من بعد الخطاب التاريخي لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح يوم الجمعة الماضي، والذي ذهب به الى تعليق بعض مواد الدستور من جهة والحياة البرلمانية من جهة أخرى، أصبح واقعاً على الجميع التعامل مع هذه الظروف التي تمر على البلاد، والتي تجعلنا جميعا نلتف حول قيادتنا مرة أخرى قولا وفعلا.

هذا الظرف الاستثنائي الذي فرض على البلاد هذه الأيام يجعلنا جميعا صفا واحداً تحت راية سمو الأمير كأب للسلطات وأب حانٍ لجميع الكويتيين، فلا يسعنا إلا «السمع والطاعة» والثقة بنظرة سمو الأمير وإدارته لشؤون البلاد، وفي الحقيقة وكون الأمر أصبح واقعاً علينا جميعا فوجب أن ننظر إلى المسألة نظرة تمحيص ثاقبة نستدل بها من مضامين النطق السامي الأخير على أمور عدة.

Ad

تطرق النطق السامي إلى أمور جوهرية كانت مثالا واضحا على سوء استغلال السلطة من بعض المتنفذين والساسة، والتي وضع لها أطر وخطوط عريضة كإعادة النظر بالمزدوجين، ومحاسبة سراق المال العام، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الهوية الوطنية ومن تم شمولهم بالعفو العام دون استحقاق، وهم مدانون بالخيانة العظمى كما تم ذكره في خطاب سموه بالحرف الواحد.

كل ما سبق ذكره أمور جيدة يجب العمل عليها الآن بل في زمن سابق بشكل جدي وحازم، ولعل التعليق الآن فرصة لرئيس الوزراء أن يعمل بصمت وهدوء على تلك الملفات وغيرها من رؤى جادة لتحقيق مصلحة البلاد كالتطوير العمراني والتنمية البشرية وتنوع مصادر الدخل والطاقة في دولة الكويت.

أما الحديث الآن عن الدستور والمواد المعلقة منه وكيف لتلك المواد ومراجعتها أن تجعل الحياة السياسية في ردة أم تقدم في المستقبل، فهو حديث سابق لأوانه، ولا يمتّ للواقع بصلة، والمهم الآن أن نواجه كلحمة واحدة التحديات والملفات الكبرى التي تواجه الشعب في تحسين عيشة المواطن، ورفع مستوى الخدمات، وتطوير الكوادر الوطنية، ويجب على الجميع الآن التعامل بواقعية، وكما يقول الإنكليز في لهجتهم الدارجة العامية (التعامل برأس بارد) مع الأحداث لتحقيق المصلحة العامة الوطنية بعيدا عن المناكفات والسماح لأطراف أن تتعدى وتتكسب مهما كانت الظروف.

لا شك أن النطق السامي ذكر وشخّص عدة مشاكل في الحالة السياسية البرلمانية داخل الكويت التي تمحورت في نقطتين جوهريتين، هما التعدي على صلاحيات مسند الإمارة، وتغليب المصالح الخاصة على العامة، ولا يمكن لأي شخص أن ينكر ذلك مما شاهدناه موخراً في الكويت.

وعليه يجب وضع تلك الأمور في الحسبان لأي عمل مستقبلي أو أي تعديلات دستورية لانتشال البلاد من حالة الجمود السياسي التي مررنا بها لسنوات طويلة.

حفظ الله الكويت أميراً وحكومة وشعبا، ونسأل الله تعالى أن تكون الأيام القادمة مليئة بالإنجازات والنجاح والتوفيق لما فيه مصلحة الأمة.