يقول أبو تمام:

وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود

قد ينطبق معنى هذا البيت على القضية الفلسطينية، فتلك القضية الجوهرية التي بدأت بالتلاشي والنسيان، خصوصاً بعد أن أقدمت بعض الدول العربية على الاعتراف بإسرائيل وتبادلت معها السفراء، اعتقادا منها أن مصالحها فرضت عليها ذلك،

Ad

إلا أن ما قامت به إسرائيل من أعمال إجرامية، تمثلت بقتل أكثر من 36 ألفا من مواطني غزة، غالبيتهم من الأطفال والنساء الأبرياء، ردا على ما أقدمت عليه حركة حماس من عملية أسمتها طوفان الأقصى، نجم عنها احتجاز الحركة لأكثر من 200 رهينة إسرائيلية، وقتل أكثر من ألف إسرائيلي، كما تدّعي إسرائيل.

قد تكون حماس قد أخطأت بما قامت به إلا أن ردة الفعل الإسرائيلي وما قامت به وما زالت تمارسه من أعمال إجرامية وحشية، امتدت أكثر من سبعة أشهر، تمثلت بقتل آلاف الأبرياء من المدنيين، وهدم المنازل والمستشفيات على ساكنيها، وتهجير قسري للسكان من مدنهم.

حركت تلك الجرائم الوحشية التي تمارسها إسرائيل الضمير البشري، فبدأ آلاف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأميركية والأوروبية بالتظاهر ضد تلك الحرب، مستنكرين ما تقوم به حكوماتهم من دعم معنوي ومادي لإسرائيل لتستمر في ذلك العدوان، ولما وصف نتنياهو المظاهرات ضد إسرائيل بالمعاداة للسامية، أجابوه نحن لسنا معادين للسامية، بل ضد الجرائم التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، فقد تفوقت تلك الجرائم على جرائم النازيين في الحرب العالمية الثانية، خصوصاً مع التطور النوعي الذي حدث في مجال صناعة السلاح.

على الشعب الفلسطيني أن يستغل تلك النغمة العالمية المعادية للوحشية الإسرائيلية، وبصفة خاصة التي انتشرت بين الشباب الأميركيين والأوروبيين، والتي لم نشهد لها مثيلاً طيلة الصراع العربي الإسرائيلي، إذ كانت دائما إسرائيل تظهر نفسها بأنها الدولة الصغيرة والمعتدى عليها من الدول العربية، ومن المؤسف أن الإعلام العربي كان يساهم في ذلك، والآن تكشفت الحقيقة أمام العالم، فعلينا عموما والشعب الفلسطيني خصوصا إحسان توظيفها لخدمة القضية الفلسطينية.