العراق: لا توافق سُنياً قبل جلسة لانتخاب رئيس للبرلمان
حزب الحلبوسي يرفض مهلة «الإطار التنسيقي» ويحذر من تهميش 75% من المكوّن السني
ومع استمرار غياب التوافق السني يجد «الإطار» نفسه في معضلة، في وقت يتوقع البعض أن تؤجل جلسة الانتخاب.
يشهد البيت السياسي السنّي في العراق تنافساً حاداً على خلافة محمّد الحلبوسي، الذي ألغيت عضويته من مجلس النواب بحكم قضائي، قبل 6 أشهر، فيما يصر حزبه «تقدم» على الاحتفاظ بالمنصب، باعتبار أنه يمتلك الأغلبية البرلمانية ضمن المكوّن السني (43 مقعداً)، في وقت يرى خصومه من «السيادة، والعزم، والحسم» أن المنصب من حصة المكوّن دون التقيد بعنوان سياسي مُعيّن.
ويسعى البيت السنّي لحسم منصب رئيس مجلس النواب سريعاً الذي كان يفترض أن يتم بعد أول جلسة للبرلمان التي تلت خروج الحلبوسي، لتكون هناك آلية عمل جديدة للمجلس وحسم المشاريع والقوانين المعطلة في هذا الخصوص، «لكنّ الأحداث المتسارعة ودخول المحكمة الاتحادية على الخط عطل الاختيار».
رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي رشح طلال الزوبعي لمنصب رئيس المجلس فيما يتمسك تحالف سنّي ثلاثي بترشيح العيساوي
وأخفق مجلس النواب العراقي لمرات عدة، في اختيار رئيس له، خلفاً للحلبوسي، المستبعد من المنصب بقرار من المحكمة الاتحادية الذي قضى بإنهاء عضويته.
وآخر القرارات كانت من قبل الإطار التنسيقي «الشيعي»، حيث منح الكتل السنية مهلة أسبوع واحد لحسم منصب رئيس للبرلمان، وأشار إلى عزمه عقد جلسة تخصص لاختيار رئيس للبرلمان بعد انتهاء الأسبوع الذي بقي منه يوم واحد.
ولم تظهر حتى أمس أي ملامح لدى كتل المكون السنّي لحسم أمر مرشحها لمنصب رئيس البرلمان، فيما يشتد الخلاف بينها، خصوصا بعد أن رشح الحلبوسي طلال الزوبعي لخلافته في رئاسة مجلس النواب، وتشبّث به ووصفه بالشخصية غير الجدلية التي يمكن تمريرها من خلال بقية الكتل.
في المقابل، رشّح كل من تحالف السيادة الذي يرأسه خميس الخنجر، و»العزم» الذي يرأسه مثنى السامرائي، و»الحسم الوطني» برئاسة ثابت العباسي، عبر كتاب بعثوه للإطار التنسيقي، النائب سالم العيساوي لمنصب رئيس البرلمان، داعين إلى الإسراع بتحديد جلسة مجلس النواب العراقي القادمة، لانتخابه.
القيادي في حزب «تقدم»، محمد العلوي، قال في حديث لـ «الجريدة»، إن «إعطاء مهلة أسبوع من قبل الإطار التنسيقي للقوى السياسية السنيّة غير صحيح»، معتبراً أن «هذه الصيغة تعني أن هناك توجيها من جهة عليا الى جهة أدنى، وهذا الأمر مرفوض، لكون هكذا قضايا تتم عبر الاتفاقات السياسية».
وبيّن أن «تعديل النظام الداخلي للبرلمان لغرض إعادة فتح باب الترشح مجددا لمنصب رئيس مجلس النواب هو مطلب حزب تقدم، ولا تنازل عن هذا الأمر، ويجب ان يكون هناك اتفاق سياسي حول هذا الأمر، ولا نتوقع أن هناك إمكانية لحصول هكذا اتفاق».
وأضاف أنه «لا يمكن تهميش نحو 75 بالمئة من المكون السنّي المتمثل بالتمثيل النيابي لحزب تقدم في البرلمان العراقي، كما لا يمكن تمرير سالم العيساوي، وحتى قوى الإطار التنسيقي لا يمكن دعم مرشح وفق الأغلبية دون إرضاء حزب تقدم».
عائد الهلالي: الإطار التنسيقي وضع نفسه في مأزق بإعطائه مهلة للقوى السنية فيما هو عاجز عن التوافق على مرشح لرئاسة البرلمان
وختم القيادي في حزب تقدم بقوله «لدينا تحالفات مع عمار الحكيم وهادي العامري، وتفاهمات مع قيس الخزعلي، وعلاقات متينة مع نوري المالكي»، مشدداً على أن «الموضوع ليس بفوضى، ولهذا لا يمكن تمرير أي شيء من دون قبول تقدم».
من جانبه، رجّح النائب عن تحالف عزم أحمد الجبوري، في حديث لـ «الجريدة»، أن «يوم غد (اليوم الاثنين) ستعقد جلسة انتخاب رئيس البرلمان لانتخاب سالم العيساوي»، واصفاً مهلة الإطار التنسيقي، بـ «القرار الواضح والحازم عندما أكدت ضرورة انتخاب رئيس جديد للبرلمان».
في غضون ذلك، أكد القيادي في تحالف الأنبار الموحد، ضاري الدليمي، أن «حزب تقدم أصبح خارج حسابات منصب رئاسة البرلمان»، مبينا أن «القوى السنية ماضية باختيار رئيس جديد للبرلمان، بعيدا عن حزب الحلبوسي».
ويرى بعض النواب أن الأمر ليس مرهونا بالسنّة فحسب، بل بالمكون الشيعي الذي أخطأ في التعاطي مع هذه المسألة. وهذا ما شخّصه النائب عن الإطار التنسيقي، محمد الصيهود، بخطأ للإطار بشأن رئاسة مجلس النواب التي يتصارع عليها عدد من الكتل السنية. وقال الصيهود في حديث لـ «الجريدة»، إنه «كان يجب على الإطار حسم ملف رئاسة البرلمان باعتباره الكتلة الأكبر، من خلال تحديد موعد عقد جلسة اختيار الرئيس الجديد، بدلا من الانتظار الذي فرضه السنّة». ورأى أنه «لو اتجه الإطار الى تحديد الجلسة منذ البداية لكان هذا المنصب قد حُسم من فترة طويلة بدلا من كل هذا الانتظار».
من ناحيته، توقع السياسي العراقي المستقل عائد الهلالي أن تعقد جلسة الانتخاب غدا الثلاثاء، مضيفاً أن «الإطار التنسيقي وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه باتخاذه قرار إعطاء المهلة للكتل السنية»، واردف: «الخلافات داخل المكونات الثلاثة (الشيعية والسنية والكردية) في أوج مراحلها الآن، وأعتقد أن الإطار هو الآخر ليس خارج هذه المعادلة فلم تستطع مكونات الإطار ومنذ فترة أن تتفق حول شخصية الرئيس الجديد للبرلمان».
ولفت الهلالي الى أن «القيادات الإطارية الكلاسيكية قادرة على إخضاع الكتل السياسية الأخرى، والتي دخلت حديثا داخل المكون السياسي الشيعي، وبالتالي الذي لا يستطيع أن يوحد كلمته لدفع أو لدعم شخصية من المكون السني بكل تأكيد لا يستطيع أن يجمع القوى السنية على توحيد كلمتها، فقد شهدنا أن حالة الانقسامات داخل البيت السني لربما قد تمت تغذيتها من قبل قيادات إطارية».