أشعر بالأسف على المعترضين على حل مجلس الأمة، ليس لأنهم حرموا من التعبير عن رأيهم، فهذا أمر مفروغ منه، ولكني أشعر بالأسف والأسى لهم لأنني لا أجد مبرراً مقبولاً ولا منطقياً لمعارضتهم.

وضعت نفسي في مكانهم، محاولاً الدفاع عن مجلس الأمة... وتورطت... تورطت، إذ لم أجد سبباً مقنعاً لمعارضة حل مجلسهم، أو دافعاً منطقياً للاصطفاف خلفه والدفاع عنه. ممكن الدفاع عن بعض مجالس الأمة السابقة، ولكن ليس كلها، وبالذات المجالس الأخيرة، فأغلبها لم يقدم إنجازاً، اللهم إلا المجلس الأول الذي رفض اتفاقية «تنفيق العوائد النفطية»، وأرشد الحكومة إلى تعامل وطني أفضل معها. وطبعاً المجلس الثاني مزور ولا يعتد به أصلاً. المجلسان الثالث والرابع هما اللذان يعتد بهما وبإنجازاتهما، بدءاً بتحديد إنتاج النفط إلى تأميمه إلى إنشاء مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

Ad

بعدها بدأ تعديل الدوائر ومعه هلت علينا مجالس النكبة... ونواب الخدمات، وبدأ تخطي الدستور وتجاهل المبادئ الديموقراطية بالإضافة إلى الاعتداء على الثروات القومية واستنزاف الاحتياطي العام على المنح والعطايا الانتخابية التي استخدمتها حكومات الشيخ سعد والمتعاونون معها للتغطية على عجزها وعلى عجز المجلس. وأخيراً مصادرة الحريات بقوانين المرئي والمسموع وقانون المسيء... وآخراً مسرحيات محمد المطير والإصرار على علنية التصويت في انتخابات الرئاسة.

لا يمكن الدفاع عن مجالس الأمة، خصوصاً المجلسين الأخيرين، فلا إنجاز ولا رصانة أو حصافة سياسية تُذكَر، بل مهازل ومسرحيات سخيفة أبطالها كومبارس وعرائس يحركها البعض.

لهذا السبب نجد أن هناك صمتاً مطبقاً، وموقفاً مرتبكاً للنواب المؤيدين للمجالس السابقة، ولهذا السبب أيضاً تركزت الاعتراضات في انتقاد عدم دستورية الحل، أو على الإخلال بالعقد... مع أن هذا أمر متفق عليه ولا خلاف فيه، فتعطيل مجلس الأمة هو الطريق الوحيد لإنقاذ البلد وتحريرها من أسر مجاميع التخلف التي اختطفتها منذ عقود. المعارضون ركزوا فقط على دستورية وشرعية الحل ولم يجرؤ أحد على الدفاع المباشر عن مجلس الأمة أو التحذير كما جرت العادة من تغييبه والتفرد بالقرار، فالمؤيدون لمجلس الأمة يعلمون قبل غيرهم أنه كان أداة تخريب وتعطيل ولم يكن منذ عقود أهلاً للتشريع أو الرقابة أو الائتمان الحقيقي على مصالح الأمة... ولهذا كله وأكثر... كان حله واجباً، ووقف إساءاته ضرورة و«فرقاه عيد».