دأب مؤيدو إسرائيل على وصم مَنْ يعادي الدولة الصهيونية، أو حتى الاحتجاج والتظاهر ضد ممارساتها النازية ضد عرب فلسطين بمعاداة السامية. المثير للسخرية والحنق والغضب والدهشة، أن التظاهرات العارمة لطلبة الجامعات الأميركية والأوروبية لم تكن تدعو لمعاداة السامية، بل ضد إسرائيل. هم فقط يريدون وقف الإبادة الوحشية للمدنيين، ورفع الظلم عن أهالي غزة، الذين وقعوا ضحية بين مطرقة الصهاينة وسندان «حماس».
شماعة معاداة السامية لكل معارض لإسرائيل تحولت إلى أداة قمع وتنكيل، حتى ضد الشعوب الغربية التي انتفضت مُنادية بوقف الانتهاكات الإسرائيلية الإجرامية، وهضم حقوق الإنسان الفلسطيني الذي تتنطع به دول الغرب ليل نهار. إنه تبرير ظالم لدعم الدولة العنصرية الأولى في العالم.
مستر «بايدن» علَّق احتجاجات طلبة الجامعات الأميركية على شماعة مُعاداة السامية، قائلاً إنه لا مكان لمعاداة السامية بجامعات أميركا، رغم أنه لا أحد منهم أتى على ذكر السامية، فالمتظاهرون كانوا في صف الفلسطينيين وضد الانتهاكات الإسرائيلية، لكنه تبرير صلف لكل الساسة الأميركان والغرب للوقوف مع الكيان الصهيوني على حساب الحق الفلسطيني مختلقين أي عذر كان.
القمع الوحشي لمعارضي الجرائم الإسرائيلية كشف عن الجانب الآخر للوجه الغربي المظلم والقبيح الذي يتباهى بالديموقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان الغربي خصوصاً، فحقوق البشر عندهم تتوقف عندما تتعارض مع المصلحة الصهيونية تحديداً، وازدياد الزخم المعادي لإسرائيل حتى بين النخب السياسية يدل على التململ من الهيمنة الصهيونية الاقتصادية والإعلامية وعلى القرار السياسي الأميركي والغربي، والذي بدا واضحاً أن مصالح إسرائيل عند هؤلاء الساسة أهم عندهم من مصالح أممهم.
نقول لكل المخدوعين والمدافعين عن السامية، إن العرب هم الساميون، إنهم ساميون قبل أن توجد اليهودية، وقبل عبورهم البحر إلى التيه، العرب ساميون قبل ولادة سيدنا إبراهيم ومَنْ أتى من بعده من رسل وأنبياء، ومن خرج إلى الشوارع الأميركية والأوروبية إنما خرجوا مطالبين برفع الظلم عن الفلسطينيين الساميين، فهل منكم من عاقل يفهم؟
فيا مستر «بايدن»، اقرأ هذا الحديث النبوي الشريف إذا كنت تؤمن بحرية الأديان، فسيدنا محمد قال: «سَامٌ أَبُوالْعَرَبِ، وَحَامٌ أَبُوالْحَبَشِ، وَيَافِثُ أَبُوالرُّومِ»، فالشعوب السامية القديمة هم عرب الجزيرة، إضافة إلى الآشوريين، والبابليين والآراميين، والكنعانيين، والفينيقيين، والعموريين، والمؤابيين، والأدوميين، والعمونيين، والعبرانيين.
العرب وذرية سيدنا يعقوب الأصليون تحديداً، وليس صهاينة هذا العصر، هم أبناء عمومة وهم ساميون، فرَّقتهم السياسة، وفرَّقهم وعد بلفور المجرم، ودعمكم السياسي والعسكري للدولة الصهيونية.
فكفاكم ظلماً للساميين، وكفاكم مُعاداة للسامية، وكفاكم عبثاً بمصائر الأمم، الصهاينة ليسوا ساميين، إنهم نازيو العصر، كفاكم تسليحاً لقتلة الفلسطينيين، وكفاكم ذرفاً لدموع التماسيح على ضحايا غزة، الساميين.