تحاورت مع عددٍ من رجالات الكويت، وطرحوا عليَّ سؤالاً واحداً: كيف تقرأ خطاب سمو الأمير؟

وكان جوابي واحداً: قراءة متفائلة!

Ad

نعم، فأياً كانت الزوايا أو الاعتبارات أو الأفكار التي تصاحب سماعي أو قراءتي لخطاب سمو الأمير، حفظه الله، فإن أصداءه المترددة داخلي تنتهي إلى نتيجة واحدة: إنها قراءة متفائلة!

فخطاب سموه جاء مطولاً ومشخصاً وفاحصاً لكل القضايا التي تؤرِّق البلد وترهقه لعقود طويلة.

وجاء محدداً لاختراقات متعددة للدولة، ومؤسساتها، وكيانها، ووجودها.

وجاء صريحاً وواضحاً في إلحاح معالجتها جميعها.

وجاء معلناً عدم السماح بانهيار الدولة، التي كُنا على مشارف أبوابه.

وسنكون عوناً وسنداً لكم في توجهاتكم الإصلاحية يا صاحب السمو لما فيه خير البلاد وأهل الكويت، ولتحقيق الإصلاح الذي يحلم به الكويتيون.

ولعلنا لا نختلف على أهمية وخطورة ما أورده سموه من قضايا، تتمثل بتجاوز أعضاء مجلس الأمة للثوابت والحدود الدستورية للسُّلطات، والتجاوز على اختصاصات الأمير، حتى تعثرت جهود تشكيل الحكومة بتهديدات غير منطقية، وإعلان استجوابات مسبقة، بل وصل إلى حق سموه المُطلق باختيار ولي العهد وترشيحه، ودور مجلس الأمة تالياً لا مسبقاً.

وجاء محدداً لاختراقات متعددة للدولة، وكيانها، ووجودها، مثل اختراق المؤسسات الأمنية والاقتصادية ومرفق العدالة، والتفريط بمصادر الثروة الوطنية، باقتراحات تسعى لهدرها، وتأكيد سموه أن لا أحد فوق القانون، ومَنْ نال من المال العام دون وجه حق سينال عقابه، ومن دخل على البلد على حين غفلة وتدثر بجنسيتها بغير حق أو انتحل نسباً غير نسبه أو يحمل ازدواجاً في الجنسية أو تزويراً لها، فلن يترك أمره دون حسم ومحاسبة، وكذلك تأكيده على الحفاظ على راية الديموقراطية خفاقة كما أراد لها المجلس التأسيسي.

ثم ختم سموه خطابه بحل المجلس، وتعطيل بعض أحكام الدستور لمدة أقصاها أربع سنوات، مع تشكيل لجنة لتقديم مقترحات تنقيح الدستور خلال ستة أشهر، ورفعها لسموه، لاتخاذ ما يراه مناسباً.

وقراءتي لخطاب سموه تفاؤلية، بأن غاياته ومقاصده واضحة ومحددة لإنقاذ الدولة من احتمالات الانهيار، وأن قرار سموه جاء للوفاء بمسؤولياته تجاه الكويت وشعبها، كونه رئيس الدولة، قبل فوات الأوان، خصوصاً أن أعداد المزورين والمزدوجين بلغت أرقاماً خيالية تجعل إرادة الأمة مشوَّهة في المجلس الأخير، والمجالس التي قبله، والمجالس التي تأتي بعده!

وأجد في الخطاب تأكيداً على أن المدة الزمنية اللازمة لتصحيح المسار وتطهير الملفات العديدة، بما فيها ملفات الجنسية من مزدوج أو منتحل أو مزور، ستكون مفصلية في جعلها أقل من الأربع سنوات، وأجدني متفائلاً بأنها ستكون سنة واحدة، وربما أزيد قليلاً، ومن ثم تتم العودة للأمة بانتخابات جديدة، بعد أن يتم إكمال الإجراءات والقضايا التي تحفظ للكويت كيانها ومنعتها.

ولئن أشار سموه إلى تشكيل لجنة استشارية تعينه على إعداد تصورات لتنقيح الدستور، وهو من اختصاصاته الدستورية الطبيعية والأصيلة وفقاً للمادة 174 من الدستور- فإني أيضاً متفائل، وأرى أنه على اللجنة أن تجتهد لتحقيق غايات ومقاصد تنقيح الدستور، بتبني بدائل وافية وعملية محبوكة وناجعة، من التعديلات التي تشمل قوانين الجنسية والأمن والقضاء والانتخابات، وقانون اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، انطلاقاً من التفويض الدستوري المقرر بالمادة 117 من الدستور، ليكون ذلك مسلكاً عملياً في وضع توجهات سموه في الوضع اللائق بها، وجعلها قابلة للتوافق والتنفيذ بتلك البدائل، لتصحيح كامل لكل الانحرافات والتجاوزات في العمل البرلماني، بما يضمن مساراً قويماً ورشيداً لمجالس الأمة مستقبلاً، وبما يُعيد للدولة ومؤسساتها مكانتها وهيبتها وأجهزتها الأمنية والاقتصادية والقضائية للقيام بمهامها على أحسن وجه، وغلق منافذ التعسف باستعمال الأدوات الدستورية في غير ما شُرعت له، وبعيداً عن الغايات الدستورية النبيلة، ومحاصرة الفساد ووأده، وغلق منافذ الاقتراحات المالية المتجاوزة للدستور للنيل من الأموال العامة، أو تبديدها، أو استنزاف مصادر الثروة الوطنية.

نعم، لكل ما سبق، فأنا متفائل بخطاب سمو الأمير، حفظه الله.