رغم حرص الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، على اصطحاب مفوضة الاتحاد الاوروبي اورسولا فوندرلاين الالمانية خلال المفاوضات التي عقدت في باريس مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، أظهرت الزيارة التي أجراها الزعيم الشيوعي الصيني الى فرنسا، الخلافات التي يبدو أنها لا تنتهي بين فرنسا وألمانيا، خصوصا انها جاءت بعد أيام من زيارة للمستشار الألماني أولاف شولتز إلى بكين.

وانتقد رئيس تحرير صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، اليمينية المحافظة، باتريك سان بول، المستشار الألماني الاشتراكي الديمرقراطي بـ «العمل ضد المصلحة الجماعية للاتحاد الأوروبي ومصالح ألمانيا على المدى الطويل، من خلال تشبثه بنموذج اقتصادي، تحت ضغط شركات صناعة السيارات، يعتمد أساسا على التصدير للصين».

Ad

وقال بول في مقال نشر اليوم إن «ألمانيا ارتكبت خطأ حين دفعت ثمناً باهظاً لإدمانها على الغاز الروسي الرخيص، من خلال اعتمادها الاستراتيجي على سيد الكرملين، وهي تدعو الأوروبيين إلى بذل المزيد من الجهد من أجل أوكرانيا، لكنها ترفض في الوقت ذاته تسليم صواريخ توروس بعيدة المدى إلى كييف».

ولم يحضر شولتز القمة التي نظمها ماكرون في الإليزيه مع فوندرلاين، في وقت اعتبرت صحف اوروبية ان الرئيس الصيني استفاد من فرصة مواصلة اللعب على الانقسامات بين الأوروبيين، خصوصا بين باريس وبرلين المحركين التقليديين للاتحاد الاوروبي.

وكان شولتز زار بكين في منتصف إبريل الماضي على رأس وفد ألماني ضم وزير الزراعة، المؤيد للتعاون الوثيق مع بكين، بالإضافة إلى مجموعة من الرؤساء التنفيذيين لشركات فولكس فاغن، ومرسيدس، وتيسنكروب، وباسف، وكلهم يطالبون بتطوير التجارة والاستثمارات الصينية ـ الألمانية.

ولم يدعُ شولتز نائبه روبرت هابيك، ووزيرة الخارجية أنالينا بيربوك من حزب الخضر، وهما معروفان بانتقاداتهما الحادة للصين، ويدعوان لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية التي تفرضها بكين.

واتهم سان بول شولتز بأنه لم يتحدث علناً إلا نادراً عن القضايا التي تمس المصالح الاقتصادية والأمنية الحاسمة لأوروبا، كقدراتها الانتاجية الفائضة. وتعارض برلين، تحت ضغط من شركات صناعة السيارات التي تتمركز بسرعة في الصين، فرض رسوم جمركية على المركبات «المصنوعة في الصين»، بما في ذلك النماذج الكهربائية المدعومة من الحكومة، والتي تغمر السوق الأوروبية.

ونبه الكاتب الفرنسي من انه إذا فتحت الأبواب أمام السوق الصيني، فإن بكين ستستغل المشاريع المشتركة «للنهب الصناعي»، مضيفا ان فرنسا قد اكتوت من هذه النار سابقا، فقد باعت قطارها فائق السرعة ومحطاتها للطاقة النووية، ولم تنتظر إلا سنوات قليلة فقط لترى بكين تفوز بالأسواق الدولية في هذا المجال من خلال تقديم نسخ «منخفضة التكلفة».

وقال إن هذا «السيناريو ينذر بأن الصين ستتمكن، بفضل وجود المصنعين الألمان على أراضيها، من مواصلة صعودها النوعي لإنتاج منتجات راقية بتكلفة أقل».