بالإضافة إلى مقالاتي عن المخالفات الكثيرة التي وقع فيها أعضاء مجالس الأمة الأخيرة، لم أُهمل أخطاء الحكومة الخطيرة خلال تلك الفترة، مثل الضَّعف والتردد وعدم هيمنتها على مصالح الدولة، كما ينص الدستور، وعدم قدرتها على تمرير قوانينها في المجلس، وسكوتها عن الألفاظ المسيئة التي تخالف قانون اللائحة، وموت إعلامها سريرياً، واستسلام كثير من الوزراء لطلبات بل وإملاءات النواب ومخالفاتهم الدستورية، خصوصاً استجواباتهم المعيبة التي لم تلجأ الحكومة بشأنها إلى المحكمة الدستورية، وكان هذا من أكبر الأخطاء.
أما الآن، فنحن على أبواب مرحلة جديدة، حيث ستتولى الحكومة السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما أدى إلى طمع الكثيرين في مطالبات هي أقرب إلى الأمنيات، سرعان ما قفزوا بها على السطح، فقرأناها في الصحف ووسائل التواصل.
ففي حين تتجه الأنظار إلى ضرورة حماية الهوية الوطنية بكشف المزوّرين والمزدوجين، اتجه آخرون إلى المطالبة بإلغاء القانون 94/44 الخاص بمن وُلد بعد اكتساب أبيه الجنسية الكويتية، رغم النص عليه في المذكرة التفسيرية للدستور، ويصر هؤلاء على عزل عشرات أو مئات الألوف من الكويتيين عن الحياة السياسية، رغم أن الآباء المؤسسين أعطوا حق الانتخاب للأب بعد عشر سنوات من الحصول على الجنسية (فما بالك بابن من حصل على الجنسية؟)، كما أن هناك من يرى عزلهم عن كل المناصب الحكومية القيادية.
وهناك من يرى في الظروف الحالية فرصة للتوسع في الحريات من دون النظر في شرعيتها، لأنهم يرون أن وجود الإسلاميين في المجالس السابقة أدى إلى تقليصها، كما أن هناك من يطالب بتحجيم الجمعيات الخيرية وفرض مزيد من الرقابة عليها وتحديد عملها وتبرعاتها.
وفي الجانب المقابل، هناك من يرى أن الظروف مناسبة للمطالبة الآن بمزيد من القوانين الإسلامية وأحكام الشريعة في أي تنقيح للدستور أو القوانين القادمة.
وفي حين يرى بعض المهتمين بالاقتصاد أن الأوضاع الحالية فرصة للإصلاح الاقتصادي وجلب المزيد من الإيرادات المالية وتقنين المصروفات والدعوم وإيقاف اقتراحات النواب التي تستنزف المال العام، يطالب آخرون بسرعة إقرار وإنفاذ قوانين الزيادات والهبات والقروض الحسنة لكي تكسب الحكومة الجديدة الشعبية العارمة، بعد أن فشل المجلس في إقرارها.
هكذا يتمنى كل فريق مطالبات متعارضة مع مطالبات الفريق الآخر، ولا يمكن بالطبع أن توافق الحكومة على جميع هذه المطالبات المتناقضة، لذلك لا نملك إلا أن نقول: الله يعين الحكومة على مطالبكم أو على الأصح أمنياتكم.