حذّر تقرير إعلامي فرنسي من تحوّل تونس إلى «الفريسة المثالية» التي تبحث عنها روسيا في شمال إفريقيا، بسبب الأزمة الاقتصادية والانسداد السياسي التي تشهده، إضافة إلى «المواقف المناهضة للغرب» التي عبّر عنها مرارا الرئيس التونسي قيس سعيّد، في حين نفى الكاتب الإعلامي التونسي رشيد خشانة «هذا السيناريو»، مؤكدا أن تونس، على عكس بعض الدول الإفريقية، لم تؤيد الحرب الروسية في أوكرانيا، ولم تتخذ خطوات إيجابية تجاه موسكو.

وقالت المجلة الفرنسية «لوبوان»، إن تونس، التي كانت تمثّل في السابق نموذجا للحياة اللطيفة مع تقاليدها السياحية، تشهد منذ 3 سنوات أزمة داخلية متفاقمة، حيث لم يخفِ الرئيس التونسي قيس سعيّد ازدراءه للأنظمة الغربية، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي، الذي يرفض حتى الآن منح تونس حزمة مساعدات.

Ad

وحذّرت من أن الأوقات الصعبة التي تعيشها تونس تجعلها فريسة للشياطين التي تتحكم في الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وذكرت أنه «كلما تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ازدادت الطبيعة الاستبدادية لنظام سعيّد، خاصة أن معظم قادة الأحزاب السياسية المعارضة يقبعون في السجن منذ نهاية فبراير 2023».

وأضافت أن «هذه هي البيئة التي يبحث عنها الكرملين، حيث تبدو تونس وكأنها الفريسة النائمة بالنسبة إلى نظام فلاديمير بوتين، فقد سقطت دول الساحل (مالي وبوركينا فاسو والنيجر) وشرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر في أيدي النفوذ الروسي، فيما يتجه قيس سعيّد للمحور المناهض للغرب، وتقوده بوصلته إلى العاصمة موسكو».

في المقابل، استبعد رئيس التحرير السابق للنشرة المغاربية بقناة الجزيرة والمدير السابق لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، رشيد خشانة، في تصريحات لـ «الجريدة»، أن تكون تونس موطئ قدم لروسيا في منطقة شمال إفريقيا، لكنّه أقر في الوقت ذاته بتفاقم الأزمة بوجهيها السياسي والاقتصادي.

واستدل خشانة على ذلك بأنه ليس هناك وجود عسكري روسي في تونس، وقال: «لسنا كبعض دول إفريقيا جنوب الصحراء، وعلى رأسها مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي تشهد وجودا هيكليا للجيش والمصالح العسكرية الروسية، إذ تعدى الأمر فيها مجرد نشاط بعض الميليشيات المحسوبة على موسكو إلى قواعد عسكرية وأنظمة دفاعية روسية».

وأشار أيضا إلى الحضور الروسي في شرق ليبيا «حيث تتحدث تقارير عن أسلحة ثقيلة روسية، وهو شيء سلبي للغاية وينذر بعودة ليبيا إلى مربع 2014، أي صراع مسلح بين حكومتين متنافستين على السيطرة على ليبيا».

وأضاف: «في تونس نحن بعيدون عن مثل هذا السيناريو، لكننا نعيش حقيقة وجود أزمة حريات سياسية واقتصادية واجتماعية، وانسدادا سياسيا يتميز بتدهور وضع الحريات، ويتجلّى في اعتقال وسجن وملاحقة المعارضين، وفق ما أكدته جل التقارير الدولية المعنية بالحريات».

وتابع: «كما أننا بعيدون على سيناريو الارتماء في أحضان الكرملين، لأن تونس لم تتخذ، في ظل حكم سعيّد، أي مواقف إيجابية تجاه روسيا أو مؤيدة لحربها في أوكرانيا، على غرار ما عبّرت عنه بعض الدول الإفريقية الأخرى».

وحول سبل خروج تونس من أزمتها، شدد خشانة على أنه «هناك سبيلا وحيدا للخروج من هذه الأزمة في تونس، وهو اتخاذ إجراءات ملموسة تعيد الصراع السياسي بين السلطة والمعارضة إلى المربع السلمي».

وتظاهر المئات من المعارضين في تونس العاصمة، أمس، للمطالبة بالإفراج عن صحافيين وناشطين وشخصيات معارضة من السجون، إضافة إلى تحديد موعد لإجراء انتخابات رئاسية نزيهة في مناخ سياسي يتضمن وضع حد للقيود المفروضة على الحريات الصحافية والسياسية.

ويأتي هذا الاحتجاج وسط أزمة اقتصادية وسياسية وموجة من الاعتقالات، حيث اقتحمت الشرطة مساء السبت مبنى عمادة المحامين، وألقت القبض على المحامية سنية الدهماني، المعروفة بانتقادها الشديد للرئاسة، تنفيذا لأمر قضائي، ثم اعتقلت صحافيَين معروفَين لم يتضح حتى الآن سبب اعتقالهما.

وقالت لجنة الانتخابات، في وقت سابق، إن الانتخابات ستُجرى في موعدها وإنها ستعلنه قريبا، لكن حتى الآن لم يتم الإعلان عن أي موعد مع اقتراب انتهاء الولاية الأولى لسعيد، التي تستمر خمس سنوات.

ووصل سعيّد إلى السلطة في انتخابات عام 2019، وبعد ذلك بعامين سيطر على صلاحيات إضافية عندما حلّ البرلمان المنتخب، وانتقل إلى الحكم بمراسيم، وهي خطوة وصفتها المعارضة حينها بالانقلاب.