التنمية والديموقراطية وميناء الفاو!!
تصدرت الصحف الأسبوع الماضي عناوين خبر اقتصادي مهم جداً، وهو توقيع مذكرة تفاهم ما بين أربعة أطراف، دولتان منها شقيقتان هما دولة قطر والإمارات العربية المتحدة، ومن الجانب الثاني كل من العراق وتركيا لتدشين مشروع اقتصادي حيوي وهو طريق التنمية الذي سيشغل ميناء الفاو العراقي بحد أقصى في السنوات المقبلة.
طريق التنمية وإن كانت هناك أصوات خرجت لتبين عدم أهميته، يظل عاملاً اقتصادياً مهما يعبر عن التعاون التركي القطري من جانب، وإيصال البضائع الإماراتية دون اختناق أو التزام بخط ملاحي واحد أو مرسوم من شرق الخريطة أو غربها.
أما على الصعيد الداخلي الكويتي فبدأت الأصوات ما بين لائمة للحكومات المتعاقبة والبرلمانات من جانب، ومن جانب آخر السخط ولعن المناخ السياسي الكويتي وتسببه في ضياع الفرص بسبب انشغال الشارع بمماحكات وقضايا هامشية أضاعت فرصتنا في العمل على ميناء مبارك الكبير، وتعطل هذا المشروع وتشغيله كجزء حيوي من مدينة الحرير المستقبلية في دولة الكويت.
وهنا تكمن المشكلة!! مبدئياً فالديموقراطية براء من هذا الكلام كله مهما كان هامشها، والعلة كما أقول دائماً وأبداً ليست في النظام السياسي (مهما كان) بل في الأنفس التي تدير المشهد في أي مكان، فلا الدولة ذات الهامش الديموقراطي السياسي (جمهورية تركيا كمثال) ولا ذات نظام التفرد بالسلطة تستطيع أن تعمل وتدشن مشاريع حيوية واقتصادية واجتماعية إلا إذا كانت الرؤية واضحة وشفافة ومدروسة لسنوات قادمة مع مؤشرات نجاح قابلة للقياس والمحاسبة.
تلك أمور افتقدناها في مشروع الحرير مروراً بميناء مبارك، واللوم يقع على الحكومة والمجلس لا على طرف دون الآخر كما يصور البعض!! فلا الحكومات السابقة كانت جادة في التنفيذ ولا المجلس كذلك، فقد كان وما زال امتدادا لردود الأفعال وهوى الشارع، ولكل جهةٍ أسباب تتأصل في الواقع السياسي والنظام البرلماني.
أما عن الحل والعمل فهما أمران بسيطان، فيجب الآن تدارك ما فات والعمل على الدخول في شراكات استراتيجية تضع الكويت في الخريطة الاقتصادية للمنطقة، وكذلك العمل على تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وخلق فرص العمل للشباب في تدشين مشروع الحرير كذلك ليواكب هذا الوقت ومتطلبات الساعة.
وميناء مبارك حتى جسر جابر لا ينفكان عن كونهما مشاريع «إسمنتية» لا غير، إلا إذا توجا برؤية واضحة لمستقبل باهر، فالعلة ليست في الديموقراطية بل في الأنفس المريضة وغير المبالية بمستقبل أجيال قادمة في ظل مناخ سياسي صحي. وتذكروا دائما أن التنمية الحقيقية ليست في الحجر بل في تطور البشر ومستقبلهم وثقافتهم وحياتهم اليومية ومعيشتهم !!