خطة إسرائيلية ناقصة لإدارة غزة... والجيش ينتقد نتنياهو
الحرب تستعيد سخونة الأيام الأولى وبايدن يعيد الكرة لملعب «حماس» ومصر تنضم لدعوى الإبادة
مع عودة السخونة للعمليات العسكرية في عموم غزة وسط انسداد بالمسار الدبلوماسي الرامي للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس بشأن إبرام اتفاق هدنة وتبادل إطلاق سراح محتجزين، كشفت هيئة البث العبرية العامة (كان)، عن خطة إسرائيلية «مختصرة ومشوهة» لمستقبل غزة، قالت إنها ستطرح قريباً على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتصويت عليها.
ووفقا للهيئة الرسمية، فإن الخطة التي ناقشها مجلس الأمن القومي، أخيرا، تتضمن إدارة مدنية إسرائيلية للقطاع مدة تتراوح بين 6 أشهر وسنة واحدة، اختصارا لمقترح كان يطمح بفرض حكم يمتد 7 سنوات.
وسيكون منسق نشاط الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية مسؤولاًَ عن إدارة القطاع خلال تلك الفترة.
ووفقاً للخطة، المليئة بالثغرات، فإن توفير الخدمات العامة لسكان غزة سيكون من خلال شركات عربية خاصة.
ونقلت الهيئة العبرية عن مصدر مطلع، أن الخطة جاءت «في ظل انتقادات قيادات الجيش للقيادة السياسية لعدم اتخاذها قرارات بشأن غزة ما بعد الحرب» التي يقول نتنياهو إنها تهدف لإنهاء حكم «حماس» والقضاء عليها. ووفقا لتفاصيل الخطة التي يجري العمل على صياغتها بشكل نهائي من جانب عدة أجهزة مدنية وعسكرية، فإن السيطرة على القطاع ستنتقل في نهاية المطاف إلى «جهات محلية غير معادية» رغم إشارة البعض إلى شبه استحالة إيجاد تلك الجهات في ظل الرفض المتنامي بالضفة الغربية واستمرار التهديد العسكري للفصائل بالقطاع.
وفي ظل ارتفاع معدل التوتر بين الحكومة والجيش على خلفية استمرار الحرب والفشل في حسمها، خصوصا بعد عودة «حماس» لتنظيم صفوفها بعدة مناطق في شمال القطاع ووسطه، أفيد بأن المسؤول عن السياسة الأمنية والتخطيط الاستراتيجي في قيادة الأمن القومي، يورام حيمو، استقال من منصبه.
وذكرت الهيئة أن الاستقالة جاءت على خلفية الفشل في اتخاذ قرارات على المستوى السياسي بشأن قضية «اليوم التالي»، وتوصيات رفعها حيمو في إطار مسؤوليته عنها.
ونقل موقع والاه العبري عن مصادر، أن الجيش يتهم حكومة نتنياهو بعدم استغلال الإنجازات الميدانية لتحقيق إنجازات سياسية وبتكبيد الجيش أثماناً باهظة خلال الأيام الماضية بعد خسارته 5 جنود في تجدد المعارك بمخيم جباليا وحي الزيتون بمدينة غزة.
وجاءت تلك التطورات غداة إعلان الإمارات رفضها واستنكارها لدعوة نتنياهو لها للمشاركة في إدارة إقليمية للقطاع بإشراف إسرائيلي، وفي ظل رفضه لفكرة إعادة السلطة الفلسطينية التي تتخذ من رام الله بالضفة الغربية المحتلة مقرا لها لإدارة غزة.الجيش الإسرائيلي يعلن جرح نائب مراقب المنظومة الدفاعية بمعركة الزيتون وهو المصاب الأرفع رتبة في صفوفه حتى الآن
عودة الحرب
ميدانياً، أشارت تقارير إلى أن هجمات الجيش الإسرائيلي في غزة الليلة الماضية كانت تشبه الأيام الأولى للحرب، حيث شملت بيت لاهيا وجباليا وحي الزيتون والنصيرات وأحياء شرق رفح المتاخمة للحدود المصرية.
وتسبب القصف الإسرائيلي في وقوع 63 قتيلا خلال 24 ساعة، في حين أكدت «أونروا» أن «الادعاء بوجود مناطق آمنة في قطاع غزة كاذب ومضلل».
وأقر الجيش الإسرائيلي بإصابة نائب مراقب المنظومة الدفاعية، العميد بار شيشت، بجراح متوسطة في معركة الزيتون، وهو المصاب الأرفع رتبة في صفوفه حتى الآن.
وزعم الجيش أنه نجح في اعتراض 3 صواريخ اطلقت من منطقة رفح باتجاه منطقة كرم أبو سالم، في حين ذكرت تقارير أن صاروخا أطلق من شمال القطاع ضمن عدة رشقات تسبب في أضرار جسيمة لحقت بشقّة في عسقلان، وأصيب 3 أشخاص بجروح طفيفة.
بايدن وكاميرون
على الصعيد الدولي، جدد الرئيس الأميركي جو بايدن وضع كرة وقف القتال في ملعب «حماس»، مؤكدا أنه سيكون هناك «وقف لإطلاق النار غداً» إذا أطلقت الحركة سراح الرهائن المحتجزين في غزة.
في موازاة ذلك، رأى وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أنه يعارض عملية كبيرة «ستكون خطيرة للغاية» في رفح المكتظة بأكثر من مليون نازح قرب الحدود المصرية، لكنه اعتبر أن تصريح بايدن بإمكانية عرقلة تسليح إسرائيل لوقف الهجوم ليس من الحكمة، لأنه عملياً سيقوي «حماس»، ويقلل من فرصة التوصل إلى «صفقة رهائن».
تحرك وتهديد
وفي القاهرة، أعلن مصدر مصري رفيع المستوى، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي وجه «خلية أزمة» بتكثيف الإجراءات اللازمة لمنع مزيد من التصعيد في غزة، في حين أفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية باعتزام أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان الانضمام إلى الدعوة التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات التي ترتكبها سلطات الاحتلال.
وتلقى الرئيس المصري اتصالا هاتفياً من السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تضمن استعراض مستجدات الأوضاع في القطاع على كل الصعد، بما في ذلك الجهود المصرية المكثفة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، واتفاق للهدنة في القطاع، وما تتطلبه الظروف الراهنة من تضافر جميع الجهود الدولية لإنجاح مساعي الوساطة الحالية.
وأوضح المتحدث الرسمي لرئاسة مصر، المستشار أحمد فهمي، أن الاتصال تضمن التحذير من العواقب الإنسانية الهائلة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، التي تمثل عائقاً خطيراً أمام انتظام عمليات خروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج، ودخول المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تحول دون انتشار خطر المجاعة والأوبئة.
وجاءت التحركات المصرية في وقت ذكرت صحيفة معاريف العبرية أن مصر هددت إسرائيل بشكل صريح بإنهاء اتفاقيات كامب ديفيد للسلام، إذا لم تنسحب من منطقة رفح المتاخمة لحدود سيناء، ورفضها التنسيق معها لإدارة معبر رفح المغلق لليوم السادس على التوالي بعد احتلاله من جانب الجيش الإسرائيلي.
مانحو الكويت
وفي تصريحات منفصلة، قال غوتيريش في كلمة مسجّلة، بُثّت خلال مؤتمر دولي للمانحين في الكويت: «إنني أكرر دعوتي، دعوة العالم، إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وزيادة فورية في المساعدات الإنسانية».
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة: «لكن وقف إطلاق النار لن يكون سوى البداية. فطريق العودة من الدمار والصدمة التي خلفتها هذه الحرب سيكون طويلاً. وسيحتاج سكان غزة إلى شراكات أقوى وأعمق للحصول على المساعدة الإنسانية والتنمية على المدى الطويل، للوقوف على أقدامهم مجدداً وإعادة بناء حياتهم».