قوانين «تحسين المعيشة» إلى نقطة الصفر
بعد سقوط تقريري اللجنة المالية البرلمانية بشأن قوانين تحسين معيشة المواطنين بشأن زيادة القرض الحسن للمتقاعدين الى 15 ضعف الراتب، وزيادة علاوة غلاء المعيشة بـ 130 دينارا للمواطنين من جدول أعمال المجلس المنحلّ (مجلس 2023) يعود تقريرا اللجنة الى نقطة الصفر، فبعد تناوب حكومتين على التقرير، حكومة أحمد النواف وحكومة د. محمد الصباح، أتى حل المجلس الذي أطاح تقرير اللجنة، بعد أن قضى المجلس ساعات طويلة تحت قبة عبدالله السالم في التفاوض مع الحكومة للحصول على تصوّرها والتعهد بإقرار زيادة تحسين المعيشة بقرار من مجلس الوزراء الذي من شأنه أن يقلل الكلفة على الخزانة العامة، مقارنة بكلفة إصداره بقانون من مجلس الأمة.
وقد أدى حل المجلس إلى فشل إقرار الزيادة، بعد أن كان يستغل قانون زيادة علاوة غلاء المعيشة كما يرى المراقبون كورقة ضغط سياسي على حكومة النواف بإصدار قرار من مجلس الوزراء يحدد فيه المستحقين للزيادة، بدلا من إصداره بقانون لعموم المواطنين، لتجاوز الشبهة الدستورية في تحديد شرائح المستفيدين، وهو ما أعلنه صراحة أحد النواب خلال الحملة الانتخابية للمجلس الأخير، وبيّن أن كلفة إصدار قرار تقدّر بنحو 350 مليون دينار سنويا مقابل إصدارها بقانون تقدر كلفته السنوية بنحو 1.65 مليار دينار.
تأجيل التصويت
وبالعودة إلى المشهد التأريخي لسلسلة أحداث قوانين تحسين المعيشة، فبعد أن استجاب المجلس في جلسة 14 نوفمبر الماضي لطلب الحكومة بتأجيل التصويت عليها، وتحديد جلسة 19 ديسمبر للنظر فيها، مع توافر التصورات الحكومية والحلول البديلة لها، إلا أنه نظرا لوفاة الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد، وما ترتب عليها من عدم انعقاد للجلسة، فقد رفعت اللجنة تقريرا بتاريخ 26 ديسمبر، وأدرج على جدول أعمال جلسة 9 يناير الماضي، إلا أن تشكيل حكومة جديدة برئاسة د. محمد الصباح أطال أمد بتّ تقريري اللجنة المالية، بعد أن طلبت من المجلس تأجيل النظر فيها مهلة شهر في اجتماع عُقد مع النواب في مطلع فبراير الماضي، إلا أن حل المجلس بعد جلسة الرد على الخطاب الأميري طيّر قوانين تحسين المعيشة من جدول أعمال المجلس، مما يعني أن المجلس الجديد سيقوم بإعداد تقارير جديدة بناء على اقتراحات نيابية جديدة يقدّمها الأعضاء بعد جلسة الافتتاح المقرر لها 14 الجاري، خصوصا بعد إعلان اللجنة التنسيقية للخريطة التشريعية أن قوانين تحسين المعيشة من أولويات المجلس في دور انعقاده الأول.
جاء رأي اللجنة في تقريرها بشأن زيادة القرض الحسن الصادرة في 27/12/2023
بأن الاقتراح بإلغاء نظام الاستبدال سيؤدي إلى حرمان فئة الموظفين والذين يستفيدون من هذا النظام حالياً، خاصة أن هذا النظام يعد ميزة تُمنح للموظفين والمتقاعدين أيضاً، إضافة إلى أن المبلغ المُستبدل يسقط بالوفاة في نظام الاستبدال بعكس القرض الحسن الذي يستفيد منه المتقاعدون فقط ولا يسقط في حال الوفاة.
وأكدت اللجنة أن المشكلة الرئيسية في هذا النظام هي وجود شبهة شرعية في احتساب الفوائد على المبلغ المستبدل.
أما بالنسبة لزيادة الاشتراكات (3%) فأوضحت اللجنة أنها حريصة على استدامة وديمومة واستقرار الحالة المالية للمؤسسة إلا أنه لا يمكن تحميل المؤمن عليه أي زيادة بالاشتراكات.
مراعاة المتقاعدين
وبعد المناقشة وتبادل الآراء رأت اللجنة أهمية مايلي: مراعاة المتقاعدين وعدم إثقالهم بتكاليف عالية وتخفيف العبء عليهم في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة ونسب التضخم خاصة أن معظم المتقاعدين من ذوي المعاشات المنخفضة الأمر الذي يتطلب مراعاتهم وتوفير العيش الكريم لهم.
وزيادة عدد أمثال صافي المعاش التقاعدي، إذ أن العدد الحالي لا يواكب ارتفاع تكاليف المعيشة.
وإعطاء مرونة في سداد القسط الشهري، وذلك بأن يختار صاحب المعاش التقاعدي
نسبة السداد بما يتلاءم مع ظروفه المعيشية.
ومنح المتقاعد حق الحصول على أمثال المعاش مرة أخرى في حال سداد المديونية الأولى (7 أمثال) بالكامل.
وبناء على ما سبق قررت اللجنة تعديل المادة (112 مكرراً) من قانون التأمينات الاجتماعية المشار إليه، بحيث تشمل: زيادة عدد أمثال صافي المعاش التقاعدي ليصل الحد الأقصى إلى 15 بدلاً من 7، وتعديل نسبة السداد لتصبح بنسبة (10) أو (15) أو (20%) من المعاش ووفقاً لما يقرره صاحب المعاش التقاعدي، والسماح لصاحب المعاش التقاعدي بأن يطلب مرة أخرى صرف (15) أمثال المعاش التقاعدي في حال سداد المديونية بالكامل، على أن يكون السداد بنسبة 25% من المعاش، وإعادة تسوية الحالات القائمة لكل من استفاد من الـ 7 أمثال، وذلك وفق القانون الجديد بـ 15 ضعف المعاش وحسب نسب السداد الجديدة.
النص النهائي
وانتهت اللجنة في تقريرها إلى التعديل التالي: يستبدل بنص المادة 112 مكرراً من القانون رقم 61 لسنة 1976 المشار إليه النص الآتي: يجوز لصاحب المعاش التقاعدي أن يطلب صرف 15 أمثال المعاش التقاعدي على أن يكون السداد بنسبة 10% أو 15% أو 20% من المعاش وفق ما يقرره صاحب المعاش وفي حال سداد المديونية بالكامل يجوز لصاحب المعاش التقاعدي أن يطلب مرة أخرى صرف 15 أمثال المعاش التقاعدي على ان يكون السداد بنسبة 25% من المعاش.
واستثناء من الفقرتين السابقتين يجوز طلب الصرف مقدماً مرة أخرى في حدود ما يكون قد تبقى من الحد الأقصى المشار إليه تعاد تسوية الحالات القائمة عند صدور هذا القانون وفقاً لأحكام المادة السابقة.
وجاء في المذكرة الإيضاحية للاقتراح بقانون بتعديل المادة (112 مكرراً) من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالأمر الأميري بالقانون رقم (61) لسنة 1976 لما كان الأمر يتعلق بأصحاب المعاشات التقاعدية والذين معظمهم من ذوي المعاشات المنخفضة الأمر الذي يتطلب ضرورة مراعاة عدم إثقالهم بتكاليف عالية، وتخفيف العبء عليهم في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة ونسب التضخم وذلك أن من واجبات الدولة الاهتمام بمواطنيها وتوفير العيش الكريم لهم.
ولأن القانون أجاز لصاحب المعاش التقاعدي أن يطلب صرف (7) أمثال صافي المعاش التقاعدي، وبنسبة سداد محددة (15%).
واضافت في حال سداد المديونية بالكامل، يجوز لصاحب المعاش التقاعدي أن يطلب مرة أخرى صرف (15) أمثال المعاش التقاعدي على أن يكون السداد بنسبة 25% من المعاش، حيث يصبح إجمالي المعاشات المقدمة (30) مثل.
وعليه يستطيع صاحب المعاش التقاعدي الذي سدد مديونيته بالكامل قبل صدور هذا القانون أن يطلب صرف (15) أمثال المعاش التقاعدي مرتين حسب ما نصت عليه المادة (112 مكرراً) بعد التعديل.
واستثناء من ذلك يجوز طلب الصرف مقدماً مرة أخرى في حدود ما يكون قد تبقى له من الحد الأقصى (15 أمثال المعاش)، أي إن لصاحب المعاش التقاعدي حرية الاختيار بصرف عدد الأمثال الذي يراه مناسباً، فقد يطلب صرف (5) أمثال المعاش التقاعدي ويتبقى لديه (10) أمثال يستطيع أن يطلب صرفها مرة أخرى.
ونصت المادة الثانية من القانون على إعادة تسوية الحالات القائمة عند صدور هذا القانون، حتى يستفيد صاحب المعاش التقاعدي الذي لم ينتهِ من سداد مديونيته من أحكام هذا القانون، وذلك بتعديل نسبة الاستقطاع على النحو الذي يراه مناسباً، وصرف المعاشات المقدمة المتبقية بعد خصم عدد الأمثال التي حصل عليها قبل صدور هذا القانون، أي إنه في حال حصول المتقاعد على 7 أمثال المعاش التقاعدي، يتبقى لديه 8 أمثال من الخمسة عشر أمثال الأولى، وبعد انتهاء الخمسة عشر أمثال الأولى، يستطيع الحصول على الخمسة عشر أمثال الثانية.
غلاء المعيشة
وجاء في تقرير اللجنة المالية الصادر في 27/12/2023 بشأن زيادة علاوة غلاء المعيشة للمواطنين اطلعت اللجنة على تقريرها السادس الذي وافق المجلس على إعادته للجنة، وقد انتهت فيه إلى منح الكويتيين العاملين بالوزارات والإدارات الحكومية والجهات ذات الميزانيات الملحقة والمستقلة والخاضعين للقانون رقم (19) لسنة 2000 في شأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية وأصحاب المعاشات التقاعدية وذوي الإعاقة الشديدة والمتوسطة، والخاضعين لقانون رقم (22) لسنة 1978 بشأن المساعدات العامة، علاوة غلاء معيشة بقيمة 250 ديناراً.
وقد كان رأي الحكومة فيه أنها تعكف حالياً على دراسة البديل الاستراتيجي والذي يشمل جميع العلاوات والمرتبات ويحسن من الأوضاع المالية للمواطن، وأن الحكومة ترى الانتظار لحين الانتهاء من هذه الدراسة، خصوصاً أن الاقتراح بقانون من شأنه زيادة الأعباء المالية على الدولة.
وبعد قرار المجلس بإعادة التقرير للجنة، تم الاجتماع مع الحكومة لمعرفة وجهة نظرها بهذا المقترح وما الحلول البديلة التي من شأنها تحقيق الهدف المراد من الاقتراح المقدم. وقد كان رأي الحكومة أنها تحتاج وقتاً لمزيد من الدراسة في خصوص الزيادات المالية.
عمل اللجنة
أولاً: السند القانوني لعلاوة غلاء المعيشة: أصدر مجلس الوزراء قراراً رقم (320/ أولاً) لسنة 2008 بشأن منح زيادة للكويتيين العاملين في القطاع الحكومي والقطاع الخاص وأصحاب المعاشات التقاعدية ومستحقي المساعدات العامة بواقع (120) ديناراً شهرياً ومنح غير الكويتيين من موظفي الأجهزة الحكومية زيادة بمبلغ (50) ديناراً شهرياً، ثم أصدر المرسوم رقم (88) لسنة 2008 بشأن منح علاوة غلاء معيشة للموظفين الذين تنظم شؤون مرتباتهم وتوظيفهم قوانين خاصة.
حيث يتضح من القرار والمرسوم المشار إليهما أعلاه ما يلي:
- منح الموظفين الكويتيين المعينين في القطاع الحكومي الخاضعين لقانون ونظام الخدمة المدنية أو الأنظمة الوظيفية الخاصة أو الذين تنظم شؤون مرتباتهم وتوظيفهم قوانين أو مراسيم خاصة علاوة غلاء معيشة بمقدار 120 ديناراً شهرياً.
- منح الموظفين الكويتيين في القطاع الخاص علاوة غلاء معيشة بمقدار (120) ديناراً كويتياً.
- منح زيادة في المعاشات التقاعدية المستحقة بمقدار (120) ديناراً شهرياً، على ألا تخضع هذه الزيادة لأي من قوانين التأمينات الاجتماعية ولا يترتب عليها زيادة الجزء الذي يجوز لصاحب المعاش استبداله، كما تحدد قواعد وشروط الصرف بقرار من وزير المالية، على أن تؤدى هذه الزيادة من الخزينة العامة للدولة.
- منح زيادة لكل أسرة كويتية تتلقى مساعدة اجتماعية حسب نظام المساعدات العامة زيادة قدرها (120) ديناراً شهرياً.
- يمنح غير الكويتيين في القطاع الحكومي الخاضعين لقانون ونظام الخدمة المدنية أو لأنظمة وظيفية خاصة علاوة غلاء معيشة بمقدار (50) ديناراً كويتياً.
ثانياً: أعداد المستحقين لعلاوة غلاء المعيشة والتكاليف المالية لها:
أوضحت الجهات المعنية المشار إليها أعلاه أنه عند تطبيق المقترح الأول بزيادة علاوة غلاء المعيشة بمقدار 130 ديناراً فإن التكلفة السنوية للزيادة ستبلغ حوالي 746,168,643 د.ك ليصبح إجمالي التكلفة السنوية حوالي 1,654,674,195 ديناراً كويتياً، للمستحقين والبالغ عددهم 652,471 في جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية والمتقاعدين.
وقال التقرير: تجدر الإشارة إلى أن تكلفة غلاء المعيشة تتحملها الخزانة العامة لجميع المستحقين في الجهات الحكومية وغير الحكومية والمتقاعدين حالياً وعند تطبيق المقترحين، وأن المحسوب في جميع الجداول هو إجمالي هذه الزيادة، والتكاليف المحسوبة بالنسبة للمتقاعدين عن سنة مالية واحدة والمتوقع زيادتها بنسبة 5% لكل سنة بزيادة عدد أصحاب المعاشات والمستحقين.
رأي اللجنة
رأت اللجنة ضرورة زيادة قيمة علاوة غلاء المعيشة لمواجهة ارتفاع أسعار السلع والخدمات وتحسين الوضع المالي والمعيشي للمواطن، وأن تكون هذه الزيادة لجميع المواطنين العاملين في الجهات الحكومية وغير الحكومية، كما تشمل ذوي الإعاقة الشديدة وأصحاب المساعدات العامة والمتقاعدين.
وبناء على ما سبق، فإن اللجنة قررت وضع قانون جديد يتضمن الآتي: منح الكويتيين العاملين بالوزارات والإدارات الحكومية والجهات ذات الميزانيات الملحقة والمستقلة والخاضعين للقانون رقم (19) لسنة 2000 في شأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية، وأصحاب المعاشات التقاعدية وذوي الإعاقة الشديدة والمتوسطة والخاضعين لقانون رقم (22) لسنة 1978 بشأن المساعدات العامة، علاوة غلاء معيشة بقيمة 250 ديناراً.