تصف الدراسات السلم المجتمعي بأنه تعبير عن الموقف العاطفي المشترك بين المواطنين الذي يدفعهم إلى الإحساس بالاستقرار الاجتماعي، وأن ما يوحدهم من هوية وتاريخ ووطن ومصير أكبر من الفروقات فيما بينهم، فالسلم المجتمعي يؤسس لعلاقة جيدة وقوية بين الدولة وأفراد الشعب بمختلف انتماءاتهم، بحيث يثق الشعب بقرارات الدولة العادلة المبنية على أسس سليمة وجيدة، فالسلم المجتمعي لا يعني بالضرورة إزالة جميع الاختلافات بين أفراد المجتمع ومؤسساته وإجماع جميع هذه الأطراف على القرارات والرغبات نفسها، بل يعني إدارة القرارات بما يحقق أفضل مصلحة مشتركة للجميع.
فالسلم المجتمعي من ضروريات الحياة، وتبرز أهميته للأفراد والمجتمعات في عدة جوانب، منها:
1- غياب كل أشكال العنف الجسدي واللفظي والفكري لدى مختلف شرائح المجتمع.
2- وجود مواطنين صالحين ملتزمين بأنظمة الدولة وقواعدها.
3- تحقيق الوحدة والتعاون بين أفراد المجتمع.
4- تطور المجتمع وتقدمه وازدهاره.
5- زيادة مستويات السعادة والراحة النفسية للمواطنين والمقيمين.
6- وسيلة للحفاظ على الحياة الاجتماعية في معزل عن الصراع الداخلي.
7- حل سليم للنزاعات والصراعات الناتجة عن الاختلافات والتوترات الاجتماعية.
أما طرق تحقيق السلم الاجتماعي فمتعددة، منها: التوعية عن السلم المجتمعي عبر الأنشطة والنشر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، والمشاركة في النشاطات المحلية التطوعية لمساعدة الآخرين، ونشر ثقافة تقبل الآخر والتسامح واللاعنف وكيفية ممارسته وتطبيقه، أما مرتكزات السلم المجتمعي فتقوم على التالي:
1- حكومة جيدة تعمل لخدمة الشعب، فالحكومة التي تعمل لخدمة الشعب بشكل فعال يتم تقدير جهودها من المواطنين والمقيمين مما يولد الثقة بين أفراد المجتمع والحكومة.
2- بيئة عمل سليمة، سواء أكانت مؤسسات حكومية أم خاصة، فإن بيئة العمل الجيدة والظروف الاقتصادية الجيدة تساعد في بناء مجتمعات سلمية.
3- توزيع عادل للموارد، لا يمكن قيام مجتمع سلمي بدون توزيع عادل للموارد بين أفراده ومكوناته.
4- قبول حقوق الآخر، ويجب على الدولة أن تسن القوانين التي تحفظ وتضمن حقوق جميع الأفراد والشراكة المجتمعية.
5- بناء علاقات جيدة مع الدول المحيطة، فالدول التي ترغب في أن تحافظ على سلامها لا بد لها من أن تشكل علاقات جيدة وسلمية مع الدول المحيطة بها.
6- التدفق الحر للمعلومات، فنشر المعلومات بطريقة سلمية وصحيحة يؤدي إلى زيادة معرفة الأفراد بمشاكل المجتمع ورفع قدرتهم على حل هذه المشاكل.
7- توفير رؤوس الأموال الداعمة لرعاية الشباب وتعليمهم بأفضل المستويات ليكونوا مواطنين صالحين ومنتجين.
8- استمرار محاربة كل أشكال الفساد التي تبعد المجتمعات عن سلميتها.
يمكننا أن ننطلق من المادة 29 من الدستور، لتكون المقايسة التي نقوَم بها كل القوانين والقرارات والمناهج والبرامج والمسلسلات والمسارح والمؤتمرات والندوات والحملات الإعلامية والتوعوية، حتى نوقف جميع المشاحنات والتصادمات المعطلة للتنمية والإصلاح والازدهار، فالبلد بحاجة ماسة إلى سلم مجتمعي مدني مستقر مبني على شراكة مجتمعية مستدامة.