يغادر سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد والوفد الرسمي المرافق لسموه أرض الوطن اليوم متوجهاً إلى تركيا في زيارة دولة. وتتسم علاقة الكويت وتركيا على مدار ستة عقود بالتعاون على مختلف المستويات، وشهدت تلك العلاقة محطات تاريخية ومفصلية أثبتت قوة ومتانة ما يربط البلدين من احترام متبادل وتوافق في المصالح والرؤى المشتركة حيال أهم القضايا الإقليمية والدولية.

وتتوج زيارة سموه اليوم مسيرة طويلة من التعاون الكويتي - التركي، شهدت تطوراً ملحوظاً ومستمراً، وسط حرص قيادتي البلدين على تعزيزها لتشمل جميع المجالات، بما يسهم في تحقيق مصالحهما المشتركة.

Ad

وتقوم العلاقات الكويتية - التركية على أسس متجذرة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتنسيق حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك واستثمار الصلات الثقافية والتاريخية والدينية التي تجمع البلدين والشعبين الصديقين في تعزيز أواصر الصداقة بينهما وترسيخها. ويعود تاريخ العلاقات رسميا إلى عام 1969، عندما وقع الطرفان اتفاقية لإقامة علاقات دبلوماسية أعقبها تبادل افتتاح السفارات في البلدين عام 1970.

وخلال العقود الستة الماضية برزت تركيا شريكاً حقيقياً في الأوقات الحرجة التي شهدتها الكويت، لاسيما خلال الساعات الأولى للغزو العراقي للبلاد حين نددت تركيا بهذا العمل الهمجي، مؤكدة أنه عدوان واعتداء على القانون الدولي ومبدأ الشرعية الدولية، وأعلنت تضامنها مع الكويت للمطالبة بعودة السيادة والاستقلال إليها.

وعقب تحرير الكويت عام 1991 شهدت العلاقات الكويتية - التركية تطوراً لافتاً لاسيما بعد زيارة أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد لأنقرة في نوفمبر 1991، أعرب خلالها عن تقدير الكويت وامتنانه الشخصي لموقف تركيا من الغزو العراقي وتضامنها مع الحق الكويتي. وإثر ذلك، تواصلت الزيارات بين مسؤولي البلدين على مختلف المستويات، وشهدت ترسيخا وتطورا تمثل في اتفاقيات كثيرة تم توقيعها في شتى المجالات.

في المقابل، كانت للكويت مواقف داعمة ومساندة لتركيا، لاسيما حين شهدت منتصف يوليو 2016 محاولة انقلاب فاشلة استهدفت السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها، فكانت الكويت في مقدمة الدول التي دعمت الشعب التركي وحكومته المنتخبة ديموقراطياً، وحينها بعث الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد ببرقية إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هنأه فيها بنجاح الشرعية وانتصار الديموقراطية وإرادة الشعب التركي الصديق بالمحافظة على مكتسباته الدستورية، والتي مكنته من تجنب معاناة ومآس كثيرة وحقن دماء الأبرياء.

تطابق في الرؤى

وتتميز الرؤى الكويتية - التركية بوجود تطابق فيما يخص أهم القضايا الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك، حيث يتفق الجانبان على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، والتنديد بالأعمال العدوانية للاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وضرورة تخفيف معاناته، وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، والتصدي لظاهرة الإرهاب، والتعبير عن الرفض التام لمحاولات ربط الممارسات الإرهابية والإجرامية بأي دين أو فئة.

وفي 1983، وقع البلدان اتفاقية للتعاون الاقتصادي والصناعي والفني أثمرت تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة للتعاون الاقتصادي عقدت اجتماعات عدة في البلدين اللذين يرتبطان باتفاقية لتشجيع الاستثمار وحمايته منذ عام 1988.

وفي إطار تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، عقدت اللجنة العليا المشتركة بين البلدين اجتماعها الأول في 24 أكتوبر 2013 بالكويت، فيما عقدت آخر اجتماعاتها في أنقرة أكتوبر 2019.

وعلى الصعيد البرلماني، فإن التعاون بين مجلس الأمة ومجلس النواب التركي متنام على الدوام عبر لجنة الصداقة المشتركة وتبادل الزيارات والتنسيق المستمر في المحافل المختلفة بشأن القضايا الإقليمية والدولية.

ويرتبط البلدان بنحو 62 اتفاقية تشمل كل مجالات التعاون، لاسيما على صعيد الاستثمارات الكويتية في تركيا التي تبلغ حاليا نحو 2.5 مليار دولار، وتأتي تنفيذا للرؤية التنموية للكويت، الهادفة الى بناء قوة استثمارية إقليمية مع الاقتصادات المتقدمة والمستدامة ومنها تركيا.

عمل الشركات في البلدين

وتعمل نحو 447 شركة كويتية في تركيا، بينما تعمل نحو 50 شركة تركية بالكويت معظمها في مشروعات البنى التحتية، حيث نفذت نحو 50 مشروعاً بقيمة إجمالية تقدر بنحو 9 مليارات دولار، في مقدمتها المبنى الجديد لمطار الكويت الدولي.

وتوجد شراكة بين البلدين الصديقين في مجال الدفاع، كان من أحدث نتائجها إعلان وزارة الدفاع الكويتية في يونيو 2023 التعاقد مع تركيا لتوريد منظومة طائرات بدون طيار من طراز «بيرقدار TB2» بقيمة 367 مليون دولار بهدف تعزيز القدرات الدفاعية للجيش الكويتي.

وفي فبراير 2023، سارعت الكويت إلى إرسال مساعدات عاجلة لتركيا إثر الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق عدة فيها، وأطلقت حملة إغاثة عاجلة بتوجيهات الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد، كما أسهمت الكويت في إطفاء الحرائق التي اندلعت في مناطق عدة بتركيا عام 2021، وأهدت إلى تركيا ست آليات ولوازم متطورة للمكافحة والسيطرة على كل أنواع الحرائق.

وعلاوة على ذلك، تساهم الكويت بشكل كبير في تخفيف العبء عن الحكومة التركية التي تستضيف نحو 3 ملايين لاجئ سوري، من خلال استضافتها لمؤتمرات المانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية والمساعدات الإنسانية لهم وافتتاح مشاريع عدة عبر المؤسسات والجمعيات الخيرية الكويتية.