في الصميم: من باع أصله باع بلده
سمو الأمير أنقذ الكويت من خطر داخلي مُحدق، بعد أن تمادى البعض واعتقد أنه فوق القانون. خطاب سمو الأمير كان واضحاً فيه إصراره على محاربة الفساد والتزوير والمزدوجين.
وقد تكشَّفت منذ سنوات، لكن على استحياء أو عند حدوث مشكلة ما، عمليات بيع وشراء لأسماء وأصول عوائل وقبائل وفخوذها مقابل مبالغ مجزية لأشخاص تخلَّوا عن أسمائهم وأصولهم من أجل إضافتهم بأسمائهم وألقابهم الجديدة المزورة، زوراً وبهتاناً في ملفات الكويتيين البائعين لأصولهم.
فكان لمن فازوا بأسمائهم الجديدة ما أرادوا، فقد استفادوا بأن حصلوا على كل مميزات المواطنة، ومن بعدهم أبناؤهم وأحفادهم من دون وجه حق. أما مَنْ باعوا أصولهم لكل مَنْ هب ودب، طمعاً وجشعاً، فهم عملياً وحقيقة قد باعوا بلدهم، وفرَّطوا في أمنه واستقراره، وكبَّدوا ميزانيته مئات الملايين سنوياً، إن لم تكن أكثر، وفرضوا على المواطنين مَنْ ينافسهم في سكنهم ورزقهم.
الآن، وبعد أن بدأت الحكومة فرز بعض الملفات، وتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن المزورين، فقد تزايدت أعداد مَنْ كُشف تزويرهم، وبدأت تتسرَّب إلى العلن أسماء المزورين، بائعين ومشترين، وهناك المزيد من المعلومات الخطيرة عن عمليات التزوير المُحرَّمة ديناً وقانوناً، بعضها انكشف بالإبلاغ من قِبل مواطنين صالحين، وبعضها كشفتها بلاغات من ورثة الميت بائع أصله ونسبه فور بدء توزيع إرثه عليهم، وطبعاً هم لن يقبلوا أن يتقاسم معهم فيه الأغراب، وهناك المزيد الذي يجب كشفه.
يبدو أن أعداد تزوير الأسماء أصبحت ظاهرة متفشية، وأعداد المزورين يُقدَّرون بعشرات الآلاف، إن لم تكن أكثر، وهناك همس بأن بعض مَنْ اشتروا أصول وأسماء غيرهم أصبحوا أعضاء في مجلس الأمة، وصاروا يشرِّعون للشعب الكويتي، بعد أن سمّوا بأسماء عوائل وقبائل اشتروها واشتهروا بها.
التزوير في الهوية مقابل المال أصبح ظاهرة منتشرة، وتفاقمها يهدد الأمن والاستقرار للبلد، وحتى للعوائل والقبائل التي رضيت ببيع أسمائها وأصولها، لأنها مع الزمن ستطفو على السطح مشاكل الإرث والنسب، فبائع أصله لن يتوانى عن بيع بلده وشرفه. أما مَنْ تخلَّى عن اسمه وأصله، فلن يهمه من أمر الكويت أي شيء غير مصلحته، فهو ليس إلا عابر سبيل.
الواضح البيِّن أن وقوف بعض الجهات والأفراد ضد التوجه الذي أمر به صاحب السمو أمير البلاد، وتهديدهم لوزير الداخلية المكلف الشيخ فهد اليوسف، والمعارضة الشرسة المثيرة للشك ضد توجيهات سمو الأمير تدل على أن المتضررين من كشف تلك الملفات إلى جانب ملفات المزدوجين كُثُر.
الآن الكرة في ملعب الحكومة لتنفيذ الرغبة الأميرية، فلا مكان في الكويت لحيتان الفساد، ولا للفاسدين والمُفسدين، والراشين والمُرتشين «القبيضة». سمو الأمير أزاح عن كاهل الكويت أحد معوقات التنمية والإصلاح وليس كلها، بعد أن أصبح مجلس الأمة معرقلاً لهما.
الآن الكل ينتظر تعديل المسار باسترجاع ما نُهب، وإصلاح ما فسد، وكشف مَنْ زوَّر، ومحاسبة كل مَنْ أضر بأمن الكويت واقتصادها.