كشفت مصادر مطلعة في هيئة أسواق المال لـ «الجريدة»، أن الهيئة، تنفيذاً لمبادرات استراتيجيتها الحالية، عكفت خلال الفترة السابقة على تطوير طبيعة ومنهجية أعمالها الرقابية وفق أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال.
وذكرت المصادر أن إجراءات الهيئة التطويرية تلك تستهدف تعزيز منهجية رقابية مبنية على المخاطر (Risk Based Supervision)، بحيث يتحول نهجها الرقابي بصورة كبيرة إلى «رقابة استباقية» (Proactive)، بدلاً من «الرقابة التقليدية»، أو ما يمكن تسميته بـ «الرقابة اللاحقة» المبنية على رد الفعل بعد وقوع الحدث (Reactive)، سعياً لتحقيق فاعلية أكبر لدى استخدام مختلف موارد الهيئة للقيام بدورها الرقابي.
وأشارت المصادر إلى أن توجه الهيئة المتصل بتطوير أعمالها الرقابية جاء بناءً على دراسات موسعة، شملت تجارب عينة الدول التي قامت بتطبيق الرقابة المبنية على المخاطر، كما شملت تطوير إجراءاتها الداخلية، لتتناسب مع المنهجية الرقابية الجديدة، ضمنها تحديث عملية تبادل المعلومات بين الوحدات التنظيمية الرقابية داخل الهيئة، وتحديث أنظمة إصدار التقارير الرقابية.
وفي هذا الصدد، ذكرت مصادر الهيئة أن الرقابة المبنية على تقييم المخاطر تختلف عن الرقابة التقليدية، إذ ترتكز بصورة رئيسية على رصد المخاطر بشكل استباقي، والقيام بتحليلها ومعرفة اتجاهاتها، وبالتالي توجيه الموارد الرقابية على أساس تلك المخاطر المحددة، بصورة مغايرة للرقابة التقليدية، التي تعتمد على تحليل كل أنشطة المؤسسة المالية، بغض النظر عن مستويات مخاطرها، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، تعتمد الأعمال الرقابية المبنية على المخاطر بشكل أساسي على العديد من المدخلات، مثل: الحصول على فهم معمَّق لطبيعة أعمال الجهة الخاضعة للرقابة، ورصد المخاطر، وتقييم فاعلية إدارتها من قِبل الجهة، وإعداد مصفوفة للمخاطر لتحديد مستوى وتأثير كل نوع من المخاطر المرصودة على الجهة، حيث يتم استخدام تلك المدخلات لدى إعداد الخطة الرقابية، وكذلك حين تصميم البرنامج الرقابي المناسب للتعامل مع تلك المخاطر.
وأوضحت المصادر أن تطبيق نظام الإفصاح الإلكتروني بلغة XBRL يتيح توفير قاعدة بيانات متكاملة لتفعيل المنهجية الرقابية المبنية على المخاطر، من خلال توفير بيانات تفصيلية لمخاطر الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة، بمختلف أنواعها، من شركات مرخص لها، وشركات مدرجة، وأنظمة استثمار جماعي، لاسيما أن تلك البيانات التفصيلية تشمل بطبيعة الحال بيانات كمية (Quantitative Data)، وبيانات نوعية (Qualitative Data) بشكل يتصف بالحيادية والموضوعية، ويراعي طبيعة وحجم كل جهة ومخاطرها، وبشكل يمكن استخدامه لتحديد المخاطر بدقة وفاعلية أكبر، حيث تتمثل البيانات الكمية (Qualitative Data) التي سيتم استخدامها كمدخلات في تلك المنهجية الرقابية بشكل رئيسي في البيانات الخاصة بحجم أصول الشركة والأموال المُدارة من قبلها، والسيولة والملاءة المالية والربحية. وفيما يتعلق بالبيانات النوعية (Qualitative Data)، ستتمثل بصورة رئيسية في سياسات الحوكمة، والموارد البشرية، وأمن المعلومات، والتدقيق الداخلي، وإدارة المخاطر لدى الشركة.
ولفتت إلى أن الهيئة ستقوم بتزويد الجهات الخاضعة لرقابتها بالملاحظات والمخاطر ومواطِن الضعف المرصودة في إدارة المخاطر وأنظمة الضبط الداخلية لدى تلك الجهات، كما ستزودها بالإجراءات التصحيحية التي يتعيَّن عليها اتخاذها لمعالجة مواطِن الخلل، وتفادي حدوثها في المستقبل، أو تفادي مضاعفة الآثار الناجمة عنها، ما يساهم في أن تكون رقابة الهيئة أكثر تفاعلية وديناميكية، بحيث تقلل من المخاطر بشكل استباقي (Proactive)، وبشكل أكثر فاعلية للموارد المتوفرة لدى الهيئة.
وأشارت المصادر إلى أن عملية الانتقال من الرقابة التقليدية إلى الرقابة المبنية على المخاطر ستكون بمنزلة نقلة نوعية في الأعمال الرقابية لدى الهيئة، حيث ستمكنها من التحقق من سلامة واستقرار ومتانة الأوضاع المالية للجهات الخاضعة لرقابتها بطريقة أكثر فاعلية، من خلال التركيز على الجهات ذات الأهمية النظامية (Systematically Important) وذات الأداء الضعيف.
وبينت أن الهيئة ستستمر بمراجعتها للتقارير والإحصاءات الدورية والبيانات المالية التي يتم تزويدها بها من قِبل تلك الجهات، بهدف الاطمئنان على سلامة الأوضاع المالية لها، والتأكد من التزامها بمعايير المحاسبة الدولية، وكل أحكام القانون رقم 7 لسنة 2010 ولائحته التنفيذية والقرارات والتعليمات والضوابط الصادرة عن الهيئة.
جدير بالذكر، أن هيئة أسواق المال تقوم بعملية تحديث تشريعي مستمرة، لمواكبة أفضل النظم العالمية، وخلال السنوات الماضية شهدت اللائحة التنفيذية أكبر عملية تطوير وتحديث، ونظمت كل المفاصل الأساسية للسوق المالي، وحالياً مهيأة لكل الممارسات المالية وفق المتطلبات العالمية.