دخلت صفقة تبادل الأسرى والرهائن مقابل وقف اطلاق النار بقطاع غزة الفلسطيني مدة أسابيع وفق المقترح المصري الأخير المجهول، بعد أن أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماعهما بالقدس أن إسرائيل لن توافق على أي اتفاق يفرض إنهاء الحرب ضد «حماس» بقطاع غزة، فيما أكد المسؤول بالحركة، سهيل الهندي، التمسك بوقف دائم لإطلاق النار.
وكان بلينكن الذي وصل لإسرائيل أمس قادماً من الأردن في إطار جولة بداها من السعودية، خلال اجتماع مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، أن «حماس» هي السبب الوحيد وراء عدم التوصل لاتفاق لتبادل الأسرى وإقرار هدنة بغزة.
وبعد محادثات خاصة مع نتنياهو، أكد الوزير الأميركي تصميمه على التوصل الآن لاتفاق هدنة لوقف الحرب المتواصلة منذ 208 أيام، داعياً الحركة إلى قبول آخر اقتراح مطروح على الطاولة والإفراج عن الرهائن.
وجدد بلينكن تأكيد معارضة واشنطن حالياً شنّ هجوم بري إسرائيلي على رفح المكتظة بـ 1.4 مليون نازح.
وأفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن بلينكن أشار خلال اجتماعه مع نتنياهو إلى «تأكيد أهمية تسريع وتيرة تحسين إدخال المساعدات إلى غزة والحفاظ عليه».
ووسط ترقّب لردّ الحركة الفلسطينية على آخر المقترحات المصرية بشأن إبرام صفقة تبادل المحتجزين ووقف القتال لـ 40 يوماً، بأسرع وقت، قال مكتب نتنياهو ان رئيس الحكومة يرفض أي اتفاق لا ينص على وقف الحرب.
وكان موقع والاه الاستخباراتي نقل عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أن نتنياهو ابلغ بلينكن انه إذا لم تتخلّ «حماس» عن مطلب وقف الحرب بشكل كامل، فلن يكون هناك اتفاق، وسيجتاح الجيش الإسرائيلي رفح المتاخمة لمصر. وأمس الأول حاول نتنياهو الفصل بين صفقة الهدنة واجتياح رفح، مؤكدا أن الجيش سيقتحم المنطقة مع أو بدون اتفاق.
اتهام ورفض
في المقابل، نقلت «رويترز» عن قيادي بـ «حماس» قوله إن تصريحات بلينكن «محاولة للضغط وتبرئة إسرائيل».
وكان القيادي يوسف حمدان أعرب عن اعتقاده أن التعديلات الإسرائيلية الأخيرة على المقترح المصري تقترب من موقف وشروط «حماس»، لكنّه لايزال يتضمن «بنوداً ملغّمة قد تؤدي لتفجير الاتفاق عند التنفيذ»، وتحتاج إلى توضيحات طلبناها من مصر وقطر.
وقال إن هناك أطرافاً تصف الورقة الإسرائيلية بأنها «تتضمن عرضا سخيّا، للضغط على الحركة لقبول العرض كما هو».
في غضون ذلك، ذكر مسؤول مصري يتمتع بعلاقات وثيقة بالمحادثات أن الحركة تريد شروطاً واضحة للعودة غير المشروطة للنازحين لشمال غزة، وضمان أن المرحلة الثانية من الاتفاق ستتم، وسيتضمن الاتفاق مناقشة الانسحاب التدريجي والكامل لجميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة كله. ويقول إن الاتفاق الحالي لم يوضح بشكل كامل من سيُسمح له بالعودة للشمال، وكيف سيتم تحديد ذلك.
وجدد المصدر المصري الحديث عن استمرار جهود التوصل لهدنة وسط «أجواء إيجابية» لحسم بعض النقاط الخلافية.
من جهة ثانية، رفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لقاء بلينكن في رام الله، أمس، احتجاجاً على استخدام الإدارة الأميركية حق النقض (الفيتو)، ضد طلب فلسطين المقدم لمجلس الأمن الدولي للحصول على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة في 18 أبريل الماضي، ليوجه صدمة جديدة لجهود إدارة الرئيس جو بايدن بشأن مستقبل الحل السياسي الإقليمي للنزاع.
4 سيناريوهات
ومع احتدام الغموض بشأن مستقبل الصراع وانعكاساته على القطاع الفلسطيني والعملية الوشيكة برفح والائتلاف اليميني الحاكم في تل أبيب، وضعت صحيفة يسرائيل هيوم 4 سيناريوهات لصفقة التبادل والتهدئة.
وتحدثت الصحيفة العبرية عن حالة غليان بالمؤسسة السياسية الإسرائيلية، انتظاراً لردّ «حماس». وذكرت أن الجناح اليميني المتطرف بالحكومة يهدد بإسقاطها حال كانت الصفقة ستوقف عمليات رفح، وفقاً للرؤية المصرية التي ترغب في شطبها.
وأشارت إلى أن السيناريو الأول يتضمن رفض «حماس» الكامل للصفقة، ومنح حكومة نتنياهو مبررات قوية لاجتياح رفح بمواجهة الضغوط الدولية المتصاعدة.
وتوقعت أن يؤدي السيناريو الثاني في حال وافقت الحركة الإسلامية على الصفقة، وحصلت على تنازلات كبيرة من جانب إسرائيل، مثل عدم اجتياح رفح، إلى تفكك الحكومة في ظل تهديد وزراء اليمين المتطرف المضيّ بالحملة لتدمير كل كتائب «حماس» العسكرية، وعدم السماح لها بالعودة لإحكام قبضتها على القطاع. وفي السيناريو الثالث، لفتت إلى احتمال موافقة «حماس» ومصادقة نتنياهو على الاتفاق الذي سيؤدي إلى هدنة يعارضها وزير المالية، رئيس كتلة الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بشكل دعائي يمكن أن ينتهي بتفكيك الحكومة على «المدى الطويل».
وأخيراً، رأت الصحيفة أنه في حال وافقت «حماس» ورفض نتنياهو، فإن حكومته ستصبح مهددة لكنّها لن تسقط، إذ إن الوزير بيني غانتس وشريكه غادي أيزنكوت سيقدمان استقالتيهما ويبرران خطوتهما التي لن تتمكن من تفكيك الائتلاف الحاكم بأن نتنياهو يرفض إطلاق سراح الرهائن لأسباب سياسية، ويخضع لسموترتيش وبن غفير.
وأمس، اندلعت مواجهة علنية بين الوزيرة أوريت ستروك من حزب الصهيونية الدينية وحزب يش عاتيد، بعد أن وصفت الأولى الصفقة المحتملة بأنها تمثّل رمي أهداف الحكومة التي ترك الجنود كل شيء من أجل تحقيقها في القمامة من أجل «استعادة 22 أو 33 شخصا، لا أعرف كم».
ورد الحزب، الذي يتزعمه زعيم المعارضة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لابيد، على ستروك بالقول إن «الحكومة التي تتحمل مسؤولية الفشل الأكبر للشعب اليهودي منذ الهولوكوست ليس لها الحق في الوجود، استقيلوا وعدودوا إلى منازلكم، أنتم عار على الصهيونية وعلى الدين». كما ردّ الوزير حيلي تروفر من «المعسكر الوطني» بتأكيد أن «الأمر اليهودي الأساسي بأن مَن ينقذ حياة واحدة، يعتبر كأنه أنقذ عالماً كاملاً يشير إلى أهمية تجنّب سماع تصريحات ممن يتحدثون باسم الدين، لا تراعي المعاناة الرهيبة للمختطفين والحساسية تجاه حياة البشر».
في غضون ذلك، أعلنت تركيا الانضمام إلى الدعوة القضائية التي تقدمت بها جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية، وتتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، فيما أفيد بأن لابيد سيقوم بزيارة سياسية قصيرة إلى الإمارات.
من جهة ثانية، أعلن الأردن تمكّنه من إدخال أول قافلة مساعدات تضم 48 شاحنة لغزة عبر معبر بيت حانون، إضافة إلى قافلة أخرى من معبر كرم أبوسالم، لكنّه دان اعتداء مستوطنين إسرائيليين على المركبات خلال مرورها بالنقطتين.
وأظهرت مقاطع مصورة متداولة إسرائيليين وهم يلقون أكياسا من شاحنات، ثم يمزقونها وينثرون طحينا على الأرض.
قصف وضحايا
ميدانياً، واصلت الطائرات الحربية والمدفعية الإسرائيلية قصف عموم مناطق غزة، بما في ذلك شرق رفح، مما تسبب بمقتل 47 وإصابة 61 خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وبينما دارت اشتباكات عنيفة بعدة محاور بين عناصر الجيش الإسرائيلي وعناصر حماس والجهاد، أفادت تقارير بأن سلطات الاحتلال تواصل استعداداتها لاجتياح رفح عبر إقامة منطقة آمنة جديدة لدفع سكان المدينة والمهجرين الموجودين فيها للنزوح إليها في وسط القطاع، إضافة إلى توسيع منطقة أخرى في المواصل شرق خان يونس وجنوب دير البلح.