ليس هناك خلاف على عدم دستورية الأمر الأميري المتعلق بحل مجلس الأمة، ولكن ليس هناك خلاف أيضاً وليس من المفروض أن يكون على ضرورته واستحقاقه.

وإنه أمر كان لابد منه، لأن السبل والوسائل الدستورية وحتى الدبلوماسية أخفقت في احتواء أو حتى التهوين من عبث النواب وانحرافاتهم، كما أن الأمور خرجت منذ زمن عن ضوابطها، والأوضاع لم تعد تتحمل تخبط أعضاء مجلس الأمة وحماقاتهم أكثر مما تحملت.

إن الحل غير الدستوري لمجلس الأمة وتعليق المادة 107 كان مستحقاً منذ زمن، منذ أن تصدت مجاميع التخلف لإصلاحات المرحوم الشيخ صباح الأحمد.

والمؤسف أن السلطة تأخرت كثيراً في اتخاذه، وقد دفعت الكويت ثمناً باهظاً جراء ذلك، فتكلفة التأخير كانت تعطل تنويع الدخل الذي تمثل في مشروع «الداوكيميكال»، وتأخير استعادة الكويت لدورها الريادي كمركز مالي، وأخيراً، وبالتأكيد ليس آخراً، تعطيل مشروع تطوير الجزر وخطة كويت 2035، بل إن حماقات النواب مضت بعيداً إلى حد التطاول على أصول الحكم وقواعده، والعبث بمبادئ النظام الديموقراطي الذي يتشدقون بالحفاظ عليه، فضلاًعن أن مجلس الأمة بتزمت أعضائه خنق البلد اجتماعياً وحضارياً خلال العقود الأربعة أو حتى الخمسة الماضية.

Ad

نشكر صاحب السمو أمير البلاد على مبادرته الطيبة، ونأمل أن تقتصر أنامل الجراح اللبيب على تشذيب وتنقية مجلس الأمة أعضاءَ وناخبين ونتائج أيضاً، وألا يدفع ثمن أخطائهم مجمل الشعب الكويتي، وبالذات من آمنوا بأن النظام الديموقراطي والحكم الدستوري هو الخيار الأمثل لهذا البلد، كما نترجى ألا تدفع الحريات والكرامات الإنسانية وحرية التفكير ثمن عبث المتخلفين والمعادين للمساواة الذين تسببوا وليس أحداً غيرهم في الحجر على هذه الحريات وفي التفنن في سن القوانين المقيدة لها.

نتمنى أن تكون أهداف الحل هي استعادة أدوار الكويت الحضارية، والعودة بها إلى إشراقات الستينيات وأنوار السبعينيات من القرن الماضي.

وهذا يعني إن شاء الله - إن خلصت النية - إلغاء كل الإجراءات والقرارات والقوانين المقيدة للحريات، ورفع القيود والأغلال عن الانفتاح الاجتماعي والتمدن العصري، وتطهير البلد من كل آثار ولطخات السوء التي خيّمت على البلد بفعل تسيّد الفكر والنهج المتخلف.