المطلوب منا شعبياً كمواطنين بعد أن قال سمو الأمير كلمته واتخذ قراره في 10/ 5/ 2024م

نشر في 19-05-2024
آخر تحديث 18-05-2024 | 18:19
يجب أن نكون على قناعة تامة بأنه ليس هناك من وسيلة لتصحيح المشهد السياسي والبرلماني الحالي شديد الانحدار والتدهور إلا ما اتخذه سمو الأمير من خطوات إجرائية تصحيحية، ولعل في ذلك حلاً لتصحيح المسار وولادة عهد ديموقراطي جديد، كما وعد سموه.
 يوسف الشايجي

بداية، من المهم الإشارة إلى أن إجراءات حل مجلس الأمة وتعطيل العمل ببعض مواد الدستور كما جاء في الأمر الأميري لصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح في مساء الجمعة 2024/5/10 كان متوقعاً من قبلي وبسيناريو للأحداث مقارب لما تم، وقد دونت ذلك في مقال لي قبل أكثر من أربعة أشهر وتحديداً في 2024/1/14، ولكن لم يتسن لذلك المقال أن يُنشر حيث «تحفظ» الإخوة القائمون على جريدة (الجريدة) على عنوان المقال ومضمونه، حيث كان عنوانه «فتح ملف الجنسية وعلاجه بالضرورة يستوجب تعطيل مجلس الأمة»، مبرراً ذلك العنوان بالعلاقة الوثيقة والمباشرة بين تنظيف سجل الجنسية الكويتية من المزورين والمزدوجين هو في الوقت نفسه تطهير للقيود الانتخابية من العبث والتزوير اللذين حلا بها للوصول إلى انتخابات نزيهة وشفافة.

القصد من تلك الإشارة وذلك التوضيح هو أن ما قام به سمو الأمير مساء الجمعة 5/10 كان متوقعاً ومتوافقا مع رغبة شرائح عديدة ومتنوعة من المواطنين.

صحيح أن هذا الحل وهذا التعطيل ليس قراراً عادياً ومقبولاً في كل الأحيان لكن الظروف السيئة التي مر بها البلد ومن خلال العديد من السنوات تراكمت فيها المشاكل وتضخمت وأصبح من الصعوبة بمكان معالجتها بالظروف العادية ومن خلال الوسائل الطبيعية والمعتادة، وللأسف كان للحكومات المتعاقبة ولمجالس الأمة المتوالية وخصوصا في العشرين سنة الأخيرة دورٌ رئيس في ذلك التدهور والانحدار الذي وصلنا إليه، وهو ما أشار إليه سمو الأمير أكثر من مرة منذ توليه سدة ولاية العهد والإمارة، وخيراً فعل قبل أن يستفحل الأمر.

ودون الدخول في تفاصيل خطاب صاحب السمو الذي تفضل بإلقائه مساء 5/10، أود أن أسجل تقديري لذلك الخطاب التاريخي، فقد كان جامعاً شاملاً ومستعرضاً كل الظروف والأسباب التي أدت إلى ما انتهى إليه من قرارات تاريخية.

ملاحظة، مخطئ من يشبه أو حتى يقارب بين ما تم في مساء 2024/5/10م، بما حدث في حل وتعطيل مجلسي الأمة في أغسطس 1976 ويوليو 1986، حيث كانت الظروف السياسية والبرلمانية لكلا المجلسين السابقين مختلفة تماماً عن المجالس الأخيرة، ففيما يتعلق بمجلس 1975 كان من أفضل مجالس الأمة إنجازاً وعطاءً، يكفي أنه مجلس تأميم البترول تلك الثروة النفطية الوطنية التي عادت بكل عوائدها المالية للشعب والدولة رغم قصر مدته الزمنية، وكذلك مجلس 1985 كان من أفضل المجالس الرقابية التي مرت في تاريخ الحياة البرلمانية، حيث في بداية عمله قام باستجواب وزير العدل وإقالته بسبب أمور متعلقة بالكارثة المالية التي هزت سمعة الكويت، وكان لها صداها الخليجي والعربي في السنوات الأولى من النصف الأول للثمانينيات من القرن المنصرم والتي عرفت بكارثة (سوق المناخ)، وكذلك التوصية بتكليف النائب السابق حمد الجوعان (رحمة الله عليه) بفحص كل ما يتعلق بكارثة المناخ لدى سجلات البنك المركزي، فكان مآل ذلك المجلس الحل والتعطيل رغم عمره الزمني القصير... فلا مكان للمقارنة إطلاقاً بين ذانك المجلسين وتعاطف المواطنين معهما وتعلقهم بهما، وبين مجالسنا الأخيرة ذات المردود السيئ.

ذلك من جانب ومن جانب آخر، دوافع السلطة العليا في البلاد أثناء وجود المجلسين المذكورين آنفا والغرض من تعطيلهما مختلفة تماماً عن دوافعها في الحل والتعطيل الأخير الهادف لإصلاح المسيرة الديموقراطية، ويكفي للتدليل على ذلك مراجعة أسباب حل مجلسي 1975 و1985 ومقارنتهما بما جاء في خطاب سمو الأمير في مساء الجمعة قبل الفائت.

كل ما تقدم أمور كان من الضروري التوقف عندها والإشارة والتذكير بها قبل الدخول في ما يجب علينا القيام به كمواطنين من دور إيجابي للرد على ما قام به سمو الأمير من إجراءات تصحيحية أخيرة، وهي تتمثل في الآتي:

- إرسال رسائل تأييد شعبية مؤيدة ومباركة للإجراءات الأخيرة، سواء أخذت شكل الإعلانات أو البيانات أو المقالات أو أي وسائل أخرى.

- يجب إيجاد آلية تواصل شعبي بين القيادة والشعب «مؤقتة» تحل محل مجلس الأمة المعطل على شكل وفود شعبية متعددة التمثيل تضم مجاميع مرتادي الدواوين والديوانيات، كونها برلمانات صغيرة (كما يطلق عليها) القطاعات الأهلية وأصحاب المهن والحرف المختلفة، الأندية الرياضية وممثلو جمعيات النفع العام، المجاميع والقوى والشخصيات السياسية على أن تتضمن تلك اللقاءات التأكيد والالتزام بما جاء بقرارات الحل والتعطيل الأخيرة، ومن أبرزها:

- ألا تتجاوز مدة حل مجلس الأمة وتعطيل بعض مواد الدستور الأربع سنوات كما جاء بقرارات سموه.

- أن يُقتصر التعديل المقترح لبعض مواد الدستور على الأمور الإجرائية التي ثبت من خلال ممارسة الستين عاما الماضية صعوبة تطبيقها أو الالتزام بها، وكانت معوقاً للعلاقة بين السلطتين مثال، النائب (المحلل) في تشكيل الحكومة فيقترح:

1- ألا يكون هناك إلزام للحكومة ليكون في تشكيلها نائب «محلل» وكذلك ألا يلزم الخمسون نائباً ليكون من بينهم نائب محلل مخالف لرغبته، على أن يترك هذا الأمر اختيارياً للطرفين لا إلزامياً لهما.

2- وضع نصوص واضحة وجلية «للفترة الزمنية» المحددة لتشكيل الحكومة سواء المشكلة بعد الانتخابات النيابية وقبل بداية الفصل التشريعي أو المشكلة أثناء أدوار الانعقاد.

3- تصحيح وتوضيح للإشكالية المتكررة والمتعلقة في شرط ووجوب حضور ممثل أو ممثلين للحكومة لصحة انعقاد جلسات مجلس الأمة.

هذه بعض التعديلات على سبيل المثال لا الحصر.

وأخيراً ومن الأهمية بمكان يجب أن تكون جميع التعديلات المقترحة لإضفاء المزيد من ضمانات الحرية والمساواة، كما جاء في المادة (175) من الدستور.

إضافة إلى أنه ومن خلال تواصل وزيارات الوفود الشعبية المتعددة لصاحب السمو الأمير وسمو رئيس مجلس الوزراء يمكن أن تتبلور بعض القضايا الرئيسة والمتفق عليها بين الجانبين، بأن يتضمنها البرنامج الحكومي للأربع سنوات القادمة، وعلى أن تأتي السياسات الاقتصادية والمالية المرشدة للإنفاق والباحثة عن مصادر دخل بديلة على رأسها إضافة للقضايا الأساسية التي ذكرها سمو الأمير في خطابه الأخير، وهي المتعلقة بالحفاظ على الهوية الوطنية، وملاحقة مزوري ومزدوجي الجنسية، وكذلك ملاحقة سراق المال العام من خلال تطببق القوانين القائمة.

في النهاية وباختصار يجب أن نكون على ثقة بأن دافعنا لكل ذلك هو حرصنا على صيانة الدستور الكويتي وحمايته وتعزيز الحياة الديموقراطية الكويتية وتنقيتها مما أصابها من شوائب لحقت بها نتيجة الممارسة المغلوطة والسلوك النيابي المنحرف اللذين كانا نتيجة لفعل فاعل وعن عمد وقصد لتخريب التجربة الديموقراطية الكويتية، وليس أي دافع آخر.

كذلك يجب أن نكون على قناعة تامة بأنه ليس هناك من وسيلة لتصحيح المشهد السياسي والبرلماني الحالي شديد الانحدار والتدهور سوى ما اتخذه سمو الأمير من خطوات إجرائية تصحيحية، ولعل في ذلك حلاً لتصحيح المسار وولادة عهد ديموقراطي جديد كما وعد سموه.

back to top