بحضور حشد دبلوماسي وإعلامي وثقافي، استعرض الكاتب والإعلامي حمزة عليان، مساء أمس الأول في ديوانية السفارة اللبنانية بالكويت بمنطقة الدعية، كتابه «بيروت في قلب الكويت 1915 - 2024» الذي تناول فيه العلاقات المتميزة بين لبنان والكويت أكثر من قرن، حيث استطاع الكاتب توثيق الأحداث المهمة خلال تلك الحقبة ورصد أبرز العلاقات والمتغيرات التي طرأت خلال هذه الفترة المهمة عبر روايات مصورة لتطّلع عليها الأجيال.
وأكد القائم بأعمال السفارة اللبنانية بالكويت، أحمد عرفة، في كلمة له خلال خلال حفل تدشين الكتاب، بإدارة د. مكرم عباس، وبحضور عدد من الإعلاميين والمثقفين، بالتعاون مع مجلس الاعمال اللبناني، أن العلاقات الكويتية - اللبنانية تتخطى الدبلوماسية، فهي مثال للعلاقات الأخوية والإنسانية بالدرجة الأولى، كما أنها علاقات تاريخية مميزة في القلب والذاكرة، قائلا إننا كلبنانيين نقدّر الشعب الكويتي الذي تربطنا فيه روابط صداقة متينة، ونكنّ له كل الاحترام والتقدير لوقوفه ودعمه المتواصل للبنان والشعب اللبناني، ولا ننسى مبادرات الكويت، ووقفاتها المشرفة وبصماتها الإنسانية الراسخة ومساهماتها في شتى المجالات، فعلى كل بقعة من أرض لبنان، من الساحل إلى الجبل، نرى بيتا كويتيا، وبقلب كل لبناني نرى حبا وامتنانا لكويت العطاء والعز والفخر، وهذه المشاعر المتبادلة تؤكد حرصنا الثابت على تنمية الأواصر الثنائية وتعزيزها لما فيه مصلحة البلدين الشقيقين.
علاقات تاريخية
وبيّن عرفة أن الكاتب والإعلامي حمزة عليان هو صاحب فكر وذاكرة استطاع من خلالهما تدوين وحفظ وترسيخ الأحداث في قلب وذاكرة وفكر كل لبناني وكويتي، حيث يعتبر كتابه الأخير حصيلة جيدة ومتابعة وافية لكل مراحل العلاقات التاريخية بين بلدينا الشقيقين على مدى أكثر من قرن، حيث استطاع بخبرته العريقة لأكثر من 57 سنة في مجال الصحافة، ومنها 47 سنة من الجهد والإخلاص في الكويت، وبالأخص بإصداراته الأربعة التي تتناول العلاقات اللبنانية - الكويتية، وأغنى عليان المكتبة بـ 27 كتابا وإصدارا، ونشر آلاف الدراسات والتقارير في مواضيع متنوّعة.
3 إصدارات
من جانبه، تحدث عليان عن كتابه الأخير، الذي يروي فيه تاريخ العلاقات الكويتية - اللبنانية، وهو الذي تخصص برصد واستعراض وتوثيق هذه العلاقات منذ عام 2000، أي قبل ربع قرن تقريبا، من خلال 3 إصدارات متتالية سبقت كتابة الجديد، موضحا أن أهمية هذا الكتاب أنه يتعاطى معه من موقعه أولاً كباحث وكمواطن لبناني أمضى نحو 47 سنة من حياته في الصحافة الكويتية، خاصة أنه كان مواكبا، ولا يزال، لكل ما يُنشر أو يكتب في هذه الصحف وما يصدر من مؤلفات حول الشأنين اللبناني والكويتي.
وبيّن عليان أن الكتاب يُبحر في تاريخ العلاقات السياسية والاجتماعية والثقافية منذ بداياتها الأولى عام 1915 وحتى عام 2024، ويقدم روايات موثقة وصورا عن تلك العلاقة، مبينا أنه كان عاشقا للأرشيف وتوثيق الأحداث الصحافية، في محاولة منه لربط الحاضر بالماضي، وفي سبيل إتاحتها للأجيال القادمة للاطلاع عليها وفهمها واستشراف المستقبل من خلالها.التشابه والاختلاف
وسلّط عليان، من خلال كتابه، الضوء على التشابه والتماثل والاختلاف بين الكويت ولبنان بالقول إنهما بلدان صغيران، أحدهما على الطرف الشرقي للبحر المتوسط، والآخر على الزاوية الشمالية الغربية للخليج العربي، موقعان استراتيجيان يربطان دولا بدول وقارات بقارات، الأول حباه الله بجمال الطبيعة، والثاني أغدق عليه نعمة الذهب الأسود في أربعينيات القرن العشرين»، فأول شحنة للنفط تم تصديرها كانت عام 1946.
وأكد أن الكويت ولبنان متشابهان بقدر الجغرافيا السياسية والحدودية، وكلاهما دفع ثمن موقعه وتميّزه، ولأنهما متشابهان في المظهر الاجتماعي والحريات العامة، فقد كانت علاقتهما عفوية تلقائية، ثم حميمية دافئة ومتميزة، الرسمية منذ ما يقرب من 6 عقود، والشعبية منذ ما يزيد على ثلاثة أرباع القرن. وقد أفرز التشابه جملة من التعقيدات، جمعت قدرًا كبيرًا من ظلم الجغرافيا والتاريخ، عندما جعلت من كليهما مطمعا لجيران أقوياء تنتابهم حالات من جنون الهيمنة.
وتطرّق عليان إلى أن الكويت تطبع سنويا 2300 كتاب، وهو ما يعتبر مستوى جيدا ومتقدما إذا قارنّاها بفرنسا وتونس في نسبة المستفيدين من طباعة الكتب سنويا.
قواسم مشتركة
بدوره، قال رئيس مجلس الأعمال اللبناني، علي خليل، إن الكتاب يلقي الضوء على القواسم المشتركة بين الكويت ولبنان، ويوضح أنها لا تقتصر فقط على اللغة والثقافة، بل هي تتجاوز ذلك الى صلب تركيبة الشخصية المبنية على روح المبادرة والابداع والشغف بالاستكشاف والانفتاح السمح على العالم، الأمر الذي أسس لنجاح كل منهم في ريادة الأعمال.
وأوضح أن هذا الكتاب يثير لديه ذكريات الطفولة وصداقة أسرته مع العديد من الأسر الكويتية التي استضافها لبنان، مضيفا أنه تأثّر بقيمها المبنية على العقل، والتوازن في العلاقة بين المواطن والحاكم، والتواضع في المعاملة، وإنسانية الكويت تجاه القضايا العربية، لتصبح دولة يقتدى بها ودور كل مقيم في الكويت أن يبادل كرم ضيافتها بأن يضيف قيمة لمجتمعها، ويحترم قيمها، ويوطد العلاقات التجارية والثقافية لما فيه خير للكويت وبلده الأم، وهي رسالة مجلس الأعمال اللبناني في الكويت.
التجارة... البداية
من جانبه، قال الأمين العام لمجلس الأعمال اللبناني في الكويت، كريم درويش، إن العلاقات الكويتية - اللبنانية هي علاقات تاريخية، مبينا أن استضافة السفارة اللبنانية إطلاق كتاب عليان تسلط الضوء على أول لبناني دخل الى الكويت بقصد التجارة في الذهب والساعات.
وأوضح أن مجلس الأعمال اللبناني الذي أنشئ عام 2020 كان باكورة العلاقات الكويتية - اللبنانية، وكان يهدف الى توطيد العلاقات الثقافية من خلال إظهار بعض المثقفين الكويتيين ونشر بعض الكتب التي توثّق لتلك العلاقات، مردفا: كما أن المجلس يدعم المثقفين اللبنانيين المقيمين بالكويت، الذين عكسوا للثقافة المشتركة بين البلدين والعديد من العوامل المشتركة، مثل حرية الصحافة والحرية السياسية والمجتمعية، وهما من أوائل الدول العربية الذين انطلقوا نحو الحرية الثقافية.
مرجع للأجيال
من جهته، وصف الأمين العام لاتحاد أصحاب الفنادق في الكويت، محمد ناجيا، الندوة بأنها «مميزة نظراً، لأن الأخ حمزة عليان، الذي وثّق أموراً كثيرة في الصحافة الكويتية، وكان له باع طويل في جريدة القبس، وحالياً هو في صحيفة الجريدة، يقوم بعمل جيد للغاية، إضافة الى كتبه الأكثر من 20 التي أصدرها».
وأضاف ناجيا: «لذلك الكتب التي تتعلّق بالعلاقات الكويتية - اللبنانية لا شك في أنها مرجع كبير لنا وللأجيال المقبلة، وأتمنى أن تستمر هذه العلاقة الرائعة بين الكويت ولبنان، إلى أجيال المستقبل».9 فصول... من الدبلوماسية إلى الاقتصاد والإعلام والتعليم والسياحة
يضم كتاب «بيروت في ذاكرة الكويت 1915 - 2024» 9 فصول، الأول يتحدث عن التمثيل والاعتراف الدبلوماسي المشترك وتبادل السفراء منذ عام 1962، والثاني يتناول محطات في تاريخ الجالية اللبنانية في الكويت، بدايات الهجرة بين الأوائل والإحصاءات وأوجه الحضور اللبناني في حالة من العشق المتبادل، ودور اللبنانيين في الصحافة والإعلام والتعليم والسياحة والفنادق والمطاعم والمقاولات ورجال الأعمال والتجار، ثم يفرد فصلا خاصا عن «بيت اللبنانيين» في الكويت ومجالس الأعمال وجمعيات الصداقة التي شهدها البلدان، وفي الفصل الخامس عن تاريخ الجالية الكويتية التي احتلت قلب لبنان معرّجاً على السياحة والعلاقات الاقتصادية والاستثمارات، ثم فصل عبارة عن قراءة في تاريخ العلاقات المشتركة والأزمات، والفصل السابع يحتوي على أوجه الدعم في التنمية والعطاءات الكويتية والثامن إطلالة على المشهد الثقافي والتماهي بين خطين واتجاهين، وأخيرا سيرة الكاتب وفهرس بأسماء الأماكن والمواقع والأعلام وقائمة بالمراجع والمصادر.
وأضاف الكاتب صورا نادرة مع نهاية كل فصل توضح معالم وشهود العلاقة، وبالتفصيل بعدد 442 صفحة، بالألوان.