هل ستبدأ أزاميل الإبداع بنحت تماثيل عبقريتنا؟
كما قلنا في مقالنا السابق بأن الخصخصة ستقلص عدد الموظفين في وزارة التربية من 130 ألفا إلى 8 آلاف، وفي وزارة الصحة من 60 ألفا إلى 5 آلاف، وفي وزارة الكهرباء والماء من 30 ألفا إلى 2000 موظف.
وهذه تعد أضخم الوزارات من حيث عدد العاملين، وستوكل الخدمات التي تقدمها هذه الوزارات الى القطاع الخاص في ظل هيمنة مبدأ المنافسة ووجود مظلة حماية المستهلك، وقبل هذا وجود عمليات الرصد والتقييم والتوجيه الذي تقوم به جهات احترافية وفق أدق وأوضح المعايير لمحاسبة أي جهة تنحرف عن الأداء المطلوب، وإيقاع المخالفات وربما إيقاف النشاط.
وهنا لا بد من التركيز على مسألة بسط سلطة الرقابة والمتابعة من أجهزة غاية في الاحترافية والخبرة، وبتخويل قانوني يتيح لها سلطة التحقيق والمحاسبة والمخالفة والإحالة للقضاء، وأهمية هذه المسألة تنبع من القناعة التي ستترسخ بمبدأ وخيار الخصخصة لأن الخوف لدى الناس بأن الخصخصة ستفضي للاستحواذ وسيطرة قلة متنفذة، والأمر ينطبق بالقوة والجدية أنفسهما على تنفيذ المشروعات الضخمة، وإيكالها للشركات العالمية والمحلية كتنفيذ المدن الإسكانية الضخمة بما يضمن الالتزام بالجانب النوعي والزمني والكمي، وبما يضمن أيضا متانة الضمانات على الجوانب المختلفة من الشوارع والبنية التحتية والمساكن، هنا نجد أهمية وحيوية الحضور الرقابي والقانوني الصارم حتى لا يتطفل على هذه المشاريع من لا يملك مقومات الالتزام بمتطلبات وضمانات هذه المشاريع والارتكان إلى النفوذ، فإذا ترسخ وتجذَّر الوضع الرقابي والقانوني الجاد فسينزلق قطار التنمية والبناء على قضبان التنفيذ الفعلي بكل سهولة وسرعة وسط ثقة شعبية عارمة تتقطع معها ألسنة خطباء التشكيك، وتكسد في هذه الأجواء بضاعة الشعارات الجوفاء.
نعم، لا بد من حفر ملامح جديدة على وجه الواقع المتحجر منذ عقود، واستعادة حيوية وعبقرية المجتمع الكويتي، وفي هذا السياق من الضروري أن نوجه الوعي الى أن ثمة تجارب رائدة في دول الخليج ستوفر علينا الوقت والجهد والتكلفة، ونملك شَتْلَها في بلادنا بعد تكييفها مع ظروفنا وإمكاناتنا، وأخُص هنا مشاريع المدن الإسكانية في الشقيقة المملكة العربية والسعودية، فأقترح أخذ آليات وإجراءات التطبيق والتمويل والدعم هناك، وقد قدرت في مقال سابق بأن التكلفة لن تتجاوز سواء في استصلاح الأراضي أو إنشاء البنية التحتية، وكذلك قيمة الدعم الحكومي للمستحقين للسكن الحكومي وعددهم 120 ألف مستحق، 4 مليارات دينار بدل 12 مليارا، وفق التكلفة الحالية المتمثلة بـ70 ألفا كقرض و30 ألفا كدعم.
ويتلخص مقترحنا في تقديم الحكومة الدعم لمسكن تبنيه شركات على 300 متر مربع بقيمة 70 ألف دينار وفق مواصفات محددة ووفق أحدث وأنسب طراز، وتعرضه على مستحقي السكن الحكومي، وهذا سيضطرها إلى بناء الأفضل والأكثر جاذبية للمشترين، والحكومة تقدم دعم 30% من قيمة الوحدة السكنية، فيكون الدعم 21 ألف دينار، والباقي تقسطه بنوك التمويل العقاري، وهي البنوك التي تقبل بشروط الحكومة، ومنها التقسيط لمدة 30 سنة وبربح 40% فيكون سعر الوحدة السكنية 49 ألفا وربح البنك 19.600 ألفا، فيكون القسط الشهري 190 دينارا علما أن تسلم البيت فور الزواج، وإذا كان التنفيذ يستغرق 4 سنوات فكل سنة تكلف مليارا واحداً.
وكذلك يمكن استنساخ تجربة السعودية في فرض نظام المرور الذي أنهى فوضى قيادة المركبات وقلت معه حوادث المرور الجسيمة بنسبة 52%، والقائمة من التجارب تطول، المهم أن نبدأ خطوات التغيير الفعلي، وأن نحسب الإنجاز بالشهور لا بالسنين، فجامعة نورة في 25 شهرا والبوليفارد في الرياض بالرغم من ضخامته استغرق إنجازه 10 أشهر، وهنا أذكر بتحويل جزيرة فيلكا إلى سانتوريني الخليج، حيث الآثار اليونانية واحتضانها أضخم مدينة ألعاب في الشرق الأوسط، عندها سننحت بأزاميل عبقريتنا من صخرة إمكاناتنا المعطلة تماثيل تبهر مايكل أنجلو.