رياح وأوتاد: هل هو جهل أم بطولة أم أنه سعي للحل؟
كيف نصنّف تصريحات بعض الأعضاء المخالفة بصراحة لحقوق أمير البلاد الدستورية وصلاحياته؟... فقد صرّح أكثر من عضو بأنه سيستجوب رئيس الوزراء إذا تم توزير الشيخ فهد اليوسف، وصرح آخر بأن على رئيس الوزراء أن يأتي بوزراء يحملون نفس ألوان النواب أصفر أو أحمر، وقال ثالث إن الحكومة يجب أن تكون متوافقة مع نتائج الانتخابات، وجميع هذه التصريحات تخالف ما ورد في الدستور والمذكرة التفسيرية وأحكام المحكمة الدستورية.
فقد نصت المذكرة التفسيرية للدستور على أن «المادة 57 اكتفت بإعادة تشكيل الوزارة على النحو الذي يرتئيه أمير البلاد، على أن يكون هذا التعيين نهائياً وغير معلّق على إصدار قرار من المجلس بالثقة بالوزارة الجديدة»، إذاً فأمير البلاد هو الذي يشكّل الحكومة على النحو الذي يرتئيه، والحكومة تأخذ الثقة من سموه لا من المجلس، وطبعاً يجوز للنواب إبداء الرأي أمام الأمير، ولكن لا يجوز الافتئات على حقوق سموه والتدخل في سلطته بالتصعيد الإعلامي أو استجواب الوزراء أو تهديدهم قبل توزيرهم وقسمهم أمام المجلس، ووقوعهم في أعمال تستوجب المساءلة.
أما ما ورد في المذكرة التفسيرية من أن «الأمير يراعي عند إعادة تشكيل الوزارة الأوضاع الجديدة في المجلس النيابي وما قد يقتضيه الصالح العام من تعديل في تشكيل الوزارة أو تغيير في توزيع المناصب بين أعضائها»، فهو لا يعني أن الأمير يشكّل الحكومة على النحو الذي يريده النواب، ولكنه يعني أن الأمير يراعي في اختيار الوزراء المصلحة العامة على ضوء الأوضاع الجديدة، فقد تتطلب المصلحة العامة والأوضاع النيابية التوافق في بعض الأمور أو المواجهة في غيرها، أو التمسك الأكبر بالنواحي الفنية أو منحى أشد في مكافحة الفساد أو تسريع التنمية وهكذا، وهو لا يعني أن تُشكّل الحكومة وفق ما يريده النواب.
فهل خفيت هذه المبادئ الدستورية على النواب الذين صرحوا بتلك التصريحات؟ أم أنهم أرادوا منها مجرد تسجيل بطولة شعبية عند كثير من الناخبين الذين يجهلون هذه المبادئ ولا يعلمون خطر مخالفتها لحقوق الأمير وصلاحياته، وأنها قد تؤدي إلى تصعيد وحلّ مجلس الأمة إذا أصر أولئك النواب على تهديداتهم وحوّلوها إلى أعمال داخل المجلس؟
ولكن السؤال، أين رد الحكومة ودفاعها على هذا التدخل في حقوق الأمير وصلاحياته؟ هل استضعفوا الحكومة فتدخّلوا في الحقوق والصلاحيات؟