بعد سقوطه من جدول أعمال مجلس الأمة نتيجة حل مجلس 2023، يعود قانون انتخابات أعضاء المجلس الى المربع الأول، بعدما قطعت اللجنة التشريعية البرلمانية شوطاً كبيراً به وأنجزت تقريرها الذي كان مثيراً للجدل بين النواب والأوساط السياسية وكان مدرجاً على جدول أعمال المجلس السابق، الذي قرر في جلسة 6 فبراير الماضي تأجيل البت فيه الى جلسة 5 مارس الفائت، لكن سبق سيف حل المجلس البت في التقرير، وقرر اجتماع النواب التنسيقي في منتصف أبريل الماضي إدراج قانون الانتخابات ضمن القوانين الثمانية المقرر إدراجها لدور الانعقاد الأول.
قانون الانتخابات الذي انتهت إليه اللجنة التشريعية وقتها نص على أن آلية التصويت تكون بين قوائم وأصوات فردية، وترك مسألة إعادة توزيع الدوائر الانتخابية إلى المفوضية العليا للانتخابات، بعد أن تبين للجنة بشكل جلي أن إعادة توزيع المناطق على الدوائر الانتخابية محل خلاف بين الأعضاء، ويترتب عليه تعطيل إقرار القانون.
واكتفت اللجنة بالخروج بتعديل آلية الانتخابات والتصويت وإلغاء الصوت الواحد، وإن كان حل آلية التصويت الذي خرجت به اللجنة أيضاً لم يجد ترحيباً من أكثر من فريق نيابي داخل المجلس السابق منذ اقامة اللجنة للملتقى الانتخابي في 21 نوفمبر 2023، على الرغم من اتفاق الجميع على سوء النظام الانتخابي القائم.
وبحسب المراقبين، فإنه مع تغير التركيبة النيابية في المجلس الجديد، وتحرر بعض النواب من الالتزامات في المجلس السابق وتقييم تجاربهم الماضية، سيواجه الامر المزيد من التعقيد، في حال أعادت اللجنة التشريعية تقديم تقريرها بذات الصيغة التي انتهت إليها في مجلس 2023، لاسيما أنها كانت محل جدل نيابي نيابي كبير.
وكان فريق يرى وقتها أهمية البقاء على النظام القائم رغم اتفاقه على مساوئه، ويتمسك آخر بضرورة نسفه، إذ يرى أنه رغم أن تغيير النظام الحالي يعد بمثابة قفزة إلى المجهول على مستقبله في الترشح للانتخابات، فإنه أفضل من إبقاء النظام الحالي السيئ.
السوابق البرلمانية في تماسك الأغلبية النيابية عادة ما تشير الى ذوبان هذا التماسك مع مرور الوقت بشكل عام، وطرح قانون انتخابي جديد عادة ما يرجع النائب إلى اعادة حساباته الانتخابية، وخروج الاعضاء من انتخابات جديدة وانضمام اعضاء جدد في المجلس الى جانب غالبية المجلس السابق، ومرور وقت اطول على الفترة التي يفترض بها مناقشة التقرير (منذ مارس الماضي)، كل هذه العوامل تشكل مصاعب امام المجلس الجديد في أن يمرر تقرير اللجنة السابقة دون تغييرات في مسألة القوائم وعدد المنتسبين اليها الذي نص عليه التقرير، من أن القائمة «لا تقل عن 4 مرشحين ولا تزيد على 6 مرشحين» مع الاخذ بالاعتبار مسألة عدم جواز تشكيل القائمة على اساس فئوي أو طائفي.
وجاء في تقرير اللجنة التشريعية الذي سقط نهائيا من جدول الأعمال: «تكفل كل من قانون الانتخاب وقانون الدوائر الانتخابية بتنظيم أحكامه وتفاصيله، وعلى الأخص ما يتعلق منها بتنظيم العملية الانتخابية، سواء من حيث تحديد الدوائر الانتخابية أو طريقة الانتخاب بوجه عام، حيث تدرس اللجنة منها ما يتعلق بتنظيم طرق وآلية الانتخاب والتصويت، وإرجاء النظر في موضوع إعادة توزيع الدوائر الانتخابية، وذلك بعد استيفاء الدراسات والبيانات كافة اللازمة للخروج بتصوّر واضح حولها، وبما يسهم في تطوير العملية الانتخابية بالدولة، تشارك فيه الجهات المختصة ومؤسسات المجتمع المدني والمفوضية العامة للانتخابات، وفقاً للاختصاصات المنوطة بها بموجب قانونها، ليتم عرض تلك الدراسات والبيانات على مجلس الأمة للوصول إلى تصور نهائي بشأن العدالة وتوزيع الدوائر الانتخابية، إذ تبيّن للجنة بشكل جليّ أن إعادة توزيع المناطق على الدوائر الانتخابية محلّ خلاف بين الأعضاء يترتب عليه تعطيل إقرار القانون، وكان من الأنسب الخروج بالجانب المتفق عليه بين الأعضاء، وهو تعديل آلية الانتخاب والتصويت وإلغاء الصوت الواحد».
الطابع الفردي
وقال التقرير، يتضح جلياً الطابع الفردي الذي يسود انتخابات أعضاء مجلس الأمة، فالترشيح - وفقاً لقانون الانتخاب - فردي، والمنافسة تكمن بين الأفراد لا القوائم والبرامج، وغنيّ عن البيان الإشارة إلى غياب التنظيم القانوني لوجود الأحزاب السياسية في الحياة البرلمانية.
وحيث إن الانتخاب في الكويت مرّ تاريخياً بمراحل عدة، بدايةً من تقسيم الكويت بمقتضى القانون رقم 78 لسنة 1966 إلى 10 دوائر انتخابية تنتخب كل منها 5 أعضاء، مروراً بالقانون رقم 99 لسنة 1980 بـ 25 دائرة تنتخب كل منها عضوين لمجلس الأمة، والقانون رقم 42 لسنة 2006 الذي قسّم الكويت إلى 5 دوائر بـ 10 أعضاء يدلي الناخب بصوته لـ 4 من المرشحين.
وأضاف، وحيث يظهر جلياً مما سبق أن المكنة التصويتية للناخب تفوق ما هو مقرر وفق الوضع القائم المتمثل بالصوت الواحد بموجب المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012، والذي لم يعُد خفياً على أحد أنه لم يمثّل المجتمع الكويتي تمثيلاً صحيحاً، فضلاً عما أسفر عنه تطبيقه من سلبيات ومساوئ عديدة.
النظام الديموقراطي
وتابع التقرير: ولما كان النظام الديموقراطي في الكويت ذا طابع خاص، مرجعه النظام المختلط الذي يمزج بين النظامين الرئاسي والبرلماني، والذي يفضي بالضرورة للخروج عن عدد من الثوابت والتقاليد البرلمانية المقررة وعلى الأخص ما يتعلق منها بتشكيل كتلة متجانسة بأغلبية برلمانية حكومية.
كما نص على، وحيث كان هذا الوضع الخاص فقد اقتضي معالجته بوضع خاص مماثل، عبر نظام انتخابي جديد يجمع ما بين نظام العمل الجماعي والنظام الفردي في محاولة خلق حلول توفيقية وسطية وبيئة عمل برلمانية ملائمة تحقق نقلة نوعية من ضيق العمل الفردي إلى فضاء العمل البرلماني من خلال خلق فرصة لتمثيل أكبر للكتل البرلمانية، بما يسهم في رفع مستوى الأداء داخل قاعة البرلمان وتعزيز الرقابة الفاعلة على أعمال السلطة التنفيذية.
فكرة القائمة
وقال، ولجميع ما تقدّم، فقد ارتأت اللجنة الدفع بفكرة الترشيح بالقائمة وفق أسس تعزّز نجاح أكبر عدد من المرشحين المتفقين على رؤى وبرامج انتخابية، مع إتاحة الفرصة لمن يرغب منهم في النزول للساحة الانتخابية منفرداً، ومراعاة فرص تمثيل الأقليات في الدوائر الانتخابية، وذلك في نظام مبسط شديد الشبه وأقرب ما يكون للنظم الانتخابية التي عكف الشعب الكويتي على ممارستها في شتى الأنشطة الاجتماعية والتعاونية والطلابية.
تعديلات اللجنة
وتمثلت التعديلات التي أدخلتها اللجنة بشأن إعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة وقتها على النحو التالي:
- الإبقاء على الجدول الخاص بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة المرافق للقانون رقم 42 لسنة 2006، والمعدل بالمرسوم بالقانون رقم 6 لسنة 2022، الذي أضاف مناطق جديدة إلى الدوائر الانتخابية.
فيما يخص النظام الانتخابي، فقد نص التقرير على إقرار الترشح لانتخابات مجلس الأمة عبر نظام مختلط يمزج ما بين نظام القوائم ونظام الترشح الفردي، وذلك في كل دائرة انتخابية، فيحق لكل مرشح اختيار النظام الذي يرجّح خوض المعركة الانتخابية به، حيث لا يحجر المشرع عليه النزول منفرداً إن شاء، ولا يصادر حقه في تشكيل كتل برلمانية تعزز فرصه بالنجاح من خلال العمل الجماعي الذي يستهدف المصلحة العامة ومصلحة العمل داخل البرلمان خاصة، وهو ما شرع هذا القانون من أجله.
ويسري على نظام الترشح الفردي الأحكام والقواعد الواردة في قانون الانتخاب، وذلك بما لا يتعارض وأحكام هذا القانون.
وفيما يخص تشكيل القائمة ومن حيث النصاب، تتشكل القائمة من عدد من المرشحين لا يقل عن 4 مرشحين ولا يزيد على 6، وذلك لضمان حصول القوائم ذات الرؤى والبرامج الانتخابية الموحدة على ما لا يقل عن 40 إلى 60 بالمئة من مقاعد البرلمان، وفي حال فقد القائمة لنصابها لأي سبب من الأسباب قبل إجراء الانتخابات:
جاز لها أن تستكمل نصابها من المرشحين المسجلين في كشوف المرشحين، وذلك قبل 10 أيام بحد أقصى من تاريخ الانتخاب، وفي حال لم تتمكن القائمة من استكمال نصابها خلال الموعد المحدد، اعتبر المرشحون في القائمة مرشحين منفردين.
وبموجب التقرير وفي حال شعر عدد من المقاعد في الدائرة الانتخابية الواحدة لأي سبب من الأسباب بعد إجراء الانتخابات، تجرى الانتخابات التكميلية وفق المادة 84 من الدستور، وتطبّق في ذلك القواعد العامة، حيث إذا كان العدد المطلوب انتخابه أقل من الحد الأدنى لنصاب القائمة جرت الانتخابات وفق النظام الفردي، أما إذا كان العدد المطلوب انتخابه يحقق نصاب القائمة، جرت الانتخابات وفق نظام القوائم ونظام الترشح الفردي.
ومن حيث الضوابط تضمنت الاتي: عدم جواز تشكيل القائمة على أساس فئوي أو طائفي، وذلك لضمان خطاب وطني ينبذ كل أشكال العنصرية. ويُعطى لكل قائمة اسم، وتعلن المفوضية العامة للانتخابات أسماء القوائم في كل دائرة انتخابية، وترتب أسماء المرشحين داخل القائمة حسب الحروف الهجائية.
وفيما يخص عدد الأصوات وآلية منحها،
يكون لكل ناخب حق الانتخاب، كالتالي:
صوت لقائمة مغلقة واحدة يُحسب صوتاً واحداً لكل مرشّح فيها، وصوت المرشح منفردا ضمن قائمة أخرى أو لأحد المرشحين وفق نظام الترشح الفردي.
أما فيما يخص إعلان الفائزين: يفوز بالمقاعد النيابية الـ 10 في الدائرة، أعلى المرشحين الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات الصحيحة، سواء المرشحون منهم وفق نظام القائمة أو وفق النظام الفردي. وفي حال تساوي الأصوات بين مرشحين أو أكثر، اقترعت لجنة الانتخاب بينهم، وفاز في الانتخاب من تعيّنه القرعة.
رأي اللجنة
وقد انتهت اللجنة وقتها إلى الموافقة بأغلبية آراء الحاضرين من أعضائها (6 - 1) على الاقتراحات بقوانين والتعديلات المقدمة وفق النص الذي انتهت إليه اللجنة، كما هو مبين في الجدول المقارن رفق التقرير، فيما انبنى رأي الأقلية غير الموافقة على الاقتراحات بقوانين على أن النظام الانتخابي الأنسب هو نظام الـ 5 دوائر بصوتين.
التعديل ضروري مع التأني
أكد ممثلو وزارة العدل أثناء اجتماع اللجنة التشريعية ضرورة تعديل النظام الانتخابي، إلّا أن الموضوع يحتاج إلى مزيد من التأني، نظراً لوجود العديد من الأمور الفنية الواجب حسمها، ومن ذلك تزايد أعداد الناخبين والموقع الجغرافي للمناطق الجديدة وآلية توزيعها على الدوائر. وأضافوا أن إعادة تقسيم الدوائر لا تتم إلا بقانون يصدر عن مجلس الأمة، ولا مانع من أن تتم دراسة توزيع المناطق على الدوائر عن طريق المفوضية العامة للانتخابات.الصوت الواحد لا يحقق المصلحة العامة
أفاد ممثلو وزارة الداخلية أثناء اجتماع اللجنة بضرورة تعديل النظام الانتخابي، ذلك أن نظام الصوت الواحد لا يحقق المصلحة العامة.وأشاروا إلى حاجة الاقتراحات بقوانين المقدمة لمزيد من الدراسة للخروج بتصوّر يحقق العدالة والمصلحة العامة، إلا أنه لم يصل إلى الجنة أي ردّ من الوزارة حتى تاريخه.