بعد ساعات من حضوره اجتماعاً لكبار ضباط الجيش هذا الأسبوع، اعتقل جهاز الأمن الاتحادي الروسي نائب وزير الدفاع تيمور إيفانوف، واقتاده إلى قاعة المحكمة، للاشتباه في تورطه في تهم فساد قد تفضي إلى سجنه 15 عاماً، في سقوط، اعتبرته صحيفة «فايننشال تايمز» ضربة قوية لوزير الدفاع سيرغي شويغو، في وقت تنتظر روسيا تعديلاً وزارياً وشيكاً.
ومن المقرر أن يقدم الرئيس فلاديمير بوتين، خلال تعيينه رسمياً في منصبه لولاية جديدة الشهر المقبل، حكومة جديدة، ما خلق تدافعاً ومناورات على السلطة خلف الكواليس.
صعود وتراجع
وبدت أسهم وزير الدفاع شويغو في الصعود خلال الفترة الأخيرة، مدعومة بالتقدم الروسي في أوكرانيا ووفاة أشد منافسيه ومنتقديه، أمير الحرب يفغيني بريغوجين، غير أن احتجاز إيفانوف، وهو أعلى مسؤول يتم اعتقاله منذ عام 2016، يشير إلى تحول في فرص شويغو، حسبما كشف مصدر مقرب من وزارة الدفاع الروسية.
ونجح شويغو حتى الآن في الحفاظ على دوره على الرغم من الإخفاقات خلال الأسابيع الأولى من غزو أوكرانيا، وفشل «العملية العسكرية الخاصة» التي كان من المفترض أن تستمر ثلاثة أيام، لكنها دخلت عامها الثالث.
كما واجه وزير الدفاع الروسي انتقادات لاذعة من بريغوجين، الذي قاد تمرداً ضده العام الماضي، لكن شويغو بقي في منصبه في حين لقي بريغوجين حتفه بعد شهرين في حادث تحطم طائرة.
ونشر بريغوجين آنذاك تصريحات على وسائل التواصل الاجتماعي مباشرة من ساحة المعركة في أوكرانيا، انتقد فيها السرقات والفساد في الجيش، وألقى باللوم في إخفاقات روسيا على الخطوط الأمامية على جشع نخبة المؤسسة الدفاعية، داعياً إلى «التعامل مع هؤلاء الفئران الذين يسرقون في المؤخرة».
حياة باذخة
وكشف مصدر من النخبة السياسية في موسكو أن أسلوب حياة إيفانوف الباذخ جعله هدفاً سهلاً، بينما سلطت تحقيقات أجراها ناشطون وصحافيون في السنوات الأخيرة الضوء على الرفاهية التي يتمتع بها نائب وزير الدفاع الروسي وعائلته. وفي عام 2022، حصل فريق مكافحة الفساد، التابع لزعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني، على البريد الإلكتروني لزوجة إيفانوف، وأنتج فيلما مدته 40 دقيقة يوثق فيلاته وسياراته الفارهة وعطلاته الفخمة، وكلها مدعومة بصور خاصة وفواتير ومستندات.
ولعل أحد أهم اكتشافات فريق مكافحة الفساد هو العلاقة الوطيدة بين إيفانوف وشركة أوليمبسيتيستروي للبناء، التي فازت بعقود بناء عسكرية كبيرة، بما في ذلك إعادة إعمار ماريوبول، المدينة الأوكرانية التي سحقها الجيش الروسي واحتلها في عام 2022.
وزعم التحقيق أن شركة البناء دفعت العديد من الفواتير نيابة عن زوجة إيفانوف، بما في ذلك مشترياتها من المجوهرات وتجديد فيلا العائلة الفاخرة.
من جهتها، جمدت محكمة في موسكو أصول إيفانوف، بعد أن قالت إدارة التحقيقات الجنائية الروسية، الثلاثاء الماضي، إنه تلقى رشوة، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى السجن لـ15 عاماً.
في اليوم نفسه، تم أيضاً اعتقال أحد مؤسسي شركة أوليمبسيتيستروي، ألكسندر فومين، لاتهامه بتقديم الرشوة، بينما اعتبر رئيس القيادة الاستراتيجية للجيش البريطاني، الجنرال جيم هوكنهول، أن هذه الاعتقالات تأتي بحثاً عن كبش فداء، «ففي بعض الأحيان، يتم اختيار شخص لتحميله اللوم على كل شيء، في لحظة من لحظات التطهير».
إلى ذلك، قال رئيس الأركان الأوكراني، أولكسندر سيرسكي، أمس، إن الوضع على الجبهة «تدهور» مع تحقيق القوات الروسية «نجاحات تكتيكية» في مناطق عدة.
وجاء في منشور للجنرال سيرسكي على «فيسبوك» أن روسيا «تهاجم على طول خط المواجهة، وتحقّق نجاحات تكتيكية في بعض المناطق».
وتابع: «في محاولته لأخذ زمام المبادرة الاستراتيجية واختراق خط الجبهة، ركز العدو جهوده في مناطق عدة، مما خلق تفوقاً كبيراً من حيث القوات والقدرات».
وأكد سيرسكي وقوع «معارك عنيفة» على خط الجبهة خلال الأسبوع الماضي، متحدثاً عن وضع «ديناميكي» مع سيطرة أحد الطرفين على بعض المواقع، ثم استعادة الطرف الآخر لها، وذلك لعدة مرّات خلال يوم واحد.
وأفاد بأن القوات الأوكرانية تتمكن من «تحسين موقعها التكتيكي» في بعض المناطق.
وقال الجنرال سيرسكي إن كوبيانسك في شمال شرق البلاد من بين المناطق التي يشتد فيها القتال، وحقق فيها الروس «نجاحات جزئية، لكن تم إيقافهم».
وفي منطقة كراماتورسك (شرق)، تشن القوات الروسية هجوماً للسيطرة على بلدة تشاسيف يار. لكن سيرسكي قال إن «الوضع الأكثر تعقيداً» هو في منطقة بوكروفسك وكوراخوف، حيث «يستمر القتال العنيف».
واعترف بأن القوات الأوكرانية انسحبت من بلدات بيرديتشي وسيمينيفكا ونوفوميخايليفكا.
وأشار القائد الأعلى للقوات الأوكرانية إلى أنه «بهدف تعزيز الدفاع في هذه القطاعات، يتم نشر الألوية التي استعادت قدرتها القتالية لتحلّ مكان الوحدات التي تكبدت خسائر».
كما تحدث عن «وضع متوتر» في جنوب البلاد.
وتواجه القوات الأوكرانية التي تفتقر إلى الرجال والذخيرة، تقدّماً روسياً بطيئاً منذ سيطرت موسكو على مدينة أفدييفكا في فبراير.