جرّاح قلب من خارج السرب
ليت كل الهدايا تشبه هدية تلك السيدة الكويتية الفاضلة التي أحضرت لي كتاب «مذكرات مجدي يعقوب» والصادر حديثاً باللغة العربية من مصر.
أول سؤال تطرحه على نفسك بعد مطالعة الكتاب: لماذا تلك الشهرة، التي لازمت اسم د. مجدي يعقوب دون غيره من آلاف الأطباء الماهرين؟
لقد حقق في السنوات العشرين لتقاعده القسري قدر ما حقق في السنوات الأربعين السابقة من عمره، تركة مجدي يعقوب تتمثل في عمل غيّر فيه وجه جراحة القلب في العالم، فقد أسس أضخم برنامج لزراعة القلب والرئة على مستوى دولي، أقامه في مستشفى ريفي على أطراف مدينة غرب لندن، وفي مجال جراحة القلب ذي العيوب الخلقية توسع كثيراً في أعماله الجراحية فاستحدث عملية تبديل الشرايين لدى الأطفال المولودين بعيوب بوضع شرايين كبرى.
قصة رجل متواضع ملهمة للكثير من أطباء القلب وغيرهم، كان على الدوام يراكم المعرفة والخبرة، وغيره من الناس يراكمون الثروة، وبلغ اليوم من العمر سبعة وثمانين عاماً (87 سنة)، وبلغة بسيطة كان هناك من يصفه: «البروفيسور مجدي يعقوب»، الحاصل على وسام الاستحقاق، زميل الجمعية الملكية، ولد ونشأ في مصر، وفي بريطانيا ذاعت شهرته في جراحة القلب، زوجته ألمانية، يعمل أبناؤه الثلاثة في مدن: هوتشي منه بفيتنام ولشبونة بالبرتغال ولندن ببريطانيا، أما هو فرجل عالمي وإن بقيت مصر في قلبه.
قالت عنه السيدة «ماري آتشر» مقدمة الطبعة الإنكليزية إنه عبقري مغامر، طبيب ملهم، صاحب ريادة في الطب الحيوي صديق الرؤساء والفقراء، ولديه سجل حافل بالأعمال الإنسانية العظيمة.
بعد أن وعى على الدنيا، عقد العزم على أن يصبح جراح قلب عندما توفيت عمته الشابة قبل الأوان بسبب روماتيزم القلب،
نال صفة «الأوائل» لأنه أجرى أولى عمليات «التبديل» لإنقاذ حديثي الولادة الذين جاؤوا إلى الدنيا بتشوهات في الشرايين، وكانت عام 1983 في أوروبا.
هذا الرجل لمس من قلوب الناس أكثر مما لمس أي شخص عداه، بالمعنى الحرفي للمس القلوب، إنجازاته في مجال الطب استحق عليها أن تمنحه ملكة بريطانيا لقب «سير» (SIR) وهو شرف يتطلع إليه الكثيرون.
أقام جمعية سلسلة الأمل الخيرية في بريطانيا سنة 1995 ومركز أسوان للقلب وآخر في القاهرة، وثالث في راوندا، أسمته الأميرة ديانا «ملك القلوب» فهو بالفعل شخصية استثنائية في تاريخ العلم والطب ورعاية صحة الإنسان، وطبيب الفقراء.