رياح وأوتاد: كيف يكون النواب الإصلاحيون إصلاحيين للحكومة والشعب؟
معظم النواب يطالبون بإصلاح الحكومة، ويبحثون عن أي خلل في عملها بالأسئلة والاستجوابات، لكن نادراً ما يوجه النواب إصلاحاتهم إلى ناخبيهم، رغم تأثيرهم الكبير على الناخبين، فكثير من الناس يعتبرون النواب أقدر وأفهم لأمور البلاد.
فلم نسمع أحداً من النواب يطالب ناخبيه بعدم استغلال الأرصفة والارتدادات أمام البيوت بالبناء وإنشاء الدواوين المكيفة، وهي مشاهد امتلأت بها شوارع الكويت، وشوهت المنظر وأعاقت المرور، وخالفت القانون. ولم نسمع أحداً من النواب يصرح بضرورة وضع عقوبات رادعة لمدعي الإعاقة، ويقترح التحقيق والتشريع المناسب لاكتشاف هذا الادعاء.
ولم نسمع نائباً ينصح ناخبيه بعدم الاقتراض إلا بقدر استطاعتهم على السداد، ويذكّرهم بأن الدولة لن تستطيع سداد قروضهم، وأن اقتراض مبالغ كبيرة، والجري وراء المظاهر سيؤديان إلى ضرر كبير بحياتهم وأسرهم.
ولم نسمع نائباً ينصح ناخبيه ببناء منزل معتدل بلا مخالفات، وبتكاليف بسيطة، لأن بناء منزل بسرداب وثلاثة أدوار، ولا يقل عن سبعة أجهزة تكييف مركزي ومرافق صحية وغيرها سيصعب عليه صيانتها في المستقبل، وسيظل دائم الشكوى، لأن دخله، خصوصاً بعد التقاعد، لن يكون كافياً.
كذلك لم نسمع من النواب من يحذّر ناخبيه من الدخول في مغامرات استثمارية ومالية غير مدروسة، وها نحن نسمع كل يوم عن شباب وكهول سقطوا ضحية النصب المالي، أو العقاري، أو التجاري. ولم نسمع أحد النواب يؤكد أن الغياب عن العمل جريمة شرعية وقانونية، وأنه لن يدافع عن الموظف المتغيب، أو المتهرب من البصمة، أو الموظف الذي يطلب ترقيته على حساب أقدمية زملائه.
ليس كل ما يطلبه الناخب يحقق المصلحة العامة، أو حتى مصلحته الشخصية، لكن كثيراً من النواب لا يقوم بالنصيحة الشرعية، ويعتبر أن كل ما يطلبه الناخب تجب إجابته، حتى وإن أساء التصرف في بناء بيته، أو في ماله، أو في عمله، أو قام بإغراق نفسه بالديون، أو بالتعدي على الأرصفة ومرافق الدولة، بل ويعده بوعود لا يمكن تحقيقها.
الخلاصة، أن النصيحة والتوجيه في هذه الأمور ليسا واجب الدعاة وحدهم، بل هو واجب الجميع، والنواب على وجه الخصوص، بما لهم من مكانة وتأثير في المجتمع، ونطمع أن يكون النواب الإصلاحيون إصلاحيين حقيقيين للحكومة وللشعب في الوقت نفسه.