في ظل تفاقم أزمة العلاقات مع الغرب، بسبب تقدّم قواته في أوكرانيا، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، من أن قواته النووية في حالة تأهب «دائمة»، مؤكدا أن موسكو لن تسمح بأي تهديدات غربية، ولن تسمح أيضاً بوقوع صدام عالمي.
وفي خطاب ألقاء بالساحة الحمراء أمام آلاف الجنود الذين ارتدوا بزّات عسكرية مخصصة لمراسم إحياء مناسبة ذكرى انتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية قبل 79 عاماً، اتّهم بوتين «النخب في الغرب» بإثارة النزاعات حول العالم، لكنه شدد على أن «روسيا ستبذل قصارى جهدها لتجنّب مواجهة عالمية، لكن في الوقت نفسه لن تسمح لأحد بتهديدها. وقواتها الاستراتيجية في حالة تأهب دائمة».
واعتبر بوتين أن «الانتقام والاستهزاء بالتاريخ،، والرغبة في تبرير أتباع النازيين الحاليين جزء من السياسة العامة للنخب الغربية، للتحريض على المزيد والمزيد من الصراعات الإقليمية، والعداء بين الأعراق والأديان لاحتواء المراكز السيادية والمستقلة للتنمية العالمية».
وأضاف: «أيها الأصدقاء الأعزاء، تمرّ روسيا اليوم بفترة صعبة وحاسمة. مصير البلد الأم ومستقبلها يعتمد على كل واحد منّا».
وخلال العرض العسكري في «عيد النصر»، أشاد بوتين بجيشه، الذي يقاتل في أوكرانيا، وكرر مرارا أن الحرب التي يخوضها بأوكرانيا حاليا هي معركة وجودية في وجه «النازية».
وفي اجتماع مع قادة القوات الروسية في أوكرانيا، أعلن عنه أمس، قال بوتين إن النصر في أوكرانيا شرط أساسي لتحقيق روسيا أهدافها، مشيرا إلى «دعم الغرب الكامل لأوكرانيا وحلمه بإضعاف روسيا».
ولفت إلى تحليق المسيّرات الأوكرانية «كالذباب فوق رؤوس العسكريين الروس» وصعوبة ذلك بالنسبة لهم، مؤكدا استمرار العمل على مواجهة هذه الظاهرة بشكل أكثر فعالية.
ويحيي عرض التاسع من مايو العسكري ذكرى إلحاق الاتحاد السوفياتي السابق الهزيمة بألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية التي يطلق عليها الروس اسم الحرب الوطنية الكبرى، وبات هذا التاريخ أهم عطلة رسمية في روسيا.
تغيّب أرمينيا
ويقام عرض «عيد النصر» في الساحة الحمراء، حيث تنشر طوابير من المعدات العسكرية الروسية بما فيها صواريخ متطوّرة وأنظمة دفاع جوي، فضلا عن آلاف العسكريين.
وتدعو روسيا عادة إلى المناسبة ممثلي الدول التي تعتبرها «صديقة»، رغم أن الحضور تراجع حتى قبل أن ترسل قوات إلى أوكرانيا مطلع عام 2022 في ظل خلاف مع الغرب.
وحضر قادة 8 دول عرض أمس، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية روسية هذا الأسبوع نقلا عن مسؤول في «الكرملين». من بين هؤلاء قادة 5 دول سوفياتية سابقة هي بيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان، إضافة إلى قادة كوبا ولاوس غينيا بيساو.
لكن في خطوة لافتة، أشار رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، إلى أنه سيتغيّب عن المناسبة في ظل خلاف بين البلدين، علما بأنه كان في موسكو مساء الأربعاء لحضور قمة إقليمية.
وقبل يوم من الاستعراض الضخم، نظّم «الكرملين» قمة لقادة الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، وهو تكتل إقليمي يضم عددا من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً.
ويأتي خطاب «عيد النصر» هذا العام في وقت تحقق قوّات بوتين تقدّما في أوكرانيا، ومباشرة بعدما أدى اليمين لولاية رئاسية خامسة غير مسبوقة.
وضمن الرئيس (71 عاما)، الذي يحكم روسيا منذ مطلع القرن، ولاية جديدة في السلطة مدّتها 6 سنوات، بعدما فاز بالانتخابات خلال مارس، في غياب أي معارضة.
وتصدّى الجيش الروسي لهجوم أوكراني مضاد العام الماضي، وحقق مذاك مكاسب على خط الجبهة فيما تعاني كييف نقصا في الذخيرة والقوات.
ويصور بوتين الحرب الحالية على أنها «جزء من صراع مقدس مع الغرب»، ويقول إن الأخير نسي الدور الذي اضطلع به الاتحاد السوفياتي في إلحاق الهزيمة بألمانيا النازية، فضلا عن التاريخ الذي يشير إلى أن نابليون بونابرت وأدولف هتلر لم يتمكنا من هزيمة روسيا.
الردع النووي
وكثّف بوتين أيضا تهديداته النووية، مُصدرا، في وقت سابق هذا الأسبوع، أوامر للجيش الروسي بتنظيم تدريبات على الأسلحة النووية تشارك فيها قوات سلاح البحرية والجنود المتمركزين قرب أوكرانيا.
وخلال حفل تنصيبه الباذخ يوم الثلاثاء، تعهّد بوتين بتحقيق النصر للروس. وقال: «نحن متحدون وأمة عظيمة، وسنتجاوز معا جميع العقبات، ونحقق كل ما خططنا له، ومعا سننتصر».
والعام الماضي، تخلّت روسيا عن مصادقتها على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وانسحبت من اتفاق رئيسي مع الولايات المتحدة يهدف لمنع انتشار الأسلحة.
لكن نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف، قلل من المخاوف، مشدداً على أن روسيا لن تغيّر عقيدتها النووية التي تسمح باستخدام الأسلحة النووية فقط في حالة ظهور تهديد وجودي للدولة.