«الجريدة.» تكشف تفاصيل الاجتماع الأميركي - الإيراني في عُمان
الوفد الأميركي هدد بتدمير أسلحة «حزب الله» النوعية إذ لم يسحبها من جنوب لبنان
أكد مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإيرانية صحة الأنباء التي تحدثت عن عقد لقاء إيراني ــ أميركي في سلطنة عمان خلال الأسبوع الماضي، مضيفاً أن اللقاء تم الاتفاق عليه بعد الاجتماع الأمني الأخير الذي حصل في السلطنة منذ نحو أسبوعين، وكانت «الجريدة» انفردت بالكشف عنه، في خبر تم تداوله في إيران بشكل واسع جداً.
وقال المصدر، الذي شارك في اللقاء، لـ «الجريدة»، إن كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط برت ماكغورك، ونائب المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران أبرام بالي مثّلا الولايات المتحدة في الاجتماع غير المباشر، في حين مثل إيران مساعدو وزير الخارجية، المدير العام لشؤون أوروبا وأميركا عيسي كاملي، والمدير العام لغرب آسيا وشمال إفريقيا مهدي شوشتري، والمدير العام للخليج في «الخارجية» الإيرانية محمد علي بك.
وحسب المصدر، تطرق الاجتماع إلى 4 ملفات، الأول، احتمال العودة إلى الاتفاق السابق حول الملف النووي الذي تم التوصل إليه خلال مفاوضات مسقط، والثاني، موضوع التهدئة في المنطقة خصوصاً في لبنان واليمن، والثالث، محاولات إيران العودة إلى السودان، أما الأخير فهو التعاون العسكري الإيراني ــ الروسي.
وعن الملف الأول، كشف المصدر أن الجانب الإيراني أكد استعداده لتنفيذ تعهداته في الاتفاق النووي والالتزام بتخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67 في المئة، والالتزام بسقف إنتاج الماء الثقيل واليورانيوم، شريطة أن تقوم الولايات المتحدة أولاً برفع العقوبات عن إيران، وفقاً للجدول المنصوص عليه في اتفاق 2015، موضحاً أن الإيرانيين أبدوا استعدادهم أيضاً للعودة إلى مفاوضات مسقط، ونصحوا واشنطن بالعودة إلى الاتفاق وتقديم ضمانات من بينها التعهد بعدم محاولة تفعيل «بند الزناد» الذي يسمح نظرياً بعدة عقوبات أممية على طهران.
ورفض الوفد الإيراني إخراج اليورانيوم المخصب بنسب أعلى من المنصوص عليها في الاتفاق النووي من إيران إلى دولة ثالثة، على أساس أنه ليس هناك ضمانات لعدم نسف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في حال فوزه بالانتخابات، أي اتفاق تبرمه إدارة منافسه الرئيس الحالي جو بايدن، لكن في المقابل، وافق الوفد على تخزين اليورانيوم والماء الثقيل في مخازن تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية تكون ممهورة بالشمع الأحمر بشرط اتفاق مكتوب يسمح لإيران بإخراج هذا اليورانيوم والاستفادة منه بمجرد أن تتوقف واشنطن، أو أي دولة أخرى موقعة على اتفاق 2015، عن تنفيذ تعهداتها.
محاور اللقاء:
1- المفاوضات بشأن الملف النووي
2- التهدئة الإقليمية خصوصاً في لبنان
3- «التسلل» الإيراني إلى السودان
4- التعاون العسكري الإيراني ــ الروسي
وشدد المصدر على أن الجانب الأميركي أكد أن تعليق العقوبات، في حال حصوله، لن يشمل بيع النفط الإيراني للصين، ومن ثم يجب على إيران أن تجد أسواقاً غير الصين، مضيفاً أن الوفد الأميركي أشار بوضوح إلى أن زيادة التعاون بين طهران وبكين لن يكون لمصلحة الأولى مستقبلاً، وهو ما فضل الجانب الإيراني عدم الإجابة عنه، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وعن الملف الثاني، كشف المصدر أن الوفد الأميركي طلب من طهران الضغط على «حزب الله» اللبناني لوقف تصعيده ضد إسرائيل، والضغط على الحوثيين لوقف حملاتهم ضد السفن في البحر الأحمر، مضيفاً أن الإيرانيين أكدوا أن التصعيد يمكن أن يتوقف فوراً بمجرد أن توقف إسرائيل عدوانها على غزة، إذ إن تل أبيب حالياً هي الطرف الذي يقوم بالتصعيد في لبنان لا الحزب، وعليها ألا تتوقع مواصلة عمليات اغتيال كوادر الحزب ولا يقوم الأخير بالرد عليها.
وأوضح أن الوفد الأميركي واجه الإيرانيين بأدلة على تسليم بلادهم إلى «حزب الله» أسلحة نوعية تتجاوز الخطوط الحمراء التي نص عليها ملحق سري أدى إلى تمرير القرار 1701 في مجلس الأمن الدولي الذي أوقف حرب 2006، مضيفاً أن الأميركيين طالبوا بضرورة سحب الحزب لقواته إلى شمال نهر الليطاني، وألا يهاجم الإسرائيليين في الجولان، غير أن الإيرانيين أشاروا إلى أن إسرائيل نفسها لا تلتزم بالقرار 1701 وتواصل الاغتيالات في لبنان وسورية، وبالتالي لا منطق وراء إلزام الحزب بتطبيق الاتفاقات في وقت يخالفها الإسرائيليون.
وكشف المصدر أن الجانب الأميركي عرض اقتراحاً ينص على أن تضبط إيران «حزب الله» في جنوب لبنان وتتعهد الولايات المتحدة بضبط إسرائيل للحيلولة دون حرب واسعة في جنوب لبنان يتوقعها المراقبون بشرط أن يسحب الحزب أسلحته النوعية التي تسلمها أخيراً ومنها الدفاعات الجوية والمسيرات البحرية ومسيرات هجومية متطورة وأنظمة رادار تشويش على الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية، وصواريخ دقيقة ثقيلة الوزن، وصواريخ مشابهة لصواريخ الستنغر والجافلين الأميركية.
وأضاف أن الأميركيين قالوا إنهم ملزمون بضمان استمرار التفوق الإسرائيلي الميداني، وأنه في حال عدم قبول الحزب لسحب هذه الأسلحة دبلوماسياً، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها مضطرون لتدميرها، مؤكداً أن الوفد الإيراني رفض في المبدأ سحب الحزب لهذه الأسلحة وكذلك التهديدات الأميركية.
وبشأن الملف الثالث، فقد اتهم الوفد الأميركي الإيرانيين بتعقيد الحل السياسي في السودان وتغذية الحرب الأهلية هناك عبر تسليم إيران مسيرات لأطراف الصراع، وكان رد الوفد الإيراني بأن طهران تبيع الأسلحة بالشروط المعمول بها في الأسواق الدولية.
وأخيراً، ووفق المصدر، طالب الأميركيون الإيرانيين بالحد من مستوى تعاونهم العسكري مع روسيا وواجهوهم بمعلومات وأدلة عن زيادة طهران لكميات الصواريخ والمسيرات التي تستخدمها موسكو في الحرب بأوكرانيا، وهي الاتهامات التي رفضها الجانب الإيراني، واتهم في المقابل واشنطن بالاستمرار في صب النار على الحرب الأوكرانية عبر الإصرار على الحسم العسكري.