من أجل حفنة تراب

نشر في 10-05-2024
آخر تحديث 09-05-2024 | 18:45
 د. محمد عبدالرحمن العقيل

في البداية، أحيي الفريق الطبي الكويتي البطل، الذي ساند إخواننا في غزة الأبية، بقدر المستطاع، في ظروف كارثية عصيبة، وسيل من الأهوال لا ينقطع، وأصناف من العذاب الشديد وقذائف كالمطر.

أحيي الفريق الطبي المجاهد، الذي ترك رغد العيش ولذة الحياة الهنيئة في أنعم بلد في العالم، ليدخل في قيامة الحرب، ويؤازر شعبا مرابطا عزيز النفس، صابرا جلدا.

إن تقديم هذه التضحيات والمخاطرة بالنفس من أجل نصرة المظلوم، في أرض المعركة، لا شك أنه من أعظم الجهاد، ومن أروع التضحيات، في وقت تخلى فيه الأخ والجار والصديق، إنها بحق، لصحائف بيضاء تضاف لأبناء دولة الكويت الحبيبة المباركة، الذين أعانوا الفريق الطبي في إجراءات الدخول والخروج، وزودوهم بالمستلزمات الطبية والإغاثية اللازمة، فهناك جيش خفي آخر وراء هذه المشاهد، الذين ناصروهم بالدعم المادي والمعنوي، والكلمة الطيبة، وهذا بلا شك فخر لكل كويتي شريف يفرح بأبطال بلده، ويسعد لإنجازاتهم وعطائهم.

أود أن أشكر كل كويتي مخلص غيور على دينه وعرضه ووطنه وعلى إخوانه المسلمين، وأقول لكم لقد بيضتم وجوهنا وأسعدتم قلوبنا وأثلجتم صدورنا بجهادكم في سبيل الله مع إخواننا في غزة الأبية، وأسأل الله أن يُعلّي قدركم، ويثبّت إيمانكم ويعظّم أجوركم، ويشرح صدوركم، ويبيض وجوهكم في الدنيا والآخرة.

واسمحوا لي يا أحباب، ويا فخر بلدي، أن أعتذر لكم عن نشاز الطاعنين، وحسد الحاسدين، وحقد المخذلين، الذين إذا ذُكِر «الجهاد» ارتعدت قلوبهم، وشخصت أبصارهم، الذين يبررون خساسة معادنهم ورداءة قلوبهم، وهشاشة عقائدهم بأعذار شرعية فاسدة في القياس، ويُلبّسون الحق على الناس، ويختلقون المشاكل والتهم! فهل عقيدتك السليمة تسمح لك أن ترى اليهودي يقتل المسلم المظلوم صاحب الحق والأرض ولا تدافع عنه ولو بكلمة، ثم تتجرأ وتتبجح في التشكيك في عقيدة أحد هؤلاء المجاهدين، من أجل «هدية رمزية» حفنة من تراب المسجد الأقصى؟ المشكلة ليست بالقارورة الممتلئة بالرمل، إنما بالأدمغة االمليئة بالرمل، والقلوب المليئة بالحسد.

إن فرحة الغزّاويين بهذه الزيارة وابتساماتهم الصادقة، من أكبر الانتصارات التي تُسجل في هذه الأوقات العسيرة الخانقة، هل تعلم يا صاحب العقيدة «الزكية» أن فرح المرابطين نصر للمسلمين، وأن فرح اليهود بكلماتك وطعنك في المجاهدين خذلان وخيانة؟ وإن كانت هذه عقيدتك فلتزكّ بها نفسك وتبرر بها خورك، وتكفر بها غيرك «فلا بارك الله فيك ولا في عقيدتك».

back to top