إسرائيل تحشد لاجتياح رفح... وواشنطن تشكك في الحسم

القاهرة تدرس تخفيض علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب... والدوحة تبقي مكتب «حماس» مادامت الحرب مستمرة

نشر في 14-05-2024 | 17:28
آخر تحديث 14-05-2024 | 19:57
كثف الجيش الإسرائيلي هجومه في شمال وجنوب غزة، ودفع بدبابات لأحياء شرق رفح، بالتزامن مع حديث أميركي عن قيام الدولة العبرية بحشد قوات ضخمة على تخوم المدينة الحدودية، تمهيداً لاجتياح شمال المنطقة المتاخمة لسيناء المصرية، في حين أكدت قطر استمرار بقاء مكتب «حماس» في الدوحة، ولعب دور الوساطة بينها وبين إسرائيل.

عشية إحياء الشعب الفلسطيني «ذكرى النكبة»، التي حلت بهم جراء إعلان قيام دولة إسرائيل، وما لحق بهم من مآس وتهجير عام 1948، شن الجيش الإسرائيلي هجمات مكثفة في شمال وجنوب غزة، أمس، وخاصة في منطقة رفح، حيث تحركت دباباته في طريق صلاح الدين المركزي الذي يفصل شرق المدينة عن وسطها وغربها، قرب المناطق المأهولة، وكثف الجيش القصف الجوي والبري للمناطق الشرقية في رفح، مما تسبب في مقتل 13 بغارة جوية على منزل بحي البرازيل.

وخاضت عناصر «حماس» و«الجهاد» اشتباكات عنيفة على محاور القتال التي وسعها الجيش الإسرائيلي في مخيمي جباليا والنصيرات، شمال ووسط القطاع، وفي حي السلام وشارع جورج بشرق ووسط رفح، التي تتحول مناطقها الشرقية إلى مدن أشباح. وقدرت الأمم المتحدة زيادة عدد النازحين من المدينة الحدودية إلى نحو 450 ألفا، حيث لا يعرف النازحون إلى أين يذهبون، بعدما استحالت معظم مناطق القطاع ركاماً جراء الحرب الأطول في تاريخ الصراع.

الأردن يدين رفع أعلام إسرائيلية في «الأقصى» وتركيا تنضم لدعوى «الإبادة» وجلسة للمحكمة الدولية اليوم

وجاء ذلك في وقت حذر برنامج الغذاء العالمي من أن الفلسطينيين في شمال القطاع يعانون من «مجاعة شاملة» تنتقل إلى المناطق الجنوبية بعد احتلال وإغلاق معبر رفح البري أمام إدخال المساعدات منذ 8 أيام، بينما أيد يتسحاق جولدكنويف، وزير الإسكان الإسرائيلي رئيس حزب يهدوت هتوراة، من الحريدية المتشددة، في رسالة فيديو مسيرة «يوم الاستقلال» المطالبة بتجديد الاستيطان اليهودي بغزة.

نذر وتشكيك

ومع بروز نذر بدء الاجتياح الشامل لرفح، التي اكتظت بنحو 1.4 مليون نازح منذ بدء الهجوم البري على القطاع في 27 أكتوبر الماضي، حذر مسؤولون أميركيون من أن إسرائيل حشدت بالفعل ما يكفي من القوات على أطراف المدينة لشن غزو بري واسع النطاق.

ونقلت شبكة «سي إن إن»، عن مسؤولين كبار في إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن، أن تل أبيب لم تجر الاستعدادات المناسبة لإجلاء وحماية المدنيين في المدينة، ولم تقترب من القيام بالاستعدادات الكافية لذلك.

وبحسب التقرير، فإن المسؤولين الأميركيين غير متأكدين مما إذا كانت إسرائيل قد اتخذت قراراً نهائياً بتنفيذ الهجوم البري الواسع. لكن كيرت كامبل، نائب وزير الخارجية الأميركي، أشار، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، إلى أن إدارة بايدن لا ترى أن إسرائيل ستحقق «نصراً كاملاً أو كاسحاً» في هزيمة «حماس» بالقطاع.

وجاءت تعليقات كامبل، التي وصفت بأنها الأكثر وضوحاً حتى الآن لمسؤول أميركي كبير يعترف فعلياً بأن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الحالية لن تحقق النتيجة التي تهدف إليها، وسط توتر العلاقات خلال الأسابيع الأخيرة، بعد تهديد الرئيس الأميركي بتعليق شحنات الأسلحة الهجومية لوقف التوغل الشامل المحتمل في رفح.

وأمس، بعث بايدن رسالة إلى نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، بمناسبة ذكرى قيام الدولة اليهودية، مؤكداً فيها أن الولايات المتحدة «فخورة بعلاقتها الدائمة مع إسرائيل»، بينما نفت مصادر في إدارته حجب معلومات استخباراتية تخص مواقع قادة «حماس» عن إسرائيل، بهدف الضغط عليها للتراجع عن شن الهجوم الشامل.

وفي وقت تعارض حكومة بنيامين نتنياهو مساعي بايدن لإعادة السلطة الفلسطينية إلى إدارة غزة، أفيد بأن الأخيرة ترهن مناقشة الأمر بأن تضغط واشنطن على تل أبيب، لكي تفرج عن الأموال التي اقتطعتها من أرصدة الضرائب التي تجمعها بالنيابة عنها في الأراضي المحتلة بالضفة الغربية.

توتر وقلق

ومع تدحرج الوضع باتجاه التصعيد العسكري، وما يحمله من مخاطر نقل الاضطرابات إلى دول الجوار، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مسؤولين مصريين قولهم إن القاهرة تدرس خفض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع الدولة العبرية وسحب سفيرها من تل أبيب.

ونقلت عن مسؤول آخر قوله: «طالما بقيت القوات الإسرائيلية في معبر رفح فإن مصر لن ترسل شاحنة واحدة إلى رفح».

في غضون ذلك، أكد رئيس الوزراء القطري محمد عبدالرحمن أن العملية الإسرائيلية في رفح أعادت مفاوضات الهدنة غير المباشرة بين «حماس» و«إسرائيل» إلى الوراء، لكنه أوضح أن بلاده مستمرة ولم توقف دور الوساطة بين طرفي الحرب رغم التحديات.

وأشار عبدالرحمن إلى أن محادثات وقف إطلاق النار وصلت إلى طريق مسدود، لافتا في ذات الوقت إلى إمكانية التوصل لهدنة خلال أيام «رغم عدم وضوح إسرائيل بشأن كيفية إنهاء الحرب».

وبعد تقارير عن تحرك قطري للضغط على الحركة الفلسطينية لدفعها باتجاه قبول اتفاق الهدنة الذي طرح من قبل القاهرة وبتنسيق مع واشنطن، أكد عبدالرحمن أن مكتب «حماس» في الدوحة سيظل مفتوحا طالما استمرت الحرب، وهناك حاجة للتواصل مع الحركة، وشدد على أنه بدون خطة إنقاذ للقطاع بعد الحرب فإن التطرف سيكون مصدر قلق.

انضمام

في هذه الأثناء، صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بأن أنقرة قدمت طلبا للانضمام إلى جنوب إفريقيا في قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بينما أعلنت الأخيرة أنها ستعقد جلسات استماع (اليوم وغدا) لبحث الطلب الجديد الذي تقدمت به بريتوريا، الجمعة الماضي، لإصدار أمر عاجل يقضي باتخاذ تدابير إضافية لحماية الفلسطينيين في غزة، في أعقاب بدء الهجوم البري الإسرائيلي برفح، جنوبي القطاع المحاصر.

وأكد فيدان أن «إسرائيل تتعرض لعزلة متزايدة من قبل المجتمع الدولي»، داعيا العالم إلى «الاعتراف بدولة فلسطين ومنحها حقوق الإنسان الأساسية».

ضحايا وإدانة

على صعيد قريب، أعلن نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق أن أحد أفراد أجهزة الأمن التابعة للأمم المتحدة قتل في هجوم استهدف سيارته في مدينة رفح، أمس الأول، موضحاً أنه أول موظف دولي للأمم المتحدة في غزة يقتل منذ اندلاع الحرب.

من جهة ثانية، ذكرت منظمة الصحة العالمية، أنه «ليس هناك خطأ» في إحصاء الضحايا الذي تعلنه السلطات الصحية التابعة لـ«حماس» بغزة، بينما ارتفعت أعداد القتلى جراء الحرب الإسرائيلية إلى 35 ألفاً و173 ضحية بينهم 82 قتلوا أمس.

ووسط توتر متصاعد واشتباكات بعدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة، دخل إسرائيليون المسجد الأقصى والحرم القدسي، ورفعوا العلم الإسرائيلي داخل ساحاته، أمس، احتفالا بـ«عيد الاستقلال»، الأمر الذي أدانه الأردن، الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية المحتلة.

back to top