يعتبر القطاع العقاري المحلي من اقدم القطاعات العقارية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، فكانت هناك وثائق تسمى بالعدسانية، التي تعد من أهم الوثائق التي توثق أملاك الكويتيين قبل إنشاء أجهزة حكومية تعنى بذلك، والتي يعود بعضها إلى سنة 1791 ميلادية.

وبالرغم من قدم هذا القطاع فإنه في المقابل يعتبر الاقل تطورا على مستوى دول الخليج، ويعاني العديد من الاختلالات وقِدَم القوانين، التي أصبحت لا تواكب التطورات الحاصلة من تكنولوجيا وسرعة في التنفيذ وشفافية في نشر المعلومات، كما أنه يعاني الفوضى في شتى مجالاته.

Ad

لاشك أن لذلك أسبابا عديدة ومنها، عدم وجود خطة واضحة ومعينة لتطوير القطاع العقاري، وعدم استقرار الحكومات المتعاقبة، اضافة الى عدم وجود جهة إشرافية واحدة، وهناك العديد من الجهات تعنى بالقطاع، مما أدى إلى تأخره كثيرا عن ركب التطور، الذي شهده العالم ودول الإقليم على وجه التحديد.

أوراق الكربون

ولا يزال القطاع العقاري يستخدم اوراق الكربون في تدوين بيعات عقارية بملايين الدنانير، ويفتقد الى العقد الالكتروني لتدوين الصفقات العقارية، في حين ان اتجهت جميع دول مجلس التعاون الخليجي الى تلك العقود، واصبحت تعمل بها وفق آليات انعكست ايجابا على جميع المتعاملين وعلى القطاع بشكل عام.

وتم تفعيل الدفتر الالكتروني في الكويت بشكل محدود على جزء من معاملات القطاع السكني، والخاصة بالصفقات المباشرة بين البائع والمشتري، ولم تشمل صفقات الورثة، اضافة الى انها لم تشمل باقي القطاعات العقارية الاخرى.

عقد إيجار موحد

كما يفتقد القطاع الى وجود عقد ايجار الكتروني موحد لإظهار القيمة الحقيقية للإيجارات، ويُنهي حالات التلاعب التي يمارسها البعض في العقود التقليدية.

وتطبق معظم دول العالم عقد الايجار الالكتروني الا ان الكويت فيها اكثر من 7 انواع للعقود الايجارية، ويمكن اضافة بنود اخرى بحسب الاتفاق، وهذا قد يؤدي إلى انتهاك حقوق احد الاطراف المشاركة في تلك العملية، إلا أن عقود الإيجارات الموحدة تكون بصيغة معيّنة لا يستطيع أحد التلاعب بها او تغيير محتواها، وهذا سيعمل على إنهاء العديد من المشاكل التي تواجه المستأجرين والمؤجّرين.

وكانت هناك العديد من الاجتماعات في وزارة التجارة والصناعة لدراسة اطلاق عقد الايجار الموحد، الا انها لم تستقر على رأي ولم يتم تنفيذه الى يومنا هذا، مما يعني استمرار الفوضى في قطاع الايجارات واستمرار العديد من الشكاوى.

كما أن هناك العديد من القرارات التي يحتاج إليها القطاع في هذا الجانب، ومنها تنظيم مهنة الوساطة العقارية، الذي يعاني الدخلاء الذين تسببوا في العديد من المشاكل للمتعاملين، ومهنة التقييم العقاري، حتى يتم ظهور القيمة الحقيقية للعقارات دون تلاعب أو تزييف للحقيقة.

نقل الملكية

من جانب آخر، يعتبر نظام نقل الملكية في الكويت من أبطأ الانظمة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، إذ تستغرق معاملة تحويل العقار من شخص لآخر في أحسن الاحوال الى شهر وربما تصل الى اكثر، وذلك لارتباط القطاع بأكثر من جهة وهناك العديد من المتطلبات التي تأخذ وقتا طويلا، ومنها استخراج شهادة الاوصاف من بلدية الكويت.

في حين يمكن انهاء معظم اجراءات تحويل العقارات في السعودية عن طريق منصة حكومية، يتم من خلالها تدوين عملية البيع ودفع حجز المبلغ، ومن ثم طلب اصدار الوثيقة، وقد لا تستغرق فترة ايام معدودة، وفي الامارات نجحت دائرة الاراضي والاملاك بدبي في الحفاظ على الزمن القياسي لإصدار ونقل الملكيات العقارية للمستثمرين في الإمارة خلال 30 دقيقة من قيام المستثمر بتقديم معاملته كاملة ومستوفية للشروط القانونية. ويعد زمن إنجاز تلك المعاملات في الدائرة ضمن قائمة الدول العشر الأسرع والأدق على هذا الصعيد عالمياً.

وهذا يجرنا الى حدث آخر لا يقل اهمية عن سرعة نقل العقارات، الا وهي المعلومات المتوافرة عن الصفقات العقارية، والتي تعتبر شحيحة، ومتأخرة جدا، وتحتاج الى شفافية وحوكمة كالتي تتوافر في سوق الأوراق المالية.

وقد تعرض القطاع العقاري خلال الفترات الماضية الى ربكة بسبب المعلومات التي يتم نشرها عن طريق ادارة التسجيل العقاري في وزارة العدل، والتي تحتاج الى افصاحات اكثر حتى يتسنى للمستثمر او الراغب في شراء منزل معرفة الاسعار الحقيقية.

وهناك ايضا اشكاليات عديدة بحاجة الى فصل في القطاع العقاري، ومنها تحويل البيعات العقارية التي تقل قيمتها عن 300 ألف دينار الى خبير الدراية، والتي ساهمت في القضاء على تلاعب البعض، ولكن ساهمت ايضا في عدم اظهار القيمة الحقيقية للعقارات ورفع أسعارها.

وتعمل كل دول العالم والإقليم على مراجعة القرارات والقوانين التي تخص القطاع العقاري بين فترة واخرى، وتسعى إلى تطويرها لتواكب الحاضر، الا ان القطاع العقاري المحلي يشرف عليه اكثر من جهة، وهناك تعارض كبير بين تلك الجهات، ومعظم القوانين والقرارات التي يعمل بها حاليا كان قد تم اقرارها منذ سنوات وأصبحت لا تتناسب مع التطور الحالي.