والمنافسين والمشاريع المستقبلية مع توقعات بخصوص الثلاثة أعوام القادمة. ما الذي يمنع من الاستمرار في عمل ذلك كل سنة حتى بعد الادراج؟ كما نرجو تعميم ممارسة عقد مؤتمرات محللين ومستثمرين على جميع الشركات المدرجة في السوق الرئيسي (ليس الأول فقط)، يتم عقدها إجبارياً مرة واحدة بعد نشر النتائج السنوية.
كثرة المعلومات ستثري تجربة المستثمر في فهم الشركات ومجال عملها، وبالتالي القدرة على تحليلها مالياً والاستثمار بما يناسبه منها. يجب أن تبادر الإدارة التنفيذية إلى توقع التساؤلات التي قد تتوارد لذهن من سينظر لنتائجها مستقبلاً، وتفكر في وضع المعلومات كمرجع لمن سيحللها بالمستقبل ويقيم الأداء المالي لها. مجرد الاعتماد على أسئلة الحضور التي لا تتم الإجابة عنها بإسهاب أحياناً أو بالامتناع عن الإجابة في أحيان أخرى ليس ممارسة جيدة لتطوير كفاءة السوق من ناحية المعلومات.
* أستاذ مشارك في قسم التمويل والمنشآت المالية – جامعة الكويت