في شهر اتسم بتقلباته الشديدة، ارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت في بداية أبريل لأعلى مستوياتها في ستة أشهر إلى 91.2 دولاراً للبرميل بعد أن اشتدت حدة التوترات بين إيران وإسرائيل ووصلت لمواجهات مباشرة باستخدام الطائرات بدون طيار. وبنهاية الشهر الماضي، اتخذ سعر خام برنت اتجاهاً تراجعياً ليستقر عند 87.9 دولاراً للبرميل (+0.4 في المئة على أساس شهري، +14 في المئة منذ بداية العام حتى تاريخه) في ظل نظرة الأسواق لتراجع المخاطر الجيوسياسية.
وبالانتقال لشهر مايو، وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، استمر تراجع الأسعار بوتيرة أعمق خلال الأسبوع الماضي نتيجة ارتفاع المخزونات التجارية في الولايات المتحدة واحتمالية وقف إطلاق النار في غزة. ورغم ذلك، شهد شهر أبريل استمرار ارتفاع سعر خام برنت للشهر الرابع على التوالي، في حين ارتفع سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 2.9 في المئة، على أساس شهري في أبريل لينهي تداولات الشهر عند 88.8 دولاراً للبرميل (+11.6 في المئة منذ بداية العام حتى تاريخه).
وتحوّلت معنويات السوق تجاه آفاق النفط في أبريل لإمكانية تحقيق المزيد من الصعود بصورة ملحوظة في ظل تشديد موازين السوق وتصاعد المواجهات الجيوسياسية الإقليمية التي قد تهدد العرض بشكل أكبر. وتجاوز صافي مراكز المضاربة على خام برنت أعلى مستوياته المسجلة في ثلاثة أعوام، إذ وصل إلى 335 ألف عقد ما بين العقود الآجلة والخيارات مع تزايد عدد المضاربين الذين اتخذوا مراكز «طويلة» (المراهنة على ارتفاع الأسعار من مستوياتها الحالية).
وبالنظر لتوقعات عام 2025، ترى كل من وكالة الطاقة الدولية و«أوبك» إمكانية تباطؤ وتيرة نمو الطلب على النفط، وإن كان بمعدلات مختلفةـ إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتباطأ نمو الطلب العالمي على النفط إلى 1.1 مليون برميل يومياً، مدعوماً فقط من قبل الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مع توقع الوكالة تراجع الاستهلاك النفطي في اقتصادات الدول الأعضاء بالمنظمة (-60 ألف برميل يومياً على أساس سنوي).
كما تتوقع «أوبك» تسجيل معدلات نمو بمستوى أقوى يبلغ 1.85 مليون برميل يومياً بفضل تزايد استهلاك كل من الدول الأعضاء وغير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتشير توقعات سوق النفط خلال الفترة المتبقية من عام 2024 لزيادة شح الإمدادات، مع تراجع المخزون ليتحول لعجز على خلفية إدارة «أوبك» وحلفائها للإمدادات، إلى جانب نمو الطلب على النفط بمستويات معقولة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي لتسارع وتيرة سحب مخزونات النفط العالمية. وانخفضت المخزونات التجارية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 98 مليون برميل إلى 2.733 مليون برميل خلال الفترة الممتدة ما بين أكتوبر 2023 وفبراير 2024. ووفقاً لسيناريو التوقعات الأساسي لوكالة الطاقة الدولية، الذي تمدد فيه «أوبك» وحلفاؤها خفض حصص الإنتاج حتى نهاية العام - وهو السيناريو الذي نؤيده أيضاً - من المتوقع أن يتجاوز الطلب مستويات العرض في كل فترة ربع سنوية خلال عام 2024، في ظل بلوغ العجز ذروته عند -1.1 مليون برميل يومياً في الربع الثالث من عام 2024.
كما يتوقع أن تحظى أسعار النفط بدعم جيد في ظل هذه الظروف، ليصل السعر في المتوسط إلى 85 دولاراً للبرميل هذا العام. إضافة لذلك، فإنه في ظل تلك الظروف، نرى أن ميزان مخاطر الأسعار يميل للاتجاه الصعودي، في ظل إمكانية تفوق توقعات زيادة معدلات الطلب على النفط بمستويات أعلى على احتمال إعادة الأوبك وحلفائها زيادة الإمدادات إلى السوق هذا العام أو نمو المعروض من خارج «أوبك» بأكثر من المتوقع. ولا نتوقع أن تتبدد المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بالصراعات المستمرة بين روسيا وأوكرانيا أو تلك الدائرة في غزة، على المدى القريب، الأمر الذي من شأنه أن يعزز الانحياز نحو الاتجاه التصاعدي للأسعار.