في مثل يوم غدٍ منذ عام 2003، أي قبل واحد وعشرين عاماً، كانت مناسبة تعتبر نقطة تحوّل أقر فيها مجلس الأمة تعديلاً على قانون الصندوق الكويتي للتنمية يسمح باستثمار 25 في المئة من أرباحه في مشروعات البنية التحتية بالكويت، والتي تذهب - حسب متابعتنا للأرقام الواردة في الحسابات الختامية - إلى المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وبالنظر إلى المبالغ الفعلية المحولة منذ أن تم اتخاذ القرار وحتى عام 2022، فقد تم تحويل أربعمئة وستة ملايين دينار، مما يجعل المبلغ المحوّل حتى هذه السنة على أقل تقدير في حدود 450 مليوناً.

ولعلها فرصة، في ذكرى هذا القرار، كي نعيد مطالبتنا السابقة بوقف الصندوق الكويتي للتنمية تقديم أي مساعدات للدول النامية، تمهيداً لإغلاقه، لوقف هدر ما يقارب ستة مليارات دينار، والتي لا ترتبط بفرض أي سياسات معيّنة للحفاظ على مصالحنا الخارجية، كما أشار أحد مديري الصندوق منذ أكثر من عام، مؤكداً مقولة صرّح بها في منتصف السبعينيات أول مدير للصندوق بحفلة «كوكتيل بارتي» في بريطانيا بأن «الصندوق مستقل عن الخارجية»، وهو ما حدث بالفعل حتى حين نُقل الصندوق لوزارة الخارجية التي لم تمارس أيّ دور من هذا القبيل، والدليل تصريحاتها لمساعدة لبنان بعد تفجير إهراءات القمح، رغم ضلوع «حزب الله» الحليف الأكبر لإيران، التي تعتبر الأكثر عداءً لنا بالمنطقة، وخصوصاً فيما يتعلق بحقل الدرّة، واستغلالها نفوذها في العراق لوقف ميناء مبارك.

Ad

إن كل ما أشرنا إليه آنفاً قد تطرّقنا إليه بشيء أكثر من التفصيل في عدة مقالات، غير أن ما لفت انتباهنا مقابلة لسفير سابق، حين أشار إلى أن أكبر استفادة للكويت من صندوق التنمية هي ردّة الفعل الشديدة الإيجابية تجاهنا من قِبَل كل دول العالم، باستثناء دول تُعدّ على أصابع اليد الواحدة، لنقول له إن هذه الدول التي بالأحرى تفوق أصابع اليد كان لها الأثر الأكثر سوءاً على تاريخ الكويت السياسي، علاوة على أنها الآن عديمة الفائدة، لكون قرار السلم والحرب يأتي من مجلس الأمن و«فيتو» الدول العظمى، وليس من المئة وسبع دول التي أهدرت الكويت عليها ملياراتها، والتي لا فائدة منها في حسابات السياسة المعقّدة على الساحة الدولية الحالية، حيث إن إسقاط الدول وحروب الوكالة لا علاقة للأمم المتحدة بها، وأكبر دليل تحالف إيران مع أميركا وإسرائيل الذي أشرنا إليه الأسبوع الماضي.

يقول السفير الشارخ إن حفر شارع تونس لا علاقة لها برأسمال الصندوق الذي يدعم المشاريع الإسكانية! وهنا ما يجب أن نوضحه لسعادته أن ما قدّمه الصندوق الكويتي خلال واحد وعشرين عاماً للبنية التحتية المحلية والرعاية السكنية لا يساوي عُشْر ما أنفقه الصندوق بالخارج، علاوة على وجود ما يسمّى خسارة الفرصة البديلة الضائعة لتوظيف مليارات الصندوق لتحقيق أرباح تصل إلى أضعاف ما يحققه من مشاريعه في الدول النامية التي يخسر فيها الكثير، مما يتطلب بهذه المناسبة، في ذكرى تعديل المجلس على قانون الصندوق الكويتي، أن نصدر قانوناً جديداً لتحويل نصف رأسمال الصندوق للهيئة العامة للاستثمار، تمهيداً للاستغناء عنه تدريجياً والاكتفاء بمساعدة المنكوبين عن طريق الأمم المتحدة، لأننا دولة نامية بحاجة إلى هذه الأموال لنستعد لما بعد نضوب النفط، لا أن نهدرها كمجاملات تسرقها قيادات دول فاسدة، كما أننا لسنا بحاجة إلى شراء ولاءات فاسدة لنصدّ بها أي غزو قادم، بل بحاجة إلى صناعة تحالفات مع دول عظمى وربطها بمصالحنا.

***

وصلنا إلى مرحلة من الانفلات السياسي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة إلى الحد الذي جعل الدخلاء على الديموقراطية يتمادون في تزوير الانتماء لهذه الأرض والهوية الوطنية، ولهم في سبيل ذلك التطاول على الأسرة الحاكمة، إلّا أن الغريب في هذا الأمر أنهم في غمار تطاولهم على الأسرة يشيدون بمكونات المجتمع، سنّة وشيعة وقبائل، ولا يجرؤون على التطاول عليهم! شيء غريب حقاً! مما يتطلب من القيادة السياسية سرعة الحزم وقوة العزم في بسط القانون والسُّلطة.

***

إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي