غداة احتلال الجيش الإسرائيلي للجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الرابط بين قطاع غزة وسيناء المصرية، بزعم محاولة إنهاء المظاهر الباقية من سيطرة «حماس» على المنطقة الفلسطينية المعزولة، أكدت فصائل فلسطينية، أمس، أنها لن تقبل أي شكل من أشكال الوصاية على المعبر من أي جهة كانت، وذلك عقب الكشف عن خطة إسرائيلية ـ أميركية لتسليم إدارته لشركة أميركية خاصة تملك مشاريع في إفريقيا.

وقالت لجنة المتابعة للقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية، في بيان، إنها «تعتبر ذلك شكلاً من أشكال الاحتلال»، مؤكدة أن «أي مخطط من هذا النوع سيتم التعامل مع إفرازاته كما يتم التعامل مع الاحتلال».

Ad

ودعا البيان «الجامعة العربية وكل الدول العربية والإسلامية، وفي مقدمتها مصر، بما تمثّل من ثقل على المستويين الدولي والإقليمي، إلى رفض أي مخططات ومحاولات تمسّ بالسيادة الفلسطينية - المصرية على المعبر».

كما دعت الفصائل «كل الأطراف إلى رفض أي شكل من أشكال التعاون مع مثل هذه المخططات»، مؤكدة أن إدارة الوضع الداخلي هي شأن فلسطيني خالص يتم التوافق عليه وطنياً عبر الآليات المتّبعة والمتوافق عليها.

في موازاة ذلك، قال الناطق باسم هيئة المعابر بالقطاع، هشام عدوان، إن «السلطة القائمة بغزة لن تقبل إدارة المعبر من أي طرف غير فلسطيني، كما أن هذا الطرف يجب أن يكون من داخل القطاع»، في إشارة إلى رفض إدارته من قبل السلطة الفلسطينية التي تتخذ من رام الله بالضفة الغربية المحتلة مقرا لها.

وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة هآرتس العبرية، إن الخطة تقضي بتسليم مسؤولية المنفذ الوحيد الذي يربط القطاع بالعالم الخارجي عبر مصر إلى شركة أميركية بعد انتهاء العمليات العسكرية التي تعهّدت الدولة العبرية لواشنطن بأن تركز على «منطقة المعبر فقط» بمدينة رفح المكتظة بأكثر من 1.4 مليون نازح.

وأوضح التقرير أن «الجيش الإسرائيلي تعهّد بعدم تدمير البنية التحتية بالمعبر والمناطق المتاخمة لكي يسهل عمل الشركة الأميركية»، مبينا أن «الشركة التي ستتسلم إدارة المعبر، لديها خبرات بهذا المجال، وتجارب في العمل بمناطق القتال»، فيما أشارت تقارير أخرى إلى «توجه إسرائيلي لدمج عناصر فلسطينية لا تنتمي لحماس في عمليات إدارة المعبر».

معركة محددة

في غضون ذلك، أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه «ينفذ عملية دقيقة بهدف تفكيك البنية التحتية الإرهابية لحماس في مناطق محددة شرق رفح جنوب قطاع غزة، فيما تحدثت «كتائب القسام» و«سرايا القدس» التابعتان لحركتَي حماس والجهاد عن اشتباكات ضارية مع الجيش الإسرائيلي المتوغل في أحياء الجنينة ومشروع عامر والشوكة ومنطقة المعبر محيط المطار. كما أكدت الحركتان تكثيف عملياتهما ضد قوات الاحتلال بمحور «نتساريم»، الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه.

واستهدفت زوارق حربية إسرائيلية سواحل مدينة رفح، فيما تسبب قصف مدفعي للجيش بتدمير مبان سكنية وسط المدينة التي أكدت تقارير مغادرة أكثر من 50 ألف نازح لها باتجاه مناطق المواصي وخان يونس قرب وسط القطاع خلال الـ 48 ساعة الماضية.

مفاوضات وتطمين

وفي وقت يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن لتجنّب هجوم إسرائيلي واسع النطاق برفح لتفادي وقوع مذابح كبيرة وكارثة إنسانية تفوق المأساة الحالية، اختتمت في العاصمة المصرية القاهرة، جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل بحضور جميع الأطراف من دون أن تحقق اختراقا ملموساً.

ونقلت «رويترز» عن مصادر مطلعة تأكيدها أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، واصل تحركاته «المكوكية» بين القاهرة وتل أبيب.

وبينما نقلت شبكة إن بي سي عن مسؤول أميركي قوله إنه من السابق لأوانه الحديث عن التفاؤل بشأن إبرام الصفقة التي قالت «حماس» إنها وافقت عليها، أشار المتحدث باسم «الخارجية» الأميركية، ماثيو ميلر، إلى أن «الحركة لم تقبل بالعرض الذي كان مطروحا أواخر أبريل الماضي كما أعلنت، لكنها طرحت تعديلات واقتراحات مضادة، ونحن نعمل على معرفة تفاصيلها».

وبعد أن نقلت تل أبيب ثقل رهانها من القنوات القطرية إلى الدبلوماسية المصرية، سعى المتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أوفير جندلمان، لتهدئة مخاوف القاهرة بشأن العملية الحدودية التي دانتها الأخيرة أمس الأول، زاعما أنها لا تؤثر على معاهدة السلام المبرمة بين الدولة العبرية وأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.

من جهة ثانية، أكدت واشنطن صحة التقارير التي تفيد بأنها علّقت في الأسبوع الماضي إرسال شحنة من القنابل الضخمة إلى إسرائيل خشية استخدامها في عملية بريّة كبيرة برفح من دون الحصول على إذن من البيت الأبيض، فيما قلل الجيش الإسرائيلي من الخطوة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إن البلدين الحليفين يحلان أي خلافات «خلف الأبواب المغلقة».

ومع دخول الحرب المدمرة شهرها الثامن، وصف هاغاري غزة بأنها «إحدى أصعب ساحات القتال في العالم من حيث القتال وكثافته والأنفاق التي حفرتها حماس تحت الأرض».

وشدد على أن «العملية العسكرية في رفح لا تضمن وقف الهجمات الفلسطينية».

وأتى ذلك في وقت أفادت مصادر بأن إدارة الرئيس جو بايدن تخلّفت عن موعد نهائي كان مقررا أمس لتقديم تقرير إلى «الكونغرس» يهدف إلى توضيح إن كانت إسرائيل تنتهك القانون الإنساني الدولي في غزة، وهي نتائج ربما تؤجج مخاوف بسبب استخدام إسرائيل أسلحة زودتها بها واشنطن في حربها بالقطاع.

إغاثة ودعوات

وغداة إعلان وزارة الدفا ع الأميركية (البنتاغون) اكتمال أعمال بناء الرصيف الإنساني المؤقت قبالة ساحل غزة، الذي يهدف إلى إيصال المساعدات الإنسانية للقطاع الذي يواجه خطر مجاعة، زعمت سلطات الاحتلال فتح معبر كرم أبوسالم أمام مرور شاحنات المواد الإغاثية المرسلة برا إلى غزة، قبل أن تتراجع وتؤكد استمرار إغلاقه، إضافة إلى مواصلتها إغلاق معبر رفح الذي تكدست أمامه الشاحنات المحملة بالمواد التموينية والوقود.

وتوالت الدعوات الدولية المطالبة لإسرائيل بضرورة فتح المعبرين فوراً، لاسيما أن مخزونات الغذاء بغزة تغطي من يوم إلى 4 أيام، وفقا للأمم المتحدة.

ودانت الإمارات وقطر، أمس، السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح، فيما أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن العملية العسكرية البرية الإسرائيلية في مدينة رفح هي بمنزلة عامل إضافي لزعزعة استقرار الوضع في الشرق الأوسط، مشددة على أن موسكو تطالب بالامتثال إلى القانون الدولي الإنساني.

على صعيد قريب، أفاد الدفاع المدني في القطاع بالعثور على مقبرة جماعية ثالثة في مجمع الشفاء الطبي بغزة، وقال إنه انتشل 44 جثة منها، فيما وصل إلى مستشفيات غزة 55 قتيلا و200 إصابة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ليرتفع بذلك عدد القتلى منذ بدء الحرب إلى 34844، أغلبهم من الأطفال والنساء.