في مواجهة ضغوط دولية وإقليمية متصاعدة لمنعها من تصعيد وتوسيع حملتها العسكرية المتواصلة بالقطاع الفلسطيني منذ 220 يوما، خصوصا برفح المتاخمة لسيناء المصرية، وفي ظل فشل جهود التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع «حماس»، أطلق قادة إسرائيل جملة من التصريحات التي تؤكد على التمسك بمواصلة الحرب على اختلاف مستوياتهم السياسية والعسكرية وتوجهاتهم.

وصرح رئيس الائتلاف اليميني الحاكم، بنيامين نتنياهو، بالقول إن حكومته مصممة على الانتصار المطلق «وستضرب بكل قوة، ولن تدخر جهدا لإعادة المحتجزين في غزة».

Ad

وغداة تقارير عن خلافات حادة بين قادة الأجهزة الأمنية والحكومة بشأن الخطط المستقبلية لإدارة القطاع، وتسببها في تآكل المكاسب الميدانية التي يحققها الجيش، أضاف نتنياهو: «يجب القضاء على حماس أولاً وقبل الحديث عن اليوم التالي من الحرب. لا يمكن السماح لسكان غزة بإدارتها طالما أن الحركة متواجدة بها».

وشدد على أن إسرائيل «تواجه تحديات لم يواجهها أي جيش حديث، ويجب أن تدافع عن نفسها وألا تطلب ذلك من الأميركيين أو غيرهم».

وتابع: «نأمل أن تكون إدارة القطاع من قبل السكان المحليين، غير المنتمين لـ «حماس» إلى جانب المسؤولين في دول المنطقة».

ورأى رئيس الوزراء أن الحرب التي دمرت القطاع، وتسببت في أزمة إنسانية غير مسبوقة «يمكن أن تنتهي غداً، إذا ألقت حماس السلاح واستسلمت، وأطلقت سراح المحتجزين»، مضيفاً أن «فكرة النفي قائمة، يمكننا البحث فيها دوماً، ولكن الأمر المهم باعتقادي هو الاستسلام».

وأشار إلى أن حكومته ستعيد إعمار مستوطنات غلاف غزة الحالية، كما سيبنون مستوطنات إضافية، وشدد بقوله «لن نسمح بتكرار ما حدث في 7 أكتوبر»، في إشارة إلى هجوم «حماس» الذي أطلق شرارة الحرب الحالية.

في موازاة ذلك، قال الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، إنهم سيعيدون المختطفين من غزة «سواء أكانوا أحياء أم أمواتا ومهما كان الثمن»، مشددا على أن «الشعب اليهودي يحلم دائما بالسلام، ولكن طالما ظلت إسرائيل تحت الهجوم لن نلقي سيوفنا».

في غضون ذلك، أكد وزير الدفاع، يوآف غالانت، أن نتيجة الحرب القائمة حالياً في غزة ستحدد حياة الإسرائيليين خلال العقود المقبلة.

ووسط دعوات من المعارضة وأهالي المختطفين للقبول بصفقة مع «حماس» حتى إن كان الثمن وقف إطلاق النار، اعتبر غالانت أن بلده يخوض الحرب دفاعا عن وجوده، وأنه «لا بديل لها». وذكر وزير الدفاع أن «الحرب ستستمر حتى نعيد رهائننا، ونسحق حكم حماس وقدراتها العسكرية، ونعيد دولة إسرائيل إلى ازدهارها وإبداعها، ونعيد البسمة إلى وجوه المواطنين».

وأفاد بأن «إسرائيل فقدت خلال عام أكثر من 1500 من أبنائنا بينهم 716 جنديا».

وأوضح غالانت أن أحد أهداف الحملة العسكرية الإسرائيلية تمكين ما يقرب من 250 ألف مواطن إسرائيلي ممن اضطروا إلى ترك ديارهم بالقرب من غزة ولبنان، بسبب القتال مع «حزب الله»، من العودة.

ونقل عن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، قوله إنه أطلع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، على أحدث المستجدات بشأن «العملية المحددة» في رفح والسيطرة على معبرها الحدودي مع مصر، إذ تخشى إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن من توسيع الحملة بالمنطقة الحدودية المكتظة بالنازحين والمدنيين.

وذكر المكتب، أن غالانت وبلينكن ناقشا ليل الأحد ـ الاثنين «التطورات في غزة، والعملية المحددة برفح ضد ما تبقى من كتائب حماس وفي الوقت نفسه تأمين المعبر».

توتر مصر

على الجهة المقابلة، حذر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، نظيره الأميركي من أن مواصلة العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة خصوصا في رفح ينطوي على «مخاطر أمنية جسيمة».

وأكد شكري خلال اتصال هاتفي مع بلينكن حتمية استئناف توصيل المساعدات إلى غزة بعد أن ناقشا سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.

وتزامن ذلك مع كشف تقارير عبرية نقلاً عن أوساط مطلعة أن مسؤولين عسكريين مصريين ألغوا فجأة اجتماعات مقررة مع مسؤولين عسكريين إسرائيليين.

وأشار الموقع إلى أنّ إلغاء الاجتماع الحساس يأتي على خلفية تنامي المخاوف المصرية بشأن العمليات العسكرية الإسرائيلية على طول الحدود، وسيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وهو ما تعتبره القاهرة، تهديداً لمعاهدة السلام القائمة منذ فترة طويلة بين الطرفين.

ورأت الأوساط الإسرائيلية أنّ الإلغاء المفاجئ يشير إلى تفاقم الأزمة بين الطرفين على خلفية الزلزال الذي أحدثته القاهرة، حين أعلنت أمس الأول، دعمها للدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد تل أبيب في محكمة العدل الدولية، بدعوى الإبادة الجماعية، رداً على التصعيد العسكري بشرق رفح، واستمرار إغلاق معبر رفح أمام ادخال المساعدات والإغاثة لسكان القطاع لليوم السادس على التوالي.

وأكدت المصادر أن الإلغاء المفاجئ يشير إلى تفاقم الأزمة الدبلوماسية بين الجانبين، فيما اشتكت دوائر دبلوماسية إسرائيلية مما وصفته بـ «طعنة خيانة» بعد تعاون إسرائيل ودعمها السابق للقاهرة خلال حربها على الإرهاب في شمال سيناء وسماحها للجيش المصري بنشر تعزيزات وأسلحة ثقيلة بشمال سيناء، خلافاً للمنصوص عليه بمعاهدة «كامب ديفيد».

ميدانياً

ميدانياً، واصل الجيش الإسرائيلي قصفه مختلف مناطق القطاع الفلسطيني مع تكثيف العمليات العسكرية في شمال المنطقة المعزولة والمحاصرة وفي شرق رفح بالجنوب. وأسفرت العمليات والمواجهات عن سقوط 56 قتيلا وعشرات الجرحى، فيما أقر الجيش الإسرائيلي بجرح 19 من عناصره في المعارك بعموم غزة غداة تسجيله لإصابة 50 من جنوده بأكبر حصيلة يومية.

وفي أول استهداف منذ احتلال القوات الإسرائيلية للنقطة الحدودية، أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ»حماس»، أنها تمكنت، بالتعاون مع «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ»الجهاد»، من قصف القوات الإسرائيلية المتمركزة في الجانب الفلسطيني من معبر رفح بقذائف الهاون الثقيلة.

وتسببت العملية الإسرائيلية في مخيم جباليا بمقتل 20، فيما أفرجت سلطات الاحتلال عن 76 أسيرا اعتقلتهم خلال التوغل البري بالقطاع.

وجاء ذلك في وقت حذرت وزارة الصحة من انهيار المنظومة الصحية بسبب نقص الوقود في القطاعات الطبية العاملة بغزة، بينما حذرت الـ «أونروا» من «مستوى جديد من اليأس في غزة يتكشف أمام أنظار العالم».

نووي غراهام

إلى ذلك، أثار السيناتور الأميركي، ليندسي غراهام، المقرب من الرئيس السابق دونالد ترامب، ردود فعل غاضبة عقب دعوته ضمناً إلى ضرب غزة بقنبلة نووية على غرار ما فعلته الولايات المتحدة في هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين.

في المقابل، دعا حزب العمال البريطاني، المعارض، حكومة المملكة المتحدة إلى تعليق بيع الأسلحة الهجومية لإسرائيل لمنعها من شن اجتياح شامل لرفح، معلنا تأييده لخطوة الرئيس الأميركي الديمقراطي بهذا الشأن.