أصبح من الصعب المطالبة ببعض الإصلاحات البديهية في واقعنا اليوم، رغم أن الدستور واضح وإجماع الاقتصاديين عن وضعنا الاقتصادي وعدم قابليته للاستمرار واضح، وقوانين الخدمة المدنية ولوائح البناء وحدوده في السكن الخاص والمطاعم والحدائق كلها مكتوبة وواضحة، لكن يوجد من يخالف جميع هذه القوانين واللوائح، كما يوجد من يشتم في وسائل التواصل مَن يطالب بتطبيق الإصلاحات البديهية ويصفّق لمن يخالفها، وإذا كان المخالف وزيراً أو نائباً، فهو في نظرهم بطل يجب أن يُعاد توزيره وانتخابه، أما إذا طالب بتطبيق الدستور والقانون واللوائح فهو «نحيس» وضد المواطن.

نعم، هكذا وصلت الأمور عند بعض المدونين والمراقبين، فشاهدنا من يتجرأ ويتعدّى على حقوق الأمير وصلاحياته الدستورية، فيقابل بالتصفيق ويحظى بتعاطف ودعم كبير إذا تمت محاسبته، ومن يتدخل من النواب في اختصاصات السلطة التنفيذية بالضغط وبالواسطة فهو نصير المواطن، ومن يكافح تزوير الجنسية فإنه يحارَب ويعتَبر مؤزماً غير مرغوب فيه، أما من يطالب بعدم البناء على الأرصفة، فتنهال عليه الشتائم، لأن هناك من بنى ديوانيته أو غرفة الخادم والسائق على الرصيف، مع أن نسبة البناء هي الأعلى في العالم.

Ad

عقوبات الموظفين المخالفين أصبحت في نظرهم ظلماً ويجب أن يتدخل النواب لإزالتها، وإلزام الموظفين بالبصمة في نظرهم إهانة للموظف يجب أن تتوقف، ومنع الغش في المدارس تحمر له أنوف، لأنه في نظرهم حق ومنعه تعسُّف، والمطالبة بمصدر آخر للدخل لأن النفط لن يكفي في المستقبل يعتبرونه جباية، لأنهم يزعمون أن الكويت غنية، وكذلك الحفاظ على صندوق احتياطي الأجيال من دون استنزاف يتعارض في نظرهم مع تحسين معيشة المواطن.

كل هذه المشاهدات أصبحت تمارَس اليوم في ظل غياب قيادة حكومية قوية وقيادة شعبية راشدة وملتزمة، حتى أصبح من الصعب تطبيق القانون في هذه الأمور، كما أصبح الحصول على نائب لإكمال تشكيل الحكومة من دون أن يتشرّط متعذراً، رغم مشاركة 6 و5 و4 نواب في حكومات مختلفة في السابق، فسبحان الله، كيف تغيّرت أحوال البلاد في السنوات الأخيرة!

يجب أن يحمل المخلصون في المجلس والحكومة والشعب والإعلام أمانة إعادة الأمور إلى وضعها الصحيح وتطبيق الدستور والقوانين بشدة وعدالة، لكي لا تكون الاختلالات هي البديهيات ويكون تطبيق الإصلاحات والقانون هو الخطأ.