حفاظاً على نظامنا الديموقراطي
لا أرى أأمن ولا أسلم لمجتمعنا سوى الحفاظ على نظامنا الديموقراطي حتى لو أساء البعض استخدامه الاستخدام السليم، وخصوصاً من بعض أعضاء مجلس الأمة، حيث طغت المصالح الخاصة على المصلحة العامة لدى كثير منهم، وتفشت لدينا المصالح القبلية والطائفية، وأيد بعض الأعضاء قرارات ضارة بمصلحة الدولة، وبصفة خاصة ما يتعلق بالحفاظ على الهوية الوطنية والحفاظ على الثروة الاقتصادية، ظناً منهم أنها مفيدة للقبيلة أو للطائفة، حتى لو أدى ذلك إلى إلحاق ضرر بالهوية الوطنية أو ضرر بالمستقبل الاقتصادي للدولة.
وتأتي المطالبة بالحفاظ على نظامنا الديموقراطي، على اعتبار أنه أكثر نظم الحكم قدرة على إصلاح عيوبه، ويرى الزعيم البريطاني تشرشل أن النظام الديموقراطي أفضل نظم الحكم السيئة، فإذا كانت نظم الحكم جميعها فيها مساوئ، فالنظام الديموقراطي أفضل السيئين، لذا علينا أن نفتخر ونعتز بأننا استطعنا أن نبني نظاماً ديموقراطياً منذ أكثر من ستين عاماً.
واستطعنا الحفاظ عليه بالرغم من كل العقبات التي واجهتنا، وعلينا أن نتذكر، وبكل اعتزاز، أننا بعد الاحتلال العراقي، رأينا الرئيس الأميركي بوش، بصفته أكبر رئيس دولة ساهمت في تحرير الكويت، ممسكاً بيد الأمير الراحل المرحوم جابر الأحمد، وهو يهنئه بتحرير الكويت، مؤكداً له أن التأييد الدولي للكويت، جاء لأنها مجتمع ديموقراطي، وطالبه بالحفاظ على النظام الديموقراطي والتمسك بدستور 1962.
أقول هذا الكلام بعد أن برز كثير من الآراء التي تطالب بتعليق بعض مواد الدستور، وحل المجلس حلاً غير دستوري، وذلك لأن كثيراً من أعضاء مجلس الأمة بدؤوا يسيئون استخدام الديموقراطية الاستخدام السليم، فمثلا تكتل بعض الأعضاء في مجموعات، ووضعوا برامج خاصة بهم، وطالبوا الحكومة بالالتزام بها وتنفيذها، ويعد هذا نوعا من التدخل في أعمال السلطة التنفيذية والتغول عليها، ويتعارض ذلك مع نصوص الدستور.
كما بدأ بعض الأعضاء بإطالة اللسان والتفوه بألفاظ نابية ضد أعضاء الحكومة، ظناً منهم أن الحرية الممنوحة لعضو المجلس حرية مطلقة، غير محددة بقانون الآداب العامة والأعراف الاجتماعية، ومن ثم أصبحت الديموقراطية ينظر إليها بهذا النهج من وجهة نظر المطالبين بحل المجلس على أنها خطر يهدد وجود الدولة واستمرارها، ومن ثم بدأت ترتفع الأصوات التي تطالب بحل المجلس، مؤكدة أن الديموقراطية كانت من أهم أسباب تخلف الكويت عن محيطها الإقليمي.
وبالرغم من مخالفتي لتلك الآراء، ولكن إذا رأت المحكمة الدستورية، حسب الطعون المقدمة لها من بعض المتضررين من الانتخابات التي أجريت، ممن ادعوا أن سبب سقوطهم يرجع لوجود مزورين ومزدوجين في كشوف الانتخابات، وهم من فئة لا يحق لها التصويت، وقدموا أدلة تثبت أقوالهم، واقتنعت المحكمة بتلك الأدلة، وحكمت ببطلان الانتخابات، فأنا مع عدم إجراء انتخابات حتى تتمكن الدولة من تنظيف كشوف الناخبين من المزورين والمزدوجين على أن تعطى الحكومة فترة لا تتجاوز العام لتنفيذ ذلك، وقد يكون هذا الحل الأسلم للدولة.