شوشرة: منظومة
لا نزال في دوامة سياسة الترقيع بشأن تطوير المدن العمرانية أو المنظومة الاقتصادية التي نتغنى بها على مدى سنوات، في حين لا يزال هناك من يرسم الأحلام ويضحك على الذقون بإطلاق سلسلة من المشاريع الكبرى التي لا نراها على الواقع بقدر سماعنا عنها، وسرد بطولات من حكومات متعاقبة التي لم تستطع إصلاح شوارع الموت بسبب الحفريات التي باتت أحد أهم معالمنا التطويرية، وسياسة إصلاح الاعوجاج، وصرف الملايين التي تتبخر كالعادة، فحيث تتجدد المآسي التي يروح ضحيتها من يجد نفسه أمام حفرة في منتصف الطريق قد ترسم نهاية غير متوقعة، لأننا مشغولون في ثقافة التنمر على الآخرين والتصغير من شأنهم وهم الذين سبقونا في كل شيء، وحولوا أحلامنا إلى واقع في بلدانهم التي خططت ونفذت مشاريعها العملاقة بأموالنا مقترضة منا.
فأين مدينة الحرير التي كنا ننتظرها كبارقة أمل؟ وأين ميناء مبارك الذي أصبحنا نكتفي بتبادل الاتهامات وغيرها من مواويل الانتقادات التي تبدأ كردة فعل وتتلاشى مع الوقت لأن هناك حدثا آخر طرأ على الساحة؟ فكم بلغت الاجتماعات والدراسات والميزانيات التي خصصت لهذه المشاريع؟ وكم بلغت الميزانيات التي صرفت عليها؟ وما مدى الالتزام بنسبة الإنجاز؟
كلها أسئلة ردودها حجج واهية كالعادة تبدأ وتنتهي بأزمة سياسية بسبب سوء العلاقة بين السلطتين لأنها شماعة وسبيل للتبرير عند أي فشل، فهل تتوقف الحياة وتتعطل المصالح عند أي خلاف سياسي؟ ولماذا ترتبط عملية التنمية بذلك رغم إقرارها في برامج الحكومات السابقة التي حددت فترات زمنية للإنجاز؟ وأين المحاسبة الحقيقية؟ لقد شبعنا ومللنا من التذمر والتحلطم والتبريرات التي اخترقت طبقة الأوزون، ووصلت عنان السماء، وصدحت في المساحات الفاضية بأننا ما زلنا نعمل بعقليات التخلف والرجعية وتصفية الحسابات والتلاسن وتبادل الاتهامات والتفاهات في ملاحقة القضايا الجانبية، والتدخل في خصوصيات الآخرين، والتسابق للدخول بالنوايا والتشهير كثقافة سائدة لدى الذين همهم الأول والأخير البحث عن الفضائح والسب والقذف والتباهي في ضرب الآخرين، ورغم كل ذلك لا يزال مسلسل التبريرات مستمراً والتهكم واقعا للخلاص من الفشل، والبحث عن قضايا أخرى للانشغال بها لأن هذه حدود الإنجاز وتحقيق التطلعات لدى العقول المتخلفة.
آخر السطر: «الطاسة ضايعة»