أثارت «هبة» المليار يورو التي منحها الاتحاد الأوروبي للحكومة اللبنانية، لمكافحة تسرب اللاجئين السوريين إلى أوروبا، انقساماً في المشهد السياسي اللبناني، وزادت الجدل بشأن هذا الملف السياسي والاجتماعي متعدد الأبعاد، الذي يضغط على لبنان بأشكال مختلفة منذ العام 2011.

وقال مؤيدو الخطوة، إن المنحة الأوروبية التي أُعلن عنها خلال زيارة رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فوندرلاين برفقة الرئيس القبرصي إلى بيروت الخميس الماضي، إنما تأتي في إطار الضغوط التي مارسها لبنان على دول أوروبية حول موقفها من اللاجئين والإصرار على إبقائهم في لبنان وعدم عودتهم إلى سورية.

Ad

وكان لبنان لوح مراراً بفتح الحدود البحرية وتنظيم رحلات هجرة للاجئين باتجاه أوروبا، الأمر الذي استنفر الأوروبيين إلى حدود بعيدة، فأعلنوا حزمة المساعدات هذه قبل حلول موعد مؤتمر بروكسل الذي سيكون مخصصاً للبحث في ملف اللجوء.

ووصف معارضون الخطوة بأنها رشوة قبلتها الحكومة اللبنانية مقابل إبقاء اللاجئين في لبنان. ووصف رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل ما جرى بأنه مسعى لـ«استئجار لبنان على أربع سنوات من الأوروبيين لمصلحة السوريين مقابل 250 مليون يورو سنوياً»، مقارناً بين مطالبة الاتحاد الأوروبي للبنان بإبقاء السوريين على أراضيه وسماحه في المقابل بهجرة موسمية للبنانيين للعمل في دوله، وهذا ما يؤدي إلى هجرة لبنانية مقنعة.

ودافع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن قبول المنحة وردّ على هذه الاتهامات مؤكداً أن «هذه مساعدة غير مشروطة للبنان واللبنانيين حصراً وتشمل القطاعات الصحية والتربوية والحماية الاجتماعية والعائلات الأكثر فقراً إضافة إلى مساعدات الجيش والقوى الأمنية من أمن عام وقوى أمن داخلي لضبط الحدود البرية زيادة العديد والعتاد، وكل ما يقال خلاف ذلك مجرد كلام فارغ واتهامات سياسية غير صحيحة».

وأكد ميقاتي عزم الحكومة على تطبيق القوانين على كل الأراضي اللبنانية وكل من يقيم بشكلٍ غير شرعي سيتم ترحيله إلى بلده وهذا الموضوع لا جدال فيه والأوامر أعطيت للأجهزة المختصة لتنفيذ ما يلزم».

في هذا السياق، أشار مصدر قريب من رئيس الحكومة، إلى أنه ليس بمقدور لبنان أن يفعل ما هو أفضل من ذلك، خصوصاً وسط الموقف الدولي الرافض للتعاطي مع دمشق. وتشير المصادر إلى وجود انقسام أوروبي بين دول تؤيد التنسيق الأمني والسياسي مع سورية لمتابعة ملف اللاجئين، وهذا الموقف تؤيده دول من شرق أوروبا، مقابل رفض دول غرب أوروبا لا سيما ألمانيا وفرنسا أي تعامل مع دمشق.

في هذا السياق، يسعى لبنان إلى إقناع الفرنسيين بضرورة التنسيق مع دمشق لإعادة إعمار مخيمات للاجئين داخل الأراضي السورية، الأمر الذي يصفه متابعون بأنه دور لبناني في إعادة تعويم حكم الرئيس السوري بشار الأسد أوروبياً انطلاقاً من ملف اللاجئين السوريين.

هذه الأزمة اللبنانية قابلة لأن تنفجر في أي لحظة، خصوصاً في ضوء الخشية من حصول إشكالات أمنية أو مواجهات بين اللبنانيين والسوريين، في ظل انعدام أي رؤية واضحة لدى السلطات اللبنانية حول كيفية مقاربة ملف اللاجئين والفصل بينهم وبين حاملي الإقامات أو العمّال، خصوصاً في ظل ارتفاع منسوب التوتر الاجتماعي بين المجتمع المضيف والمجتمع الضيف.