بعد 24 عاماً من خسارتها بنتيجة 2-1 في الدور الأول من مونديال 1998 أمام إيران، ثأرت الولايات المتحدة من «تيم ملّي» بهدف نظيف عبرت به إلى الدور الثاني من مونديال قطر 2022 لكرة القدم أمس.
ويدين الأميركيون بهذا الفوز إلى لاعب تشلسي الإنكليزي كريستيان بوليسيك، الذي أحرز هدف المباراة الوحيد (38)، وحرم الإيرانيين أول تأهل في تاريخهم إلى دور الـ16، لتلاقي الولايات المتحدة في الدور المقبل هولندا.
وللمرة الثانية في تاريخ المسابقة العريقة، بعد الأولى في 1998 عندما خرجت إيران فائزة 2-1 في دور المجموعات أيضاً، التقى «تيم ملّي» مع غريمته الولايات المتحدة في ظل توتر سياسي قائم منذ عقود بين طهران وواشنطن.
غير أن السياسة في هذه المرّة كانت تحاصر الإيرانيين من غير خاصرة؛ إذ أدّى لاعبو المنتخب الإيراني النشيد الوطني للجمهورية الإسلامية من دون حماسة قبيل انطلاق المباراة، حيث إن هذه هي المرة الثانية توالياً التي يؤدي فيها لاعبو «تيم ملّي» النشيد الوطني بعد مواجهة ويلز، إذ امتنعوا عن أدائه افتتاحاً أمام إنكلترا تضامناً مع الاحتجاجات التي تشهدها إيران.
احتجاجات محلية
وتشهد إيران منذ قرابة شهرين، احتجاجات أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
وباتت تلك الاحتجاجات من بين التحديات الأكبر لنظام الجمهورية الإسلامية منذ ثورة العام 1979، مع مقتل نحو 378 شخصاً في حملة لقمعها وفقاً لمنظمة حقوقية.
ذلك الضغط تزامن مع مشاركة المنتخب الإيراني في كأس العالم، وبات محط أنظار ومطالبات من الجماهير الإيرانية لاتخاذ موقف حاسم من الاحتجاجات والسلطات التي استقبلت الفريق قبل التوجّه إلى الدوحة، لكن الثمرة الرياضية المنتظرة بعبور أول تاريخي إلى الدور الثاني، لم تنضج.
دخل الأميركيون المباراة ولا خيار أمامهم سوى الفوز للتأهل، على عكس الإيرانيين الذين كانوا يملكون إمكانية التعادل، وبدأ منتخب «العمّ سام» هجوماً ضاغطاً مع استحواذ كبير في غالبية فترات الشوط الأول.
أول الاختراقات كان لبوليسيك في الدقيقة الثانية، فتوالت الفرص للأميركيين الذين كانوا قادرين على التهديد من دون لمسة أخيرة، عبر رأسية لبوليسيك في الدقيقة 11، ثم اختراق من تيموثي ويا (24)، ورأسية أخرى على المرمى (28).
غير أن ذلك الإصرار أثمر هدفاً، فافتتحت الولايات المتحدة التسجيل في الدقيقة 38 عندما مررّ ويستون ماكيني كرة إلى سيرجينيو ديست، فحوّلها عرضية داخل منطقة الجزاء، برز لها بوليسيك وأسكنها بيمناه في شباك الحارس الإيراني العائد من إصابة علي رضا بيرانوند.
وكان بيرانوند غاب عن مباراة ويلز، بعدما تعرّضه لارتجاج في المخ في مباراة إنكلترا التي خسرها «تيم ملّي» افتتاحاً بنتيجة (2-6).
اصطدام مع الحارس
وخلال الهدف، اصطدم بوليسيك بالحارس الإيراني وخرج من الملعب وهو يعاني من آلام، ورغم أنه عاد وأكمل الشوط الأول، فإنه لم يدخل في الشوط الثاني وحلّ بدلاً منه براندن آرونسون.
وقبل الدخول إلى غرف الملابس، كاد المنتخب الأميركي أن يخرج مرتاحاً بهدف سجّله وياه، غير أن الحكم ألغاه بداعي التسلل.
وعلى غرار بوليسيك، بقي سردار آزمون على مقاعد البدلاء في الشوط الثاني، إذ إنه لم يقدّم شيئاً يذكر خلال النصف الأول من المباراة، فاستبدله المدرّب البرتغالي كارلوس كيروش بسامان قدوس.
في الشوط الثاني، حاول الإيرانيون كثيراً، وخصوصاً عن طريق قدوس الذي سجّل محاولتين خطيرتين إحداهما بالرأس 52، لكن بلا جدوى.
واستمر الأخذ والرد للكرة من دون نجاعة، حتى أن الإيرانيين طالبوا في الدقائق الأخيرة بركلة جزاء علّها تأتي بتعادل يقلب الطاولة، لكن كان لحكم الفيديو المساعد (في إيه آر) رأي آخر بصعود الولايات المتحدة إلى الدور الثاني.
المباراة في سطور
المباراة: إيران - الولايات المتحدة 0-1
الملعب: استاد الثمامة
الجمهور: 42127 متفرجاً
الدور الأول: الجولة الثالثة والأخيرة
الحكم: الإسباني أنتونيو ماتيو
الأهداف:
الولايات المتحدة: كريستيان بوليسيك (38)
الإنذارات:
الولايات المتحدة: تايلر أدامس (43)
إيران: مجيد حسيني (77)، محمد كنعاني (على دكة البدلاء 83)، أبوالفضل جلالي (90+6)
التشكيلتان:
إيران: علي رضا بيرانوند - ميلاد محمدي (علي كريمي 45+2)، مرتضى بور علي كنجي، مجيد حسيني، رامين رضائيان - سعيد عزت اللهي، إحسان حاج صفي (ابو الفضل جلالي 71)، أحمد نور اللهي (مهدي ترابي 71) - علي قلي زاده (كريم انصاري فرد 77)، سردار ازمون (سامان قدوس 46)، مهدي طارمي.
المدرب: البرتغالي كارلوس كيروش
الولايات المتحدة: مات تورنر - سيرجينيو ديست (شاكيل مور 82)، كاميرون كارتر-فيكرز، تيم ريم، أنتوني روبنسون - تايلر أدامس، وستون ماكيني (كيلين أكوستا 65)، يونس موسى - تيموثي وياه (ووكر زيمرمان 82)، جوش سيرجنت (حجي رايت 77)، كريستيان بوليسيك (براندن آرونسون 46).
المدرب: غريغ بيرهالتر
استعاد كريستيان بوليسيك لقب «كابتن أميركا»، وحتى من دون الشارة الحقيقية التي يرتديها في مونديال قطر تايلر آدامس، بعد هدفه «الفدائي» الذي قاد به المنتخب الأميركي لحسم مواجهته الحساسة مع نظيره الإيراني 1 - صفر، والتأهل للدور ثمن النهائي.
لم يفكر بوليسيك مرتين في إمكانية تعرضه للإصابة، فاندفع بفدائية في الدقيقة 38، واقتنص الكرة في الشباك قبل أن يصطدم بعنف بالحارس الإيراني علي رضا بيرانوند.
ووسط التخوف من إمكانية غيابه عن ثمن النهائي ضد هولندا، وعد نجم تشلسي الإنكليزي الجمهور الأميركي بأنه سيكون جاهزا لخوض المواجهة رغم اضطراره لتلقي العلاج في المستشفى.
واستبدل بوليسيك خلال استراحة الشوطين بعد تعرضه لهذه الإصابة، قبل أن ينقل الى المستشفى كإجراء احترازي.
وبما أن مباراة ثمن النهائي ضد هولندا ستكون السبت على استاد خليفة في الريان، كان هناك تخوف من أن بوليسيك لن يكون جاهزا لخوض اللقاء ومحاولة قيادة بلاده الى ربع النهائي للمرة الأولى منذ 2002.
لكن لاعب بوروسيا دورتموند الألماني السابق طمأن الأميركيين من المستشفى بمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قال فيه: «فخور جداً بكم أيها الشبان! لا تقلقوا، سأكون جاهزا السبت».
ولعب بوليسيك دوراً في هدفين من أصل ثلاثة لبلاده في هذه النهائيات، بعدما كان صاحب التمريرة التي سجل منها تيموثي وياه هدف الجولة الأولى من منافسات المجموعة الثانية ضد ويلز (1-1).
ووحده لاندون دونوفان في 2010 ساهم في عدد أكبر من الأهداف (ثلاثة) للولايات المتحدة في نسخة واحدة.
وكشف المدرب غريغ بيرهالتر أنه «تم استبداله (بوليسيك) بسبب الإصابة. نقل الى المستشفى كإجراء احترازي. كانت ضربة في عضلات المعدة. إصابة في عضلات المعدة».
مواصلة المشوار
ويمني بوليسيك النفس ألا تتسبب هذه الإصابة في حرمانه من مواصلة المشوار مع المنتخب الذي غاب عن النهائيات قبل 4 أعوام، لاسيما أن المونديال القطري يشكل فرصة هامة جدا لابن الـ24 عاماً من أجل نسيان المعاناة التي يواجهها مع فريقه تشلسي حيث يكتفي بلعب دور البديل.
صحيح أنه شارك هذا الموسم في 13 من المباريات الـ 14 التي خاضها الفريق اللندني في الدوري الممتاز، لكن في ثلاث منها كان أساسيا، في وضع اعتاد عليه منذ انتقاله الى «بريميرليغ» قبل 4 أعوام قادماً من بوروسيا دورتموند مقابل 65 مليون يورو.
ورغم الآمال المعقودة عليه، عجز الأميركي عن فرض نفسه في النادي اللندني وتكرار المستوى الذي كان عليه في الدوري الألماني.
ويجب القول إن مهمة سد الفراغ الذي خلفه البلجيكي إدين هازارد على الجهة اليسرى للخط الأمامي بانتقاله الى ريال مدريد الإسباني، عقد حياة بوليسيك الذي كان من المفترض تعويضه في هذا المركز.
لاعب موهوب، سريع، رشيق، قادر على المراوغة، التمرير والتسجيل بكلتا قدميه، يتمتع بوليسيك بجميع مواصفات المهاجم الحديث.
ورغم ذلك، عجز بوليسيك عن فرض نفسه ركيزة أساسية في تشكيلة تشلسي، إن كان مع المدربين السابقين فرانك لامبارد والألماني توماس توخل أو الحالي غراهام بوتر.
هذا ما يميز كريستيان
لقد مرَّ بوليسيك بفترات رائعة، لكنها لم تدم سوى بضع مباريات. وفي نادٍ مهووس بالتميّز وتحقيق النتائج، لم يكن ذلك كافياً.
صحيح أنه توج بلقب مسابقة دوري أبطال أوروبا عام 2021، لكن في سيرته الذاتية التي تحمل عنوان «كريستيان بوليسيك: مشواري حتى الآن» ونُشِرت في سبتمبر، تحدّث عن علاقته المعقدة مع توخل الذي لم يشركه أساسياً في إياب نصف النهائي ضد ريال مدريد، رغم تقديمه أداء ممتازا في لقاء الذهاب، ثم أبعده عن التشكيلة في المباراة المحلية في عطلة نهاية ذلك الأسبوع.
ومع الحديث عن إمكانية رحيله في يناير خلال فترة الانتقالات الشتوية ربما الى الدوري الإيطالي، حيث يبدو يوفنتوس مهتماً بالحصول على خدماته، يمكن أن تكون كأس العالم في قطر نقطة تحول في مسيرته مع منتخب أميركي يبقى فيه اللاعب الأكثر خبرة على أعلى المستويات.
وصرح برهالتر بأن «الهدف الأولي كان اجتياز الدور الأول، والآن يمكن أن يحدث أي شيء. ما يتعين علينا القيام به هو الذهاب للمباراة تلو الأخرى، والتركيز على ذلك. الآن لدينا هولندا. من المثير أن تكون في دور الـ 16».
وأضاف برهالتر (49 عاماً)، الذي شارك كلاعب بكأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان: «بالنسبة للاعبين، كل ما هو قادم سيعتبر فرصة لهم، خصوصاً من ناحية الخبرات».
وأوضح أن تغيير مهاجمه كريستيان بوليسيك كان بداعي تعرضه لـ «الإصابة»، التي تعرَّض لها أثناء تسجيله الهدف الأول، وأنه تم نقله للمستشفى كإجراء احترازي.
وحول المباراة، قال: «التركيز في المباراة كان صعباً، لأننا كنا نعلم أن إيران ستستفيد من التعادل. بدأنا بشكل جيد للغاية، وقدَّمنا أداءً مميزاً في الشوط الأول، لكن أكثر ما أشعر بالفخر به هو نهاية المباراة. أنا فخور بما قدمه اللاعبون من قوة واستبسال».
واختير بوليسيك أفضل لاعب في المباراة، لكنه لم يظهر في المؤتمر الصحافي بعد نقله للمستشفى، كما أكد مدربه، لإجراء فحوصات طبية «كإجراء احترازي».
وقال كيروش، خلال المؤتمر الصحافي عقب اللقاء، «بطبيعة الحال، لقد انتهى الحلم. أعتقد أن التعادل كان ليصبح النتيجة الأكثر عدلا، ولكن كرة القدم تعاقب من لا يسجل، ونحن لم نسجل».
وتابع: «المنتخب الأميركي تفوق في الشوط الأول، وكان الأسرع، وصنع العديد من الفرص، وكان بإمكان لاعبيه تسجيل المزيد، أما الشوط الثاني فكان مغايرا: حيث بدأنا في غلق الطريق أمام تحركاتهم، وكان هناك رد فعل رائع من اللاعبين، وأجبرناهم على التراجع للخلف، وصنعنا فرصا أكثر من التي صنعوها في الشوط الأول».
وأضاف: «نهنئ الولايات المتحدة على التأهل، ونتمنى لهم حظا طيبا فيما هو قادم بالبطولة»، واختتم صاحب الـ69 عاما تصريحاته: «فخور جدا بهؤلاء اللاعبين الرائعين، وبشخصيتهم وشجاعتهم، وتفانيهم. الحياة تستمر، وعليهم الآن الحصول على قسط من الراحة، والاستعداد للمباريات القادمة مع أنديتهم، لأن البطولات ستستأنف في غضون أسابيع قليلة».
وخلافاً للأجواء الاحتفالية التي شهدتها طهران الجمعة عندما راح الإيرانيون يرقصون حاملين أطفالهم على أكتافهم وهم يلوّحون بالأعلام احتفالاً بفوز منتخبهم على ويلز، فإنّ الصوت الوحيد الذي دوّى في العاصمة مساء امس الاول كان وقع الهزيمة أمام الولايات المتّحدة بهدف وحيد.
ولمنع أيّ تظاهرات مناهضة للسلطات، انتشرت في طهران أعداد كبيرة من عناصر الشرطة، بعضهم بالزيّ العسكري والبعض الآخر بالزيّ المدني، وتركّز وجود هذه العناصر على التقاطعات المرورية الأساسية والشوارع الرئيسية التي جابتها أيضاً دراجات نارية تابعة لوحدات مكافحة الشغب.
وتشهد الجمهورية الإسلامية احتجاجات غير مسبوقة اندلعت في 16 سبتمبر حين توفيت الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما) بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة.
وبالنسبة إلى أصغر محمدي، وهو تاجر يبلغ من العمر 50 عاماً وجاء مع ابنه لمتابعة المباراة، فإنّ ما لفت انتباهه هو الروح الرياضية التي سادت أرض الملعب في وقت تعتبر فيه الجمهورية الإسلامية الولايات المتّحدة عدوّها الأول.
وأضاف محمّدي «لقد قال كثيرون إنّ هذه المباراة ستلوّثها السياسة، لكنّنا لم نرَ سوى سلوك ودّي بين اللاعبين على أرض الملعب. في كلّ مرة سقط فيها لاعب أرضاً كان الخصم يساعده على النهوض».
وتابع «لقد قاتل لاعبونا بكل قوتهم، وبخاصة في الشوط الثاني، وهاجموا مرّات عدّة».
ويدين الأميركيون بهذا الفوز إلى لاعب تشلسي الإنكليزي كريستيان بوليسيك، الذي أحرز هدف المباراة الوحيد (38)، وحرم الإيرانيين أول تأهل في تاريخهم إلى دور الـ16، لتلاقي الولايات المتحدة في الدور المقبل هولندا.
وللمرة الثانية في تاريخ المسابقة العريقة، بعد الأولى في 1998 عندما خرجت إيران فائزة 2-1 في دور المجموعات أيضاً، التقى «تيم ملّي» مع غريمته الولايات المتحدة في ظل توتر سياسي قائم منذ عقود بين طهران وواشنطن.
غير أن السياسة في هذه المرّة كانت تحاصر الإيرانيين من غير خاصرة؛ إذ أدّى لاعبو المنتخب الإيراني النشيد الوطني للجمهورية الإسلامية من دون حماسة قبيل انطلاق المباراة، حيث إن هذه هي المرة الثانية توالياً التي يؤدي فيها لاعبو «تيم ملّي» النشيد الوطني بعد مواجهة ويلز، إذ امتنعوا عن أدائه افتتاحاً أمام إنكلترا تضامناً مع الاحتجاجات التي تشهدها إيران.
احتجاجات محلية
وتشهد إيران منذ قرابة شهرين، احتجاجات أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
وباتت تلك الاحتجاجات من بين التحديات الأكبر لنظام الجمهورية الإسلامية منذ ثورة العام 1979، مع مقتل نحو 378 شخصاً في حملة لقمعها وفقاً لمنظمة حقوقية.
ذلك الضغط تزامن مع مشاركة المنتخب الإيراني في كأس العالم، وبات محط أنظار ومطالبات من الجماهير الإيرانية لاتخاذ موقف حاسم من الاحتجاجات والسلطات التي استقبلت الفريق قبل التوجّه إلى الدوحة، لكن الثمرة الرياضية المنتظرة بعبور أول تاريخي إلى الدور الثاني، لم تنضج.
دخل الأميركيون المباراة ولا خيار أمامهم سوى الفوز للتأهل، على عكس الإيرانيين الذين كانوا يملكون إمكانية التعادل، وبدأ منتخب «العمّ سام» هجوماً ضاغطاً مع استحواذ كبير في غالبية فترات الشوط الأول.
أول الاختراقات كان لبوليسيك في الدقيقة الثانية، فتوالت الفرص للأميركيين الذين كانوا قادرين على التهديد من دون لمسة أخيرة، عبر رأسية لبوليسيك في الدقيقة 11، ثم اختراق من تيموثي ويا (24)، ورأسية أخرى على المرمى (28).
غير أن ذلك الإصرار أثمر هدفاً، فافتتحت الولايات المتحدة التسجيل في الدقيقة 38 عندما مررّ ويستون ماكيني كرة إلى سيرجينيو ديست، فحوّلها عرضية داخل منطقة الجزاء، برز لها بوليسيك وأسكنها بيمناه في شباك الحارس الإيراني العائد من إصابة علي رضا بيرانوند.
وكان بيرانوند غاب عن مباراة ويلز، بعدما تعرّضه لارتجاج في المخ في مباراة إنكلترا التي خسرها «تيم ملّي» افتتاحاً بنتيجة (2-6).
اصطدام مع الحارس
وخلال الهدف، اصطدم بوليسيك بالحارس الإيراني وخرج من الملعب وهو يعاني من آلام، ورغم أنه عاد وأكمل الشوط الأول، فإنه لم يدخل في الشوط الثاني وحلّ بدلاً منه براندن آرونسون.
وقبل الدخول إلى غرف الملابس، كاد المنتخب الأميركي أن يخرج مرتاحاً بهدف سجّله وياه، غير أن الحكم ألغاه بداعي التسلل.
وعلى غرار بوليسيك، بقي سردار آزمون على مقاعد البدلاء في الشوط الثاني، إذ إنه لم يقدّم شيئاً يذكر خلال النصف الأول من المباراة، فاستبدله المدرّب البرتغالي كارلوس كيروش بسامان قدوس.
في الشوط الثاني، حاول الإيرانيون كثيراً، وخصوصاً عن طريق قدوس الذي سجّل محاولتين خطيرتين إحداهما بالرأس 52، لكن بلا جدوى.
واستمر الأخذ والرد للكرة من دون نجاعة، حتى أن الإيرانيين طالبوا في الدقائق الأخيرة بركلة جزاء علّها تأتي بتعادل يقلب الطاولة، لكن كان لحكم الفيديو المساعد (في إيه آر) رأي آخر بصعود الولايات المتحدة إلى الدور الثاني.
المباراة في سطور
المباراة: إيران - الولايات المتحدة 0-1
الملعب: استاد الثمامة
الجمهور: 42127 متفرجاً
الدور الأول: الجولة الثالثة والأخيرة
الحكم: الإسباني أنتونيو ماتيو
الأهداف:
الولايات المتحدة: كريستيان بوليسيك (38)
الإنذارات:
الولايات المتحدة: تايلر أدامس (43)
إيران: مجيد حسيني (77)، محمد كنعاني (على دكة البدلاء 83)، أبوالفضل جلالي (90+6)
التشكيلتان:
إيران: علي رضا بيرانوند - ميلاد محمدي (علي كريمي 45+2)، مرتضى بور علي كنجي، مجيد حسيني، رامين رضائيان - سعيد عزت اللهي، إحسان حاج صفي (ابو الفضل جلالي 71)، أحمد نور اللهي (مهدي ترابي 71) - علي قلي زاده (كريم انصاري فرد 77)، سردار ازمون (سامان قدوس 46)، مهدي طارمي.
المدرب: البرتغالي كارلوس كيروش
الولايات المتحدة: مات تورنر - سيرجينيو ديست (شاكيل مور 82)، كاميرون كارتر-فيكرز، تيم ريم، أنتوني روبنسون - تايلر أدامس، وستون ماكيني (كيلين أكوستا 65)، يونس موسى - تيموثي وياه (ووكر زيمرمان 82)، جوش سيرجنت (حجي رايت 77)، كريستيان بوليسيك (براندن آرونسون 46).
المدرب: غريغ بيرهالتر
بوليسيك يستعيد لقب «كابتن أميركا»
استحق بوليسيك، نجم منتخب أميركا، إشادة زملائه، وكذلك وسائل الإعلام في بلاده، بعد أدائه وهدفه الرائع في مرمى إيران، والذي ساهم في تأهل أميركا لدور الـ 16 بمونديال 2022.استعاد كريستيان بوليسيك لقب «كابتن أميركا»، وحتى من دون الشارة الحقيقية التي يرتديها في مونديال قطر تايلر آدامس، بعد هدفه «الفدائي» الذي قاد به المنتخب الأميركي لحسم مواجهته الحساسة مع نظيره الإيراني 1 - صفر، والتأهل للدور ثمن النهائي.
لم يفكر بوليسيك مرتين في إمكانية تعرضه للإصابة، فاندفع بفدائية في الدقيقة 38، واقتنص الكرة في الشباك قبل أن يصطدم بعنف بالحارس الإيراني علي رضا بيرانوند.
ووسط التخوف من إمكانية غيابه عن ثمن النهائي ضد هولندا، وعد نجم تشلسي الإنكليزي الجمهور الأميركي بأنه سيكون جاهزا لخوض المواجهة رغم اضطراره لتلقي العلاج في المستشفى.
واستبدل بوليسيك خلال استراحة الشوطين بعد تعرضه لهذه الإصابة، قبل أن ينقل الى المستشفى كإجراء احترازي.
وبما أن مباراة ثمن النهائي ضد هولندا ستكون السبت على استاد خليفة في الريان، كان هناك تخوف من أن بوليسيك لن يكون جاهزا لخوض اللقاء ومحاولة قيادة بلاده الى ربع النهائي للمرة الأولى منذ 2002.
لكن لاعب بوروسيا دورتموند الألماني السابق طمأن الأميركيين من المستشفى بمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قال فيه: «فخور جداً بكم أيها الشبان! لا تقلقوا، سأكون جاهزا السبت».
ولعب بوليسيك دوراً في هدفين من أصل ثلاثة لبلاده في هذه النهائيات، بعدما كان صاحب التمريرة التي سجل منها تيموثي وياه هدف الجولة الأولى من منافسات المجموعة الثانية ضد ويلز (1-1).
ووحده لاندون دونوفان في 2010 ساهم في عدد أكبر من الأهداف (ثلاثة) للولايات المتحدة في نسخة واحدة.
وكشف المدرب غريغ بيرهالتر أنه «تم استبداله (بوليسيك) بسبب الإصابة. نقل الى المستشفى كإجراء احترازي. كانت ضربة في عضلات المعدة. إصابة في عضلات المعدة».
مواصلة المشوار
ويمني بوليسيك النفس ألا تتسبب هذه الإصابة في حرمانه من مواصلة المشوار مع المنتخب الذي غاب عن النهائيات قبل 4 أعوام، لاسيما أن المونديال القطري يشكل فرصة هامة جدا لابن الـ24 عاماً من أجل نسيان المعاناة التي يواجهها مع فريقه تشلسي حيث يكتفي بلعب دور البديل.
صحيح أنه شارك هذا الموسم في 13 من المباريات الـ 14 التي خاضها الفريق اللندني في الدوري الممتاز، لكن في ثلاث منها كان أساسيا، في وضع اعتاد عليه منذ انتقاله الى «بريميرليغ» قبل 4 أعوام قادماً من بوروسيا دورتموند مقابل 65 مليون يورو.
ورغم الآمال المعقودة عليه، عجز الأميركي عن فرض نفسه في النادي اللندني وتكرار المستوى الذي كان عليه في الدوري الألماني.
ويجب القول إن مهمة سد الفراغ الذي خلفه البلجيكي إدين هازارد على الجهة اليسرى للخط الأمامي بانتقاله الى ريال مدريد الإسباني، عقد حياة بوليسيك الذي كان من المفترض تعويضه في هذا المركز.
لاعب موهوب، سريع، رشيق، قادر على المراوغة، التمرير والتسجيل بكلتا قدميه، يتمتع بوليسيك بجميع مواصفات المهاجم الحديث.
ورغم ذلك، عجز بوليسيك عن فرض نفسه ركيزة أساسية في تشكيلة تشلسي، إن كان مع المدربين السابقين فرانك لامبارد والألماني توماس توخل أو الحالي غراهام بوتر.
هذا ما يميز كريستيان
لقد مرَّ بوليسيك بفترات رائعة، لكنها لم تدم سوى بضع مباريات. وفي نادٍ مهووس بالتميّز وتحقيق النتائج، لم يكن ذلك كافياً.
صحيح أنه توج بلقب مسابقة دوري أبطال أوروبا عام 2021، لكن في سيرته الذاتية التي تحمل عنوان «كريستيان بوليسيك: مشواري حتى الآن» ونُشِرت في سبتمبر، تحدّث عن علاقته المعقدة مع توخل الذي لم يشركه أساسياً في إياب نصف النهائي ضد ريال مدريد، رغم تقديمه أداء ممتازا في لقاء الذهاب، ثم أبعده عن التشكيلة في المباراة المحلية في عطلة نهاية ذلك الأسبوع.
ومع الحديث عن إمكانية رحيله في يناير خلال فترة الانتقالات الشتوية ربما الى الدوري الإيطالي، حيث يبدو يوفنتوس مهتماً بالحصول على خدماته، يمكن أن تكون كأس العالم في قطر نقطة تحول في مسيرته مع منتخب أميركي يبقى فيه اللاعب الأكثر خبرة على أعلى المستويات.
برهالتر: حققنا الهدف
أكد مدرب منتخب الولايات المتحدة الأميركية، جريج برهالتر، عقب الانتصار على إيران 1 - 0 في ثالث وآخر مباريات المجموعة الثانية بمونديال قطر 2022، والذي منحه التأهل لدور الستة عشر، أنه حقق الهدف المحدد منذ البداية وهو «تخطي دور المجموعات»، مشيراً إلى أنه «بدءاً من الآن، كل شيء يمكن حدوثه».وصرح برهالتر بأن «الهدف الأولي كان اجتياز الدور الأول، والآن يمكن أن يحدث أي شيء. ما يتعين علينا القيام به هو الذهاب للمباراة تلو الأخرى، والتركيز على ذلك. الآن لدينا هولندا. من المثير أن تكون في دور الـ 16».
وأضاف برهالتر (49 عاماً)، الذي شارك كلاعب بكأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان: «بالنسبة للاعبين، كل ما هو قادم سيعتبر فرصة لهم، خصوصاً من ناحية الخبرات».
وأوضح أن تغيير مهاجمه كريستيان بوليسيك كان بداعي تعرضه لـ «الإصابة»، التي تعرَّض لها أثناء تسجيله الهدف الأول، وأنه تم نقله للمستشفى كإجراء احترازي.
وحول المباراة، قال: «التركيز في المباراة كان صعباً، لأننا كنا نعلم أن إيران ستستفيد من التعادل. بدأنا بشكل جيد للغاية، وقدَّمنا أداءً مميزاً في الشوط الأول، لكن أكثر ما أشعر بالفخر به هو نهاية المباراة. أنا فخور بما قدمه اللاعبون من قوة واستبسال».
واختير بوليسيك أفضل لاعب في المباراة، لكنه لم يظهر في المؤتمر الصحافي بعد نقله للمستشفى، كما أكد مدربه، لإجراء فحوصات طبية «كإجراء احترازي».
كيروش: الحلم انتهى
ذكر البرتغالي كارلوس كيروش، مدرب منتخب إيران، عقب الخسارة أمام المنتخب الأميركي بهدف نظيف أمس الأول، وتوديع مونديال 2022 بقطر من دور المجموعات، أنهم استحقوا «التعادل»، ولكن «الحلم انتهى».وقال كيروش، خلال المؤتمر الصحافي عقب اللقاء، «بطبيعة الحال، لقد انتهى الحلم. أعتقد أن التعادل كان ليصبح النتيجة الأكثر عدلا، ولكن كرة القدم تعاقب من لا يسجل، ونحن لم نسجل».
وتابع: «المنتخب الأميركي تفوق في الشوط الأول، وكان الأسرع، وصنع العديد من الفرص، وكان بإمكان لاعبيه تسجيل المزيد، أما الشوط الثاني فكان مغايرا: حيث بدأنا في غلق الطريق أمام تحركاتهم، وكان هناك رد فعل رائع من اللاعبين، وأجبرناهم على التراجع للخلف، وصنعنا فرصا أكثر من التي صنعوها في الشوط الأول».
وأضاف: «نهنئ الولايات المتحدة على التأهل، ونتمنى لهم حظا طيبا فيما هو قادم بالبطولة»، واختتم صاحب الـ69 عاما تصريحاته: «فخور جدا بهؤلاء اللاعبين الرائعين، وبشخصيتهم وشجاعتهم، وتفانيهم. الحياة تستمر، وعليهم الآن الحصول على قسط من الراحة، والاستعداد للمباريات القادمة مع أنديتهم، لأن البطولات ستستأنف في غضون أسابيع قليلة».
الحزن يخيّم على طهران
غرقت طهران في صمت مطبق أمس الاول حزناً على خسارة المنتخب الوطني الإيراني في كرة القدم أمام نظيره الأميركي، في هزيمة أقصت الإيرانيين من مونديال قطر وتبخّر معها حلمهم بتكرار إنجاز 1998 حين فاز «تيم ملّي» على منتخب «الشيطان الأكبر».وخلافاً للأجواء الاحتفالية التي شهدتها طهران الجمعة عندما راح الإيرانيون يرقصون حاملين أطفالهم على أكتافهم وهم يلوّحون بالأعلام احتفالاً بفوز منتخبهم على ويلز، فإنّ الصوت الوحيد الذي دوّى في العاصمة مساء امس الاول كان وقع الهزيمة أمام الولايات المتّحدة بهدف وحيد.
ولمنع أيّ تظاهرات مناهضة للسلطات، انتشرت في طهران أعداد كبيرة من عناصر الشرطة، بعضهم بالزيّ العسكري والبعض الآخر بالزيّ المدني، وتركّز وجود هذه العناصر على التقاطعات المرورية الأساسية والشوارع الرئيسية التي جابتها أيضاً دراجات نارية تابعة لوحدات مكافحة الشغب.
وتشهد الجمهورية الإسلامية احتجاجات غير مسبوقة اندلعت في 16 سبتمبر حين توفيت الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما) بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة.
وبالنسبة إلى أصغر محمدي، وهو تاجر يبلغ من العمر 50 عاماً وجاء مع ابنه لمتابعة المباراة، فإنّ ما لفت انتباهه هو الروح الرياضية التي سادت أرض الملعب في وقت تعتبر فيه الجمهورية الإسلامية الولايات المتّحدة عدوّها الأول.
وأضاف محمّدي «لقد قال كثيرون إنّ هذه المباراة ستلوّثها السياسة، لكنّنا لم نرَ سوى سلوك ودّي بين اللاعبين على أرض الملعب. في كلّ مرة سقط فيها لاعب أرضاً كان الخصم يساعده على النهوض».
وتابع «لقد قاتل لاعبونا بكل قوتهم، وبخاصة في الشوط الثاني، وهاجموا مرّات عدّة».