الوضع الشاذ المتراكم من عشرات السنين لابد أن يجلب الهمّ الثقيل لمن يريد أن يتوجه ويعمل بصدق لحل مشكلات المجتمع الكويتي، ويدفع به إلى آفاق التطوير، ففي وزارة التربية 130 ألف موظف ما بين قياديين ومسؤولين وموظفين و956 مدرسة، هذا بخلاف الإدارات والمراكز الأخرى، ولكن إذا خُصخص التعليم فسيظل من أعداد الموظفين فقط 8 آلاف تقريبا، ولن تكون مدارس ولا ملحقاتها، كما ستتقلص الإدارات والمراكز بنسبة 90%، وسيظل إدارات ومراكز مهمتها التخطيط والتطوير للصعود عاليا بالتعليم وفق المعطيات والإمكانات المتاحة، وهي وافرة والحمدلله، ووفق ما تفرضه المستجدات في المجال التعليمي والتربوي، كما ستكون هناك مراكز مهمتها القياس والتقييم لاعتماد المدارس التي تدخل دائرة القبول في العملية التربوية المسموح لأولياء الأمور تسجيل أبنائهم لديها، والحكومة تدفع رسوم 2000 رياض الأطفال و4000 للمراحل الأخرى.

فالتعليم سيكون عبر هذه االمدارس الخاصة التي تستوفي شروط الجودة والقدرة على تحقيق المستهدفات التربوية والتعليمية، ووفق الأسس والمبادئ التعليمية والقيم المجتمعية، لذلك سيكون هناك أيضا إدارات مهمتها الرصد والضبط القانوني وتنفيذ العقوبات والمخالفات والإحالة للقضاء للمدارس التي تنحرف عن السياسات وعن تحقيق المستويات المطلوبة من نتائج التعليم وفق معايير الاختبار والتقييم العالمية ومؤشرات التفوق على المستويات كافة، وفي شتى الجوانب العلمية والتربوية.

Ad

هذا ما سيتبقى من وزارة التربية المتضخمة بهيكلها الوظيفي والبيروقراطي المنكوب ببطالة مقنعة قد تصل الى 60% وستنتهي الوساطات ومشكلات النقل بين المدارس والتعيينات والترقيات وتوزيع المناصب لاسترضاء المكونات القبلية والطائفية والفئوية، وستتبخر المناقصات الضخمة ومخصصات الموازنة السنوية لتصبح بضعة ملايين.

قس على ذلك وزارة الصحة إذا خُصخصت التي تضم ما يقارب 60 ألف موظف اضافة إلى المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية والإدارات التي تزحم البلاد، كل هذه الكثرة ستختزل إلى 5 آلاف موظف تقريبا وبضعة إدارات للتخطيط والرصد والتقييم والضبط القانوني، وكذلك وزارة الكهرباء والماء التي تضم 30 ألف موظف ستختزل الى 2000 موظف تقريباً.

هذه الوزارات الضخمة والأعداد الهائلة من الموظفين والمدارس والمستشفيات والإدارات والمراكز المتناثرة طول البلاد وعرضها ستتبخر وتكون هناك شركات ومستشفيات خاصة ومدارس أهلية نموذجية.

أرأيتم كيف تكون عليه الحال عند إتمام عملية الخصخصة، وكيف يتم شفط الشحوم البيروقراطية وترشيق الهياكل الإدارية واستئصال أورام البطالة، وكيف تتلاشى أسباب الوساطات والاسترضاءات والضغوط السياسية وكل ألوان العبث وهدر المال والوقت، وبالعكس سترتقي الخدمات التعليمية والتربوية والصحية وخدمات الكهرباء والماء والبريد والموانئ والمواصلات والاتصالات الأرضية، ونتيجة لذلك أيضاً ستوفر الدولة المليارات لأنه سيتقلص باب الرواتب والأجور من 14.6 ملياراً إلى 6 مليارات تقريباً، إذ تلتزم الحكومة بدفع 600 دينار شهريا فقط كدعم للعمالة الكويتية و80 دينارا شهريا لكل مواطن كبديل نقدي للدعوم الحالية لتحقيق المساواة، وخفض الدعوم الى مليار ونصف بدل 4.6 مليارات الحالية، إضافة لكل ذلك منح 80 دينارا أيضاً لكل مواطن عبر توزيع 25% من صافي أرباح الصناديق السيادية التي قاربت الترليون دولار بما لا يزيد على مليار ونصف سنويا لكل المواطنين، وعلى ذلك سيبدأ الموظف البسيط جدا، ويملك شهادة ابتدائي ويعمل في وظيفة أمن منشآت أو مجمعات وشركات وبنوك وراتبه 350 دينارا، وسيبدأ راتبه 600+ 80 + 80 + 350 = 1110 دنانير، وإذا كان هذا الموظف البسيط متزوجا وله ثلاثة أبناء سيصل راتبة إلى 1730 دينارا.

هنا سيكون الوزراء بحاجة أن يكونوا في منتجع مريح مهمتهم التخطيط واقتراح ما يرتقي بالخدمات، وما يسهم في تسهل الإجراءات والإبداع والترشيد ومتابعة التنفيذ عبر التقارير الفنية وسط جو جميل لا ضغوط فيه تفرضها الوساطات، ولا الانشغال بأي استرضاءات إلا استرضاء المواطن ورضا سمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه.