لم أكن يوماً من عشاق المسلسلات، لكن الضجة التي أثيرت حول مسلسل «زوجة واحدة لا تكفي» شجعتني على متابعة حلقاته بقدر ما خدمني الوقت، وبعد أن تابعت أكثر من عشرين حلقة، لم أجد في المسلسل ما يستحق كل هذه الضجة إلا إذا كانت العملية مفتعلة والقصد منها تسويقي لا استنكاري، فتم تحويل التسويق إلى (باص) ركبه البعض دون انتباه.
الكاتبة رصدت نماذج بشرية غير سوية بطريقة توحي من خلال الأحداث رفض الكاتبة سلوكيات هذه النماذج، لكن تسليط الضوء عليها كان بمنزلة الاعتراف بالمرض من أجل البحث عن العلاج لا المكابرة، وبغرض إثباتها كحالة تساؤلية (كيف نتعامل معها)، لا إنكار وجودها رغم وجودها في كل مكان، ورغم تعاملنا مع بعضها كأمر واقع وظيفياً واجتماعياً وإعلامياً.
المسلسل (برأيي) عادي جداً ولا يستحق الضجة التي أثيرت حوله، ولولا الأداء الجميل لهدى حسين وسحر حسين وأحمد إيراج والشخصية الفنية البارزة الجميلة للمخرج لقلت دون تردد بأنه «عمل فني دون المستوى».
الكاتبة لم تكن مبدعة في كتابة النص، حيث لم تستطع الخروج من السردية الرتيبة التي التزمت بها، ولولا أن العمل كان مقيداً بحلقات محددة لأمكنها الاستمرار بهذه السردية دون نهاية ولعشرات الحلقات، لأن النهاية لن تكون إلا في (عسف) النص لإيقافه لا للوصول به الى نهاية منطقية تتميز بالتشويق.
ولو ركزت الكاتبة على البناء الفني للنص وتركت بعض الجمل التي حاولت من خلالها أن (تتفلسف) لربما نقلت النص من حالة الهذيان التي عاناها إلى دراما فنية مشابهة للأعمال الكويتية التي تعود المشاهد على متابعتها في رمضان، فمن خلال الجمل الفلسفية التي فقدت العمق جعلت المتابع بدل أن يتأمل فضاء هذه الجمل يتساءل (ما الذي تقصده؟).
لكن مهارة الكاتبة كانت واضحة في وضعها ملامح محددة وواضحة لشخصيات النص بشكل لا يوقع المشاهد في بحار التيه، ولو تفرغت الكاتبة لهذه المهارة ولتطوير خيالها الروائي، وهو أمر أعتقد أنها كانت قادرة عليه، لربما كان أفضل لها من الكتابة الفلسفية التي من الواضح أنه كار ليس كارها.
المسلسل لم يأت بنماذج اجتماعية غير موجودة أو مبالغ فيها، فكلها نماذج موجودة في مجتمعنا الكويتي ومجتمعاتنا الخليجية مثل الزوج النصاب والرجل المزواج والمرأة المطلقة والأخرى التي تبحث عن زوج ثري والأب المدمن والمدرس المنحرف، وما يحسب للمسلسل أنه أبرز هذه الشخصيات بطريقة تدل على انحرافها لا نموذجيتها ومثاليتها، وبغض النظر إذا كان النص مستسلماً لهذه النماذج، ولا علاجات ناجعة لها، إلا أن تعريتها بهذه الطريقة التي تم تقديمها يحسب للعمل وللكاتبة.
العمل لم يخرج عن النطاق السردي التقليدي الذي تعودناه في معظم الأعمال الرمضانية الكويتية وغير الكويتية، إلا أن المخرج أعطاه نوعاً من التشويق سواءً بحركة الكاميرا أو بالانتقالات الدرامية المشوقة.