أثارت القمة الثلاثية التي استضافتها تونس في 22 الجاري، وجمعت الرئيس التونسي قيس سعيّد ونظيره الجزائري عبدالمجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي تساؤلات حول مصير «اتحاد المغرب العربي»، وسط بوادر رياح حرب إقليمية باردة تهب على المنطقة مع تصاعد السباق بين الجزائر والمغرب.
وأسس اتحاد المغرب العربي في 17 فبراير 1989 بمدينة مراكش المغربية، ويضم 5 دول هي موريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، قام على فكرة تعزيز الاندماج الاقتصادي والثقافي كمدخل للتكامل السياسي والعسكري، لكن مسيرته تجمدت بسبب عدة عوامل، أبرزها الخلاف بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء، دفعهما إلى إغلاق الحدود بينهما منذ عام 1994، ثم قطع العلاقات الدبلوماسية.
في هذا السياق، اعتبر وزير خارجية تونس الأسبق، أحمد ونيس، في تصريح لـ «الجريدة» أن قمة تونس الثلاثية «ليست مجانية، فبالنسبة لنا، المغرب العربي يضم 5 دول»، مؤكداً أن «سبب هذه المبادرة» التي أطلقتها الجزائر «معروف منذ البداية، وهو عدم توجيه دعوة للمغرب».
وأضاف ونيس أن «عدم دعوة المغرب أدى إلى امتناع موريتانيا عن المشاركة»، فيما تعامل رئيس المجلس الرئاسي الليبي المنفي بشكل آخر، «فقد شارك في القمة، ثم أرسل مبعوثا خاصا على الفور إلى الرباط».
وأوضح الدبلوماسي التونسي السابق أنه «إذا عُقدت جلسة مقبلة من هذه القمة الثلاثية، فسيكون بوسع الجزائر الادعاء بأنها انتهت من كابوس المغرب الكبير. وستكون الجلسة المقبلة فرصة للجزائر لكي تطلب منطقيا الاعتراف بما يسمّى بالدولة السادسة، وأن تتم دعوتها في المرة المقبلة»، في إشارة إلى «جبهة البوليساريو» الانفصالية.
في المقابل، رأى الإعلامي والجامعي التونسي الخبير في السياسة الدولية والمتغيرات الجيواستراتيجية، كمال بن يونس، في ردّه على أسئلة «الجريدة»، أن عقد مشاورات ثنائية أو ثلاثية على مستوى الرؤساء أو الوزراء ليس بديلا عن الآليات الإقليمية والدولية.
وأشار بن يونس، في هذا الصدد، إلى تصريحات وزيرَي خارجية تونس والجزائر، التي أكدت أن الاجتماع الثلاثي في تونس لم يكن «قمة مغاربية، بل مجرد لقاء تشاوري حول قضايا ثنائية وإقليمية مشتركة، من بينها الهجرة والتحديات الأمنية والاقتصادية». وأوضح أنه سبق للمنطقة أن شهدت آليات تشاور وشراكة مصغرة من بينها «معاهدة الإخاء والوفاق» عام 1984 بين تونس والجزائر وموريتانيا، ومعاهدة ثنائية بين المغرب وليبيا، مؤكدا أن التنسيق الثنائي والثلاثي ساهم في ولادة اتحاد المغرب العربي.
وأقر بأن اتحاد المغرب العربي «شبه مجمد» منذ قرار العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني أواخر 1994 بـ «تجميد مشاركة المغرب» في قممه، ورأى أن المشاورات الثلاثية بن الجزائر وتونس وطرابلس يمكن أن تسهم في تفعيل آليات اتحاد المغرب العربي، «وهي حسب تصريحات قادة تونس والجزائر ليست بديلا عن المشروع المغاربي الخماسي، ولا عن أنشطة الأمانة العامة للاتحاد في الرباط».