الغول والعنقاء والخِل الوفي

نشر في 07-05-2024
آخر تحديث 06-05-2024 | 23:45
 د. نجم عبدالكريم

وهذا المثل يُضرب في الاستحالات الثلاث التي جاء ذكرها فيه، فماذا قال التاريخ عن مفردات هذا المثل؟

الجاحظ يقول: «هو من الأمثال التي تضرب لشيء يُسمع بهِ ولا يُرى».

وجاء في شعر أبي نواس:

وما خبزة إلا كعنقاء مغربٍ

يُصوّر في بسط الملوك لها المثل

يُحدث عنها الناس من غير رؤيةٍ

سوى صورةٍ ما إن تمرّ ولا تُحل

أما الكميت فيقول:

محاسنُ من دنيا ودنيا كأنها

بها خُلقت في الجو عنقاءُ مغربِ

***

وما دمنا قد بدأنا بالعنقاء فلنتجول بالقليل القليل الذي كُتب عنها، فالفراهيدي قال: سُمّيت عنقاء لأنه كان في عنقها بياضٌ كالطوق، وكانت تحطّ في جبل دمخ الذي يقع في مدينة الرس، وهي طيرٌ عظيم، وقد جاع يوماً فانقضّ على صبي ثم اختفى، وكان الناس يسمونه عنقاء.

***

وجاء في كتاب مروج الذهب للمسعودي، نقلاً عن ابن عباس، أنه قال: «إن الله خلق طائراً في أول الزمان، وجعل فيه من كل جنسٍ قسطاً، فوجهه على مثال وجه إنسان، وأجنحتهُ فيها كل لونٍ حسن من الريش، واسمه العنقاء».

***

أما كتاب عجائب المخلوقات للقزويني فجاء فيه «إن العنقاء أعظم الطيور جثةً، وأكبرها خلقة، تخطف الفيل كما تخطف الحدأةُ الفأر، وعند طيرانها يُسمع من ريشها صوتٌ كهجوم السيل أو صوت الأشجار عند هبوب الرياح، وإن عمرها هو ألف وسبعمئة سنة، وفي سنّ الخمسمئة تتزوج، فإذا حان وقت بيضها يظهر بها ألمٌ شديد، فيأتي لها الذكر بماء البحر في منقارهِ ويحقنها بهِ، فتخرج البيضة منها، فيتولى الذكر حضانتها، وتتولى الأنثى جمع الحطب الذي يُشعل فيه الذكر ناراً يُخرجها من منقارهِ». ويختتم القزويني موضوع العنقاء بالقول: «لقد ذكروا في العنقاء أقوالاً أعجب مما ذكرنا، لكنها لم تكُن مُستندة إلى قائل يُعتمد، فاعتمدنا هذا القدر».

***

أما كتاب حياة الحيوان الكبرى للدميري، فقد كتب «إن العنقاء طائرٌ غريب يبيض بيضاً كالجبال، ووصفه أرسطوطاليس، إذا تم اصطياده يصنع من مخالبهِ أقداح عظام للشراب، أما اصطيادهُ فيتم بإيقاف ثورين تتوسطهما بقرة تُثقل بالحجارة والعظام، فتنزل العنقاء على الثورين لتخطفهما، فإذا نشبت أظفارها في الثورين أو أحدهما فلم تتمكن من تخليص مخالبها، فيخرج عليها شخص يحمل النار ليحرقها».

***

هذا قليل من كثير عن قصص العنقاء، أما لو تحدثنا عن الغول فإنكم سترون قصص العنقاء معقولة جداً جداً إذا ما قورنت بالحيوان الخرافي الغول، أما الخِلّ الوفي فأترك وصفه لكم، فهل يقارَن بالعنقاء والغول اللذين هناك استحالة لوجودهما؟!

back to top