وقفات واحتجاجات واعتصامات طلابية يشهدها عدد من الجامعات الغربية، عبّر فيها الطلاب عن مساندتهم للفلسطينيين ورفضهم للعدوان الإسرائيلي المستمر على غزة المحاصرة، هذه المواقف اللافتة لآلاف الطلبة من أصول وثقافات مختلفة تأتي دفاعا عن قضية إنسانية عادلة، في ظل صمت عواصم العالم الديموقراطي الحر وسكوتها عن إدانة جرائم ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ، قتلا وتشريدا وتجويعا.
جرائم صدمت بدمويتها عددا كبيرا من طلبة هذه الجامعات وأساتذتها، لكن مواقف عدد من عمدائها ومسؤوليها، من الذين وضعوا مصالح اللوبيات أولا، مثلت مفارقة علمية وتربوية غير مسبوقة، خصوصا أن الشرارة الأولى لهذه الاعتصامات طالبت بمقاطعة الدول والماركات الداعمة للاحتلال.
رئيسة جامعة كولومبيا، وهي من أصول عربية، وعلى عكس زميلتيها اللتين تم التحقيق معهما بمجلس النواب الأميركي وقدمتا استقالتيهما، خيرت الحفاظ على منصبها وقبلت التدخل الأمني، طبعاً لم تكن الوحيدة لكنها كانت من أبرز المواقف المنحازة والمدعومة من نواب ومجموعات ضغط تداعوا لإيقاف الاحتجاجات الطلابية التي توسعت رقعتها أميركيا، في حين كانت خيارات قمع الاحتجاجات عكسية، حيث انتقلت إلى عشرات الجامعات داخل أميركا وخارجها في كندا وفرنسا بريطانيا وأسكتلندا، ووصلت إلى سويسرا وبريطانيا وغيرها، في مشهد يعيد للأذهان احتجاجات حرب فيتنام التي كان لها تأثير بالغ لاحقا في قرار وقفها.
ورغم الدعاية الصهيونية التي بلغت أوجها باتهام نتنياهو للمتظاهرين بالعداء للسامية، وتلويح مسؤولين أميركيين بوقف إقامات ومِنَح الطلبة الأجانب المحتجين، وتحاول الإدارة الاميركية البحث عن مخرج ما لمأزق دعمها اللا مشروط لحكومة نتنياهو التي اختارت مواجهة الضغوط عليها بانتهاج سياسة الهروب إلى الأمام، وارتكاب مزيد من الجرائم في غزة.
وبالتزامن مع ورطة حكومة الاحتلال، تجندت وسائل إعلامية لقلب حقائق هذا العدوان، بادعاءات تساقطت مع انكشاف دوافعها، في حين لا يزال الانحياز الغربي لإسرائيل مستمرا، وذلك قرينة على حقيقة الكيل الدولي والأممي بمكيالين، وانحيار جزء من الإدارات الأكاديمية الغربية للوبيات المال والرضوخ لضغوطها.
هذه الحرب كشفت حجم نفاق بعض النخب الأكاديمية وحجم التغلغل الصهيوني في المؤسسات الإعلامية والعلمية، وهو ما يجعل من إعادة النظر بمواقف هذه النخب على المستوى العربي والإسلامي أمراً ذا أولوية.