المنزل أو العقار ربما يكون الاستثمار الأكثر كلفة في حياة أي شخص حول العالم، لكن الأمر في مصر ربما يرتقي إلى مرحلة «العقيدة الاستثمارية». ممنوع المساس بأركانها، وأحد أهم تلك الأركان أن «السعر لا يعرف اتجاهات سوى الزيادة».

فعلى الرغم من تراجع أسعار مواد البناء على خلفية تعويم الجنيه المصري فإن مطوري العقارات في مصر يرتبكون حين سؤالهم حول مستقبل سعر العقار، وهل من الممكن أن يتراجع.

ردود الأفعال التي رصدتها «العربية Business»، ولغة الجسد، كانت انفعالية، ليس فقط رفض للفكرة، إلا أنها تخطت ذلك إلى اعتبار طرح السؤال من المحرمات. بعض المطورين قال لـ «العربية Business»: «ثروات المصريين والاقتصاد المصري يصبح في خطر... حصة العقارات في الناتج المحلي الإجمالي هي الأكبر والإقدام على مثل هذه الخطوة يعد انتحارا».

Ad


الآثار التي خلفها المصري القديم، ارتبط معظمها بأعمال البناء، رغم العلم وراء تلك المعجزات الهندسية والتي لاتزال قائمة إلى اليوم ومرور عشرات القرون وآلاف السنين على بنائها، إلا أن التركيز الأكبر كان على ما تبقى منها شامخاً إلى يومنا هذا.

ولسنوات كان القطاع العقاري قائداً مهماً للناتج المحلي الإجمالي، حيث يمثل أكثر من 20 في المئة من النمو بأكثر من 1.6 تريليون جنيه.

انخفاض أسعار العقارات يضر الاستثمار

المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، أسامة سعدالدين، يرى أن «مجرد ثبات سعر العقارات مؤشر سلبي على المشروع أو المنطقة التي يتم فيها تطوير العقار، وحتى سمعة المطور نفسه تصبح في خطر».

وقال سعد الدين لـ «العربية Business»، إن انخفاض أسعار العقارات حتى بعد انخفاض سعر الدولار قد يؤثر على الاستثمار في هذا القطاع المهم الذي يساهم بنسبة كبيرة في الناتج القومي الإجمالي، وقد يشكك العملاء في جدوى الاستثمار فيه، لأنه بهذا يعني أن قيمة العقار لا تزيد بالعكس تقل وهو مخالف لما هو متعارف عليه منذ عشرات السنين.

من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة شركة بروبرتي جيت للتسويق العقاري، أحمد العشري: «الساحل الشمالي حالياً أصبح قبلة المستثمرين والأسعار لا تتناسب بأي صورة مع متوسط الأسعار في باقي أرجاء مصر».

مسوق عقاري تواصل مع مراسل «العربية Business» في مصر يعرض وحدة عقارية في مشروع بالساحل الشمال قريب من رأس الحكمة... «وحدة من غرفتين بسعر يبدأ من 14 مليونا». طرح المشروع لم يطلق رسمياً بعد، وحتى أي تفاصيل أكثر عن الوحدة غير متاحة في الوقت الراهن باستثناء أنها ستسلم كاملة الفرش، وفقاً لما ذكره المسوق العقاري لمراسل العربية.

المناورة بالعروض العقارية

بعض المطورين لجأ لسياسة ترقية الوحدات أو إطلاق بعض العروض للمشترين القائمين، ولكن دون المساس بأسعار الطروحات الجديدة والتي ستظل تباع بأسعار أعلى من سابقتها، حتى لو لم يكن هناك دافع مرتبط بالتكلفة، ولكن سمعة الصناعة كاملة ستصبح مهددة.

يتوقع تامر دويدار الرئيس التنفيذى لـ«O West» ومكادي هايتس وبيوم، أن تشهد الفترة الحالية عروض من جانب الشركات لعملائها فيما يتعلق ببعض المزايا مثل تسهيلات في أقساط أو غيرها تعويضاً عن المناورة بالسعر.

ومن جانبه، قال أحمد العتال رئيس مجلس إدارة شركة العتال هولدينغ إن الشركات التي باعت وفقاً للتسعير اليومي أو الوقتي لمواد البناء تواجه الآن مشكلة كبيرة، وهي أنها باعت بأسعار مبالغ فيها فيما وصل الدولار إلى مستويات 77 جنيهاً وذلك في فبراير الماضي.

انخفاض أسعار العقارات في مصر «مستحيل»!

وأضاف العتال لـ «العربية Business» أن هذا الشركات ستواجه مشكلة أكبر في حالة تخفيض أسعارها، لأنها ستواجه خسارة في حالة إذا اشترت مواد بناء بأسعار مرتفعة عن الأسعار الحالية.

وأشار إلى أنه قد يحدث تباطؤ في السوق على مستوى المبيعات، ولكن «من المستحيل» أن يحدث انخفاض في اسعار العقار.

ومع تباطؤ عمليات البيع والطروحات خلال فترة ارتباك سعر الصرف السابقة للتعويم، واتجاه المطورين للتحوط، بات السؤال حول السعر مناسباً خصوصاً أن سعر الصرف استقر عند مستويات أدنى بكثير مما كان عليه في السوق الموازية قبل التعويم.

وأوضح العتال، أنه بالفعل بدأت بعض الشركات في السوق حالياً في طرح عروض وتسهيلات معينة لعملائها تعويضاً عن بيع الوحدات بسعر عالٍ خلال الفترة الماضية، لافتاً إلى أنه عدد ليس قليل من الشركات كبيرة الحجم أو صغيرة قامت بتقديم العروض لعملائها.

وفيما يتعلق بالتسهيلات التي أعلنتها الشركات لتعويض عملائهم الحاليين، أوضح العشري أن بعض الشركات عرضت تشطيبات ألترا سوبر لوكس لكسب رضاء عملائها، بينما بعضها قدم مزايا للعملاء في الوحدة نفسها فيما يتعلق باستغلال المساحة أو الحديقة أو الوجهات وغيرها.

يشبه الأمر طروحات الهواتف الجديدة من «أبل»، و«سامسونغ»، فرهان بسيط على استخدام المنافسة السعرية لزيادة الحصة السوقية قد تكون مقامرة خاسرة، «لا تدخل الشركات في هذا النوع من المنافسة».

حالة تسلا

دخلت شركة «تسلا» سوق السيارات، عبر السيارات الكهربائية، وحتى أرخص سياراتها كانت تتنافس مع فئات السيارات الفاخرة من علامات مثل «مرسيدس»، و«بي إم دبليو»، و«أودي»، مع طرح عدد محدود من الطرازات، ما قاد تسلا لتصبح شركة السيارات الأكثر قيمة في العالم.

ومع اشتعال حرب الأسعار عبر مجموعة من التخفيضات، كان الانهيار واضحاً، حيث تراجعت القيمة السوقية للشركة بأكثر من 40 في المئة، وخسرت مئات المليارات من قيمتها خلال أشهر قليلة، وتراجعت تسليمات السيارات مع حالة الترقب للمستوى السعري الذي ستبدأ من عنده الأسعار في عكس اتجاهها.